تعتبر العملات أهم مقياس أساسي في التعاملات الاقتصادية العالمية بين الدول لما لها من أهمية قصوى في عمليات التبادل التجاري في داخل البلاد ومع الخارج. و تخضع العملات المحلية الأجنبية كسائر السلع الأخرى لقانون العرض والطلب, فترتفع وتنخفض أسعارها حسب المعروض منها والطلب عليها. ويحدث كثيرا في الحروب والكوارث والأزمات, كما هو عليه الحال اليوم عندنا, أن يكثر الطلب على العملات الأجنبية كملجأ آمن لتوفير الحاجيات والمتطلبات في المستقبل, فترتفع أسعارها وتنخفض قيمة العملات المحلية. وفي إثره يشهد الميزان التجاري عادة تدهورا في الأول, لكن إنخفاض العملة المحلية يزيد من الطلب على الصادرات بعد ذلك ومن ثم يتطور. ومن الأسباب الحقيقية الأخرى وراء إنخفاض قيمة الريال وإرتفاع قيمة الدولار وباقي العملات الأجنبية في الجنوب الآن مثلا, هو الإفراط في طباعة العملة دون رصيد, بدون أن يتوفر في مقابلها وقيمها سلع وخدمات إضافية. وكذلك الفساد الإقتصادي والمالي المثمتل في سوء إستخدام الحكومة لأرصدة الجهاز المصرفي من العملات الأجنبية. وتعدد وكثرة البعثات الديبلوماسه في الخارج, والتعينات الجديدة التي لاتتوقف في السلك الديبلوماسي من أقارب المسئولين والحبايب, والسفه في الإنفاق عليها (بالعملة الأجنبية). والمبالغة في أحجام مرتبات وعلاوات ومكافآت وبدلات كبار المسئولين في الداخل والخارج, وتسديدها بالدولار, والفساد البين في تعاقدات شراء الطاقة الكهربائية المؤجرة بأسعار خيالية مزيفة, وفي عمليات استيراد المشتقات النفطيه. إلى جانب توقف تدفقات المساعدات والتمويل الخارجي لمشاريع التنمية. وتراجع تحويلات المغتربين. والتطور الطبيعي لهذا الفساد المالي هو زيادة الطلب على الدولار وصعوده, وتراجع وإنهيار قيمة الريال. ومن ثم أرتفاع أسعار جميع السلع والخدمات, كما يترتب عنه مباشرة انخفاض القوة الشرائية لمداخيل الناس من الأجور والمرتبات, حتى باتت لا تكفي تغطية حاجاتها الأساسية من السلع الإستهلاكية والخدمات الضروريه. . وفي الآمد القصير ينبغي على الحكومة أن تتصرف بعقلانية وشفافية, وبالإستعانة بالكوادر الوطنية الشريفة والكفؤة, بإجراء بعض التصحيحات العاجلة,. ومنها تعبيئة المواردالمحلية وفي مقدمتها إعادة تصدير الغاز والبترول. وترشيد نفقات الدولة من العملات المحلية والأجنبيية على اساس إحتياجات المجتمع المدني الأساسية, وتوقف النفقات السياسية المزيفة, وكذا السفه في الإنفاق على السفر والإستعراضات والإحتفالات والبهرجة والعطايا والبدخ الممجوج. وخضوح كل التصرفات المالية لمختلف قطاعات الملكية الحكومية والعام والمختلط للفحص والرقابة والمسآءلة. وفي الأزمات المالية يكون السلام محبب لإعادة الإستقرار الإقتصادي للبلاد وإجراء التصحيحات الهيكلية الازمة . وهنا على الحكومة في المدى المتوسط والطويل إستهداف التنمية الإقتصادية والبشرية, والعدالة الإجتماعية في توزيع الثروة, وإجراء التصحيحات الهيكلية المطلوبة.وتوسيع برامج المظلة الاجتماعية لحماية محدودي الدخل والطبقات الفقيرة.