تشكو صفيه من تقيؤ متككر يلازمه مغص مزعج في اعلى البطن يستمران عادةً ليومين ثم يختفيان لعده ايام ليعودان بعدها وهكذا وقد بدأت هذه الاعراض منذ سنة. زارت صفيه اطباءاً كثيرين وخضعت لفحوصات عديده ولم يتوصل الاطباء الى تشخيص مقنع لهاوساعود الى قصه صفيه في اخر المقال. التواصل وجوده العلاقه بين الطبيب والمريض اساسي للوصول الى التشخيص الصحيح ومهم لالتزام ومثابره المريض بنصائح وتوجيهات طبيبه. وقال مايكل بالينت مؤلٌف كتاب " الطبيب, مرضه والمرض" مخاطباً الطبيب " اكثر الاشياء تاثيراً على المرضي هو علاقتك بهم. عند قبولك لمعاينة مريض فانك تصبح جزءاً من علاجه. فتوخٌى الحذر واستخدم نفسك بحكمه"وجوده وفاعليه التواصل بين الطبيب والمريض يؤسٌس على ركائزعده اهمهما اثنتان. الاولى هي "الاصغاء" وهي ان ينصت الطبيب لما يقوله مريضه دون ان يقاطعه لمده زمنيه معقوله. ا
ثبتت البحوث في الولاياتالمتحده ان معدل الوقت الذي ينصت خلالها الطبيب لمريضه- في بدايه المقابله- قبل ان يقاطعه- لا يزيد عن 22 ثانيه. كما دلٌت البحوث الى ان الطبيب يعتقد انه يتواصل مع المريض بفعاليه عندما يتحدث اليه ويشرح له وينصحه بينما يرى المريض ان فعاليه التواصل تتجلى وترتبط بقدر زمن وحميميه الاصغاء من قبل الطبيب. وقد قيل " لقد اُفسدت محاولات كثيره للتواصل بكثره الكلام " ( روبرت جرينليف). الاصغاء للمريض واعطائه الفرصه الكافيه لقول ما يريد قوله يجعلاه يحس ان طبيبه يشعر باهميته له وهكذا تولد الثقه وهذا اول الطريق للتشخيص السليم وللعلاج الفاعل. وقد قال الطبيب المشهوروليام اوزلر " من المهم معرفه الرجل الذي اصابه المرض بنفس مقدار معرفه المرض الذي اصاب الرجل ". الركيزه الثانيه هي "التعاطف" او "التقمص الوجداني" الذي يختلف عن "المواساه" فالاولى ردفعل وتصرف معرفي وجداني سلوكي من قِبل الطبيب لتجربه (محنه) المريض والتاليه رد فعل وتصرف عاطفي من قِبل الطبيب لتجربه (محنه) المريض. "التقمص الوجداني" يُستشف منه "تفهم الشعور الذي يمربه المريض " ومن ثم ايصال هذا التفهم الى المريض ومشاطرته فيه بينما "المواساه" يُستشف منها "الشفقه على المريض" وشتٌان بين الاثنين في تاثيرهما على علاج المريض ونفسيته ومتن علاقته مع طبيبه. كيف –اذاً- يمكن للطبيب او غير الطبيب - ان يطور قدراته في "التقمص الوجداني"؟ احد المداخل الرئيسيه لذلك هو الادراك والوعي الكاملين بالتلازم الحياتي بين المحن عموماً والمحن الصحيه تحديداً مع شتى انواع المشاعر القويه والمتضاربه كالحزن والغضب والخوف وخيبه الامل والانكار. والمطلوب في هذه الحالات تفٌهم هذه المشاعر وحتى ان بدت مبالغاً فيها او انها غير منطقيه بل يجب على المتداخل استجلائها من المريض او اقاربه كان يسال عنها ويستدرج المريض الى الافصاح عنها. وقام بعض الباحثون بتطوير ادوات لقياس درجات" التقمص الوجداني" وباستعمال هذه الادوات تبين ان الطبيبات اعلى درجه من الاطباء واطباء الباطنه اعلى درجه من الجراحين والاطباء العاميون اعلى درجه من بقيه الاطباء. وقد افادت البحوث ان الطبيب الذي يتٌحلى بقدرات في التواصل عموماً وب "التقمص الوجداني" خصوصاً هو اكثر احترافيه ولديه علاقه متينه وايجابيه مع مرضاه كما ان هذه القدرات ينتُج عنها تشخيص اكثر دقه وامتثال المريض لنصائح وارشادات الطبيب وتعزيز رضا المريض في طبيبه و وتعزيز الرضا الوظيفي لدى الطبيب. وعوده الى الى صفيه فبعد سنه من الزيارات لعيادات الاطباء دون فائده تُذكر, قدٌر لها ان تزور طبيبه اتحاحت لها الوقت للخوض في اعراضها وكانت –الطبيبه- ممن يحسنون فن الاصغاء ولديها قدرات في التواصل و"التقمص الوجداني". فاكتشفت من اول زياره بان الاعراض التي تصيب المريضه تحدث في عطله نهايه الاسبوع (وتختفي في بقيه الايام) وهو الوقت الذي تلاقي فيه حماتها عند تبادل الزيارات. وعند الغور حول ذلك اكتشفت ان حماتها تعايرها باستمرار عن كونها لم تحمل برغم زواجها من ابنها بمده تجاوزت الخمس سنوات.