كتب : عبدالله أحمد السياري الاصغاء بتمعن ومصداقية واهتمام يشيع الطمانينة والثقة بالنفس لدي المتحدث ويستدعي لديه امكانات وطاقات لم يكن يعرف انه يمتلكها ويطلق مشاعر يفيده اطلاقها. ودرجة اطلاق هذه الطاقات-كماً وكيفاً- تزيد بدرجه مقام ومركز وأهمية الصاغي الفعال بالنسبة إلى المتحدث –كأن يكون طبيبة أو استاذة أو رئيسة أو اباه. وقد قال الطبيب الشاعر الامريكي اوليفر وندل هولمز ما يمكن ان يعني بان "المعرفه تؤٌسس للكلام والحكمه تؤٌسس للاصغاء" وانا هنا اتحدث عن ما اسمية الاصغاء الفعال" او الاصغاء المؤثٌر" وساعٌرف عنه واصنفه لاحقاً.
وقد انتبه اطباء واخصٌاؤا النفس لذلك فجعلوا "الاصغاء الفعال" او الاصغاء المؤثٌر " حجر زاويه في تقييم المريض وعلاجه. وانتبه اخصاؤا الاجتماع لذلك ايضاً فأوصوا به في تعامل الأباء والأمهات مع اطفالهم مهما كانت أعمارهم وانتبهوا اليه كذلك فجعلوه-اي الاصغاء الفعال - اساس من اسس جلسات "العصف الذهني" واسلوب من اساليب "وساطة حل النزاعات". حتى ان بعض خبراء المفاوضات الصعبهةومتدخلي الأزمات يرون في "الاصغاء الفعال " سنداً ومساعداً وعونا. لهم في ما يعملون.
والملفت ايضاً ان اهمية الانصات والاصغاء ولج الى عالم السياسة وعالم ادارة الأعمال والتجاره وقد اهتم السياسيون واهل التجاره بامر الاصغاء لأسباب مشتركة اذ ان العالمين (عالم السياسة وعالم ادارة الأعمال) همهما –في اخر المطاف- واحد -كسب الشهره والرواج وتحقيق الفائده ولايتم ذلك الا بارضاء مشتري السلعة او الخدمو ( وتلك في حالة السياسي تعني كسب الأصوات في الانتخابات).
وان اردت ان ترى امثالاً للاستفادة الفاعلة للاصغاء كاداة للنجاح في السياسة فما عليك الى ان تشاهد مقاطع فيديو تريك كيفية الاصغاء التي يستعملها من يُعتبرون الان اكثر السياسيين شهره في التاريخ الحديث في التواصل من امثال ريجين وتشرشل واوباما وكلينتون وبلير.
وفي عالم التجارة الان مؤلفات كثيرة ونصائح عديده حول اهمية الاصغاء خاصةً في عالم المبيعات. فالبائع الحذق يستفيد من الاصغاء في معرفة طبيعة العميل الذي هو في طور اقتناصه وسمات رغباته وحاجاته ومن ثم استغلال ذلك في اتمام الصفقة وهو في ذلك يستعمل-الى درجة ما- مزيج من مما اسميهما "الاصغاء الايحائي" و"الاصغاء الجوارحي" ولكنه في حقيقية الأمر يركن في الاساس الى ما أسميه اسلوب "الاصغاء الانتهازي" او"الاصغاء المرتزقي". واسعود الى هذه الانواع المختلفة من "الاصغاء الفعٌال" لاحقاً في المقال.والاصغاء-ليكون فاعلاً- ليس بفعل سلبي بل هو فعل ايجابي بامتياز وارقاه درجة او ما اسميه"الاصغاء الفعٌال".
لا اشك للحظة ان عامل الوقت وقلٌته –لدي الطبيب المشغول-هو احد الاسباب في افه ندره"الاصغاء الفعٌال". لديه ودنو جودته الا انه –اي قلٌه الوقت- ليس العامل الوحيد بل لعله – حتى- ليس العامل الحاسم في ذلك.العامل الحاسم –في نظري- هو فن الاصغاء وجودة "الاصغاء الفعٌال وقد ارتايت تصنيف مكونات "الاصغاء الفعٌال الى اصناف عده : 1. "الاصغاء الايحائي" او "الاصغاء التحفيزي" وهذا اكثر ما يكون نافعاً واشد تاثيرٍ عندما يكون المراد تاييد موقف المتحدث وحثه على اتخاذه.( وفي حاله التواصل بين الطبيب والمريض يثبت هذا الصنف جدواه عندعملية اتخاذ المريض قراراً مستنيرا للتدخل الطبي من عدمه) وهذا النوع من الاصغاء دائماً ما يتخلله هز خفيف للرأس وابتسامات خفيفة ومشجٌعه من الصاغي يعبر بها عن التاييد لما يسمعه والتشجيع على المضي قدما في القرار.. 2. "الاصغاء الحيوي" او "الاصغاء الجوارحي"— وهذا اكثر مايكون نفعاً واشد مايكون تاثيراً عندما يكون المراد التعبير عن المواساه من اعماق الصاغي ( وفي حاله التواصل بين الطبيب والمريض يثبت هذا الصنف جدواه في الفتره التي تلي ابلاغ الطبيب المريض او اقربائه خبرا محزنا.) هذا النوع من الاصغاء دائماً ما يتخلله كلمات محدودة من الصاغي ذات طابع روحاني وقد يستعمل فيها الصاغي اصنافاً من اللغه الجسديه كالاحتضان او وضع يده على كتف المتحدث او على يده. 3. "الاصغاء التبادلي" او "الاصغاء التشاركي" وهذا اكثر مايكون نفعاً واشد مايكون تاثيراً عندما يكون المراد التعبير عن "التعاطف" او "التمقص الوجداني" الذي كتبت عنه في مقال سابق.( وفي حالة التواصل بين الطبيب والمريض يثبت هذا الصنف جدواه عندما يبدي المريض او اقربائه مشاعرا قوية و متضاربة كالحزن والغضب والخوف وخيبة الاأل والانكار). .هذا النوع من الاصغاء دائماً ما يتخلله كلمات محدودة من الصاغي يعبر بها عن الفهم بما في ذلك اعادة بعض جمل المتكلم في صيغه سؤال او تاكيد. 4."الاصغاء الانتهازي" او"الاصغاء المرتزقي". وهذا اكثر مايكون نفعاً واشد مايكون تاثيراً عندما يكون المراد استغلال المتحدث لعمل شىٍ ما فيه مصلحه للناصت بالدرجة الاولى ( وان كان هنالك ايضاً فائده للمتحدث) ويستعمل هذا الاسلوب في الاصغاء السياسيون لاعلاء شعبيتهم ويستعمله ايضا الباعه للترويج لسلعتهم وتحفيز شرائها ( وفي حاله التواصل بين الطبيب والمريض يثبت هذا الصنف جدواه في اطار الطب التجاري عندما يكون دون المستوى الأمثل من الناحية الأخلاقية) هذا النوع من الاصغاء دائماً ما يلازمه هز شديد ومتككر للراس مع ابتسامات عريضة مبالغاً فيها من الصاغي توحي بالاعجاب.
ويجب التنويه –على شئيين مهمين- هنا وهما انني عندما اتحدث عن ما سميته "الاصغاء الفعٌال" باصنافه الأربعة فانني اقول: i. ان هناك نوع اخر من الاصغاء- الذي في الحقيقة ليس باصغاء ولهذا لا ادرجة هنا وهو ذاك النوع الذي يتبادر للذهن فيه ان اصغاءاً حاصلاً بينما لاشي من هذا واقعاً بالفعل وكما قال الطبيب النفساني م.سكُت بِك " لا يمكنك ان تصغي ( او تدٌعي انك تصغي) وانت تفعل شيئاً اخر في الوقت نفسه". ii. ان كل ما ذكرته حول "الاصغاء الفعال" ينطبق على التواصل بشتى انواعه وصفاته وليس فقط عندما يكون الأمر متعلقاً بعلاقة الطبيب بمريضه كما حاولت ايضاحه.