حول الاختراع الأخير للشيخ الزنداني: علاج الفقر (الذي لم يسجِّل بعدُ براءةَ اختراعه!) كنتُ قد تحدّثتُ في مقالٍ نُشرَ قبل ثلاثة أشهر، يجدر قراءته أوّلاً حتّى لا أكرّر ما قلتهُ فيه. هذا رابطه (أنظر: الزنداني، لينا عبدالخالق، وعلاج الفقر بالأعشاب (1)). p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"بعد "غزوة السفارة الأمريكية" في صنعاء ونهبها قبل 3 أيام، وموت أربعة يمنيين في تلك الغزوة (أنظر: اللجوء السياسي لغار حراء (2)) ظهر خبرٌ مفاجئ، تلاه ضجيجٌ صاخب: p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"أعلن ابن الشيخ الزنداني رسميّاً تسجيل براءة اختراع والده لعلاج مرض الإيدز (الاختراع ما قبل الأخير!)، رغم أن التسجيل قد تمّ في إبريل 2011! p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"تلا هذا الإعلان ضجيجٌ إعلاميٌّ هائل من أتباع الزنداني ل "تهنئة اليمن والعالم بهذا الاكتشاف العلمي الخارق!"، ودعا كبار الظلاميين في اليمن رئيس الجمهورية "لبناء مستشفى دوليّ خاص لعلاج الإيدز يقوده الشيخ الزنداني، لإنقاذ المصابين بالإيدز في أنحاء العالم!" ملوّحين في كل تهانيهم وضجيجهم بالموقع التالي الذي تمّ فيه تسجيل براءة الاختراع، والذي أرجو أن يتأمله القارئ بدقّة قبل أن أتحدّث عنه بعد قليل (أنظر: (3)). p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"يلزمني أن أقول كلمتين أوّلاً حول براءات الاختراع عموماً، ستساعد في إماطة اللثام عن الدجل الخطير الذي ينطوي عليه علاج الزنداني لمرض الإيدز: p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"من المعروف أنه يحق لأي إنسانٍ كان، في أي بلدٍ كان، تسجيل براءة اختراع. يكفيه في الأساس فقط أن أحداً قبله لم يسجّل نفس البراءة، وأن يدفع الرسوم المالية اللازمة لذلك. p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"بطبيعة الحال، تسجيل براءة اختراع لا يعني إطلاقاً صحّة الاختراع أو جدواه وفعاليته. كلّ ما يعنيه هو أنه لا يحقّ لآخر بعده ادّعاء تكرار نفس الاختراع. تسمح آلية تسجيل براءات الاختراع هذه بتسجيل عددٍ هائل من البراءات السخيفة (مثل براءة الاختراع الشهيرة لِجهاز لطم الدبر، رقم براءته: US6293874) أو البراءات الجنونية (مثل براءة اختراع "الموجات السلبية"!)، أو ما تسمّى "براءات اختراع المشعوذين"، مثل براءة اختراع حبوب نمو الشعر للأقرع، أو تضخيم النهدين للمرأة... p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"هناك مدوّنات ومواقع شهيرة على إنترنت تحوي قائمات لِبراءات اختراع سخيفة أو جنونية، أوبراءات اختراع المشعوذين. ولا شكّ أن مخترِع أية "خلطة" لعلاج السرطان أو الإيدز أو جنون البقر، في باب اليمن بصنعاء أو غيره من أنحاء اليمن، بإمكانه أيضاً، مثل الشيخ الزنداني، تسجيل براءة اختراع، إذا توفّرت له شروط ذلك!... p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"من السهل جدّاً للخبير العلمي تمييز مواصفات براءات اختراع المشعوذين. p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"لعلّ أوّل وأهم ما يُميّزها هو عدم وجود أي مقال علميٍّ حول الاختراع تمّ قبوله في مؤتمر أو مجلة علميّة دوليّين، "من الدرجة الأولى"، تديرهما لجنة تحكيم دولية. p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"النشر في مثل هذه المجلات والمؤتمرات صعبٌ جدّاً، لكنه المعيار الأهم الوحيد الذي يسمح سريعاً بفلترة الصدق من الدّجل في الأعمال العلمية الهامّة. p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"مثل هذه المؤتمرات معروفة وقليلة وشهيرة جدّاً. هي وحدها ما تعطي الاعتراف والشرعية لأي عملٍ علمي كبيرٍ ذي أهميّة. p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"(في جامعات الغرب يُعتبَر الباحث "منتجاً"، بكلّ ما يحمله ذلك له ولمختبرهِ وجامعته من أهميةٍ ودعمٍ مالي، عندما يستطيع نشر مقالين فقط كل 4 سنوات في مثل هذه المجلات والمؤتمرات الرفيعة المستوى، ذات تصنيف "الدرجة الأولى"، المعروفة والمتفق عليها دوليّاً. p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"هناك عدد هائل من الأساتذة والباحثين في الغرب لا يُسجَّلون في قائمة جامعاتهم ومختبراتهم كباحثين منتجين، رغم أن للواحد منهم أحياناً عشرة مقالات سنويّة، لكن في مؤتمرات أو مجّلات من الدرجة الثانية أو الثالثة. دون الحديث عن الغالبية الساحقة من المجلات والمؤتمرات العلمية بدون درجة). p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;" من ضمن ما يُمّيز براءات اختراع المشعوذين غالباً هو ذكر اسم جهة "علميّة" أخرى أو مكتب محامين بجانب اسم المشعوذ المكتشف. تأتي هذه الجهة غالباً من بولندا أو روسيا أو شرق أوربا أو جنوب أفريقيا. p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"ثمّ ما يميّز براءات اختراع المشعوذين أيضاً هو عدم التفات أية شركة منتجة أو أي مشروع دوليٍّ لها، لا سيما إذا كان مشروعاً دوليّاً شديد النفع والجدوى، مثل المشروع الدوليّ لِعلاج الإيدز الذي قدّمتْ الدول الغنية ستين مليار دولار لذلك قبل بضعة سنوات، وعقدتْ قبل شهرين مؤتمراً علمياً دولياً كبيراً وشهيراً جداً حول آخر التطورات في صناعة لِقاحٍ لعلاجه. p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"ثمّ لا شك أن أصغر اكتشاف في مجال علاج الإيدز أو أدنى براءة اختراع لعلاجه، لها قيمةٌ علميّة ما، ستُسِيل بطبيعة الحال لعابَ كلِّ الشركات الدولية المنتجة وشهواتها المالية الجامحة، وستثيرُ اهتمام كلِّ المواقع العلمية المتخصصة الشهيرة مثل موقع منظمات الصحّة العالمية وكبار المستشفيات والمختبرات العلمية في الدول المتطوّرة... p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"ثمّ آخر مواصفات براءات اختراع المشعوذين هي تهويلهم لخبر تسجيل براءة اختراعهم، ونشرهم أحيانا لصور تسجيلها والتذكير برقمها، لاستغلال جهل البعض بمدلول التسجيل، وإعطاء أهميةٍ ما لفحوى ما سجّلوه!... p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"بالطبع، كل هذه المواصفات التي تميّز براءات اختراع المشعوذين، تنطبق تماماً وبدقّة على براءة اختراع الشيخ الزنداني، كما تبدو من صفحة التسجيل أعلاه!... p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"لكن سؤالاً هامّاً جدّاً يُحيّرني، لا أعرف الردّ عليه شخصيّاً: p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"لماذا أعلن ابن الشيخ الزنداني عن تسجيل براءة اختراع والده بعد "غزوة السفارة الأمريكية" تحديداً، رغم أن تسجيل والده لبراءة اختراعه كان قبل أكثر من عام، في إبريل 2011 تحديداً؟ p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"ألأنهُ، بِخلق هذه الضجّة حول تسجيل براءة الاختراع، يريد، بكلِّ عدم براءة، أن لا يتحدّث الناس عن دور الشيخ الزنداني الشخصي في إطلاق الفتاوي الظلامية وتهييج الناس الذي أثّر حتماً في الدفع إلى "غزوة السفارة الأمريكية"، هو الذي لعب قبل ذلك دوراً إجراميّاً تاريخيّاً مميّزاً، بجانب علي عبدالله صالح وعصابته الكبرى، أثناء حرب 1994، بإطلاق فتوى تحليل نهب جنوب اليمن وسفك دم أبنائه؟ p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"ألم يأت نفس هذا الضجيج، قبل بضعة سنوات، عند بدء الإعلان عن "اكتشاف الزنداني لعلاج الإيدزّ"، في معمعان الحديث الدوليّ عن دورهِ كأبٍ روحيٍّ للرعيل الأول من قادة تنظيم القاعدة، مما وضع الزنداني حينها على قائمة المطلوبين من أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر؟ p style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"أليس في اختيار هذه المواعيد، وابتكار هذه الاختراعات الوهمية، تخطيطاً غير بريء قبل هذا وذاك، لتمويه انتباه الناس لدور الزنداني الظلامي، وإعطائه صفةَ "باحثٍ علميٍّ" تقيهِ من التهمات الظلامية والإرهابية، هو الذي لا يمتلك أدنى شهادة علميّة جامعية؟ div style="color: #304761; font-family: "arabic transparent"; font-size: 16px; font-weight: bold; text-align: justify;"الأهم والأخطر في كلّ ذلك الآن هو التالي: