لم يمر عام على نقل البنك المركزي من العاصمة السابقة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن والتي تفتقر الأخيرة إلى السيولة المالية في الخزينة ، حتى تهاوت العملة المحلية يوم وراء أخر لتصل إلى أدنى مستوى لها أمام الدولار.
وبعد محاولات بائسة وخجولة في الأشهر السابقة للحفاظ على سعر الفارق وتثبيته إلى "480" عادت العملة المحلية مجدداً في الأسبوع الأخير لتسجل أدنى هبوط لها وهو ما يزيد عن ال600 مقابل الدولار.
عدن الغد قامت بجولة ميدانية لتفقد حال المواطنين والتفتيش عن الأسعار واستطلاع آراء التجار وأصحاب البقالات والموطنين فيما يحدث وكيف يؤثر ذلك على سير حياتهم اليومية.
تفاقم العديد من الظواهر السلبية
أصبحت الحياة مريرة في مدينة عدن ، ومع الصعوبة المعيشية تفاقمت ظاهرة الشحاتة ، وعمالة الأطفال الصغار في الأسواق بإعمال لا تليق بطفولتهم البريئة ولا ترقى لها قوة أجسادهم الصغيرة.
رجال كبار في السن او شباب يفترشون الأرصفة ليلا للنوم فيه عوضا عن منازل تحتضن أجسادهم الهزيلة.
غيض من فيض من صورة الحياة اليومية في عدن والسبب الأول الوضع الاقتصادي الذي لم تشهده المدينة أبدا في تاريخها.
معلمون وأطباء ودكاترة يبرزون مخاوفهم من الوضع لذي ألت إليه المدينة ، ناهيك عن من لا يجدون عملاً لهم في القطاع الحكومي ولا يمتلكون راتب ثابت يسدون به رمق جوعهم. كيف يتغلغل الخوف الى أوصالهم مما ستؤول إليه أوضاعهم في الشهور القادمة إذا استمر نزيف العملة.
معلم يفترش الرصيف ليبيع الملابس ، سوق الحراج يكتظ بالناس الذين يهرعون إليه لبيع مقنيات منزلهم لسد رمق جوع أولادهم. مناظر بائسة يومية باتت تشهدها المدينة ويزادا الوضع بؤساً يوم عن أخر.
هبوط العملة ليست المشكلة الوحيدة
ومن خلال الجولة وحسب إفادات المواطنين اللذين اشتكوا من جشع التجار وأصحاب البقالات ومبالغتهم في رفع الأسعار في الأسبوع الأخير. يبدو ان هبوط العملة ليست المشكلة الوحيدة ، فجشع التجار في أوج قمته هذه الفترة طالما ليست هناك رقابة صارمة على الحكة الاقتصادية للشارع.
وعند الاستفسار عن الاسعار في العديد من البقالات ترى الأسعار متباينة تتفاوت من بقاله لأخرى في ومحاولة لمعرفة ذلك يكون الرد واحد ، التجار يرفعون الأسعار ونضطر نحن بدورنا للرفع على المواطن.
وهو ما يراه المواطنين تفسيرا لضلوع الجميع وتورطهم في المشكلة.
حيث أجمع حوالي 90% من الموطنين ان التجار يتحملون الجزء الأكبر من الارتفاع الجنوني لقيامهم برفع الأسعار أكثر من اللازم وهو ما يسبب أزمة حقيقية.
فيما يرى 5% ان ارتفاع الأسعار يطال جميع المجتمع من ضمنهم التجار و يعتقد البقية انه ما يحدث أمر أكبر من ان يفهمه المواطن البسيط.
وحين تم سؤال الشارع عن الحملة التي يتم فيها إيقاف البقالات والتجار عن البيع كانت للغالبية ترجيح لهذا الفعل. لاعتقادهم الجازم ان الحكومة لا تتعامل مع الأزمة الاقتصادية على الإطلاق لا بخصوص ارتفاع العملة الصعبة او الأسعار وان عدم وجود رادع حقيقي جعل المواطن ضحية سياسة الحكومة والتجار معاً.
الغلاء المستورد سبب مباشر
فيما يؤكد أصحاب البقالات ان لا يد لهم في ارتفاع الأسعار مشيرين الى ان عدن تعاني من الغلاء المستورد وذلك لاستيراد مواد التجهيز والمواد الأولية بالدولار وهو ما يسبب مباشرة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.
وبحسب إفادة التجار الذين اشتكوا بدورهم من ضعف القوة الشرائية معللين بانعدام السيولة ، وقال احد التجار ان المواطنين يحملوننا المسؤولية من ارتفع الأسعار فور هبوط العملة.
وشكى بعض التجار من المعاملة التي يعاملون بها من شركات هائل سعيد انعم حيث ان الشركة تعامل معهم بالدفع الفوري وهو ما ل يمكنهم من تخزين المواد الغذائية بشكل كبير وتجنب الإضرار الناتجة عن هبوط العملة مما يضطر بهم إلى رفع المواد الغذائية فور ارتفاع الدولار.
الفساد قرين للغلاء
وبرئ الأكاديمي علي أحمد ان هبوط العملة شكل اثر سلبي على حياة المواطنين في كل النواحي ، وخاصة في سبل عيشهم ، وحذر احمد من استمرار هبوط العملة الذي ينذر بحدوث كارثة ومجاعة حقيقة خاصة وان سكان مدينة عدن غالبيتهم من الناس البسطاء ومحددو الدخل الذين ليس باستطاعتهم خزن السلع الأساسية والتنموية كما يقوم به التجار وهو ما يفاقم هذه الأزمة عليهم بشكل كبير.
ويقول محمد منصور_اعلامي_ لم تعد هناك طبقة وسطى في مدينة عدن في ظل هذا الغلاء الفاحش/ الجميع أوشك ان يتحول إلى الطبقة الدنيا بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار والاستهلاك اليومي ، وحالة الطبقة المعدومة الدخل مأساوي جدا وكإرثي ، أتمنى من الجهات المختصة ان تقوم بعملها وتنقد ما تبقى من حياة المواطنين الجياع.
الكفاح لم يعد يجدي.
يقول المواطن احمد فهد لدي زوجه وأربعة أولاد وأصبح أمر توفير الاحتياجات الأساسية لهم يورق بالي ، استغنيت عن الضروريات لي لأقضي يومي ومرتبي لا يسد حتى الاحتياجات الأساسية.
ويتابع: لم يعد لدي حيلة لمواجهة الحياة ، بلغت أقصى مراحل التقشف. والكفاح لم يعد يجدي شيء كل يومي اقضيه في العمل والبحث عن ما يسد به رمق الجوع لأولادي.
تباين مخيف في الفارق بالخمس السنين الأخيرة.
قبل خمس سنين كان مبلغ "عشرون إلف ريال" يكفي لسد احتياجات الأسرة من الاستهلاك ألغدائي مثل" السكر والأرز والدقيق والبر والشاهي والزيت والغاز والصلصة والفول " واليوم بعد قيام الحرب وتدخل التحالف لإحياء الأمل في عدن والمحافظات المحررة ، تكاد الأشياء نفسها لا تكفي لها "80 إلف" ريال لشرائها.
وإذا استمر الدولار في الصعود، فأن ما كانت الأسرة تقوم بشرائه بمبلغ" العشرون إلف" قبل سنين ، لن يكون بالإمكان شرائه حتى ولو" بمائة ألف ريال". نظرا للارتفاع الجنوني الذي تشهده الأسعار بشكل مستمر.
وإذا ما تمت المقارنة فإن الأمر مخيف يتعدى حتى هبوط العملة المحلية ، ومع انعدام الرقابة ، وانعدام توفر الحلول للحد من نزيف العملة المحلية فإن الأمر ينبئ بكارثة اقتصادية اقوى ستأكل الأخضر واليابس في مدينة عدن سيذهب ضحيتها الآلاف من الأسر الفقيرة من منعدمي الدخل الثابت.