أصبحت المبادئ التي لازلت متمسك بها والقناعات تؤلم من فقدوها.. وأصبحت كتاباتي عن قناعاتي البعيدة كل البعد عن أصحاب الدفع المسبق وعبيد الدراهم والريالات تؤذي أولئك الذين يسيل لعابهم أمام سيل الحوالات الجارفة التي تأتيهم من أرباب نعمتهم.. وأصبح إختلافنا مع البعض في وجهات النظر والأراء في نظرهم خروج عن الملة وإنسلاخ من الوطنية والهوية والإنتماء.. لم يعد الإختلاف هو من يفسد ود القضية،بل أضحى يدمر العلاقات، ويزرع الشحناء،ويوقر الصدور،ويزيد من حدة العداء، وينشر الحقد والكراهية في دواخل الكثيرين.. بات مجتمعنا الجنوبي (مشبّع) بهذه الآفة التي أستفحلت بشكل كبير بعد حرب العام2015م،وصار البعض يتعامل بهذه الثقافة الدخيلة أو الآفة المنتشرة بشكل مقيت وفج.. الإختلاف في الرؤى لم يعد صحياً في المجتمع الجنوبي لاسيما بين أصحاب الأقلام الذين بات معظمهم مجرد (إمعة) تسيره الدراهم والريالات،وتستحوذ على عقله وتفكيره،فبات يهاجم كل من يخالفه الرأي والتوجه،من منطلق قاعدة إن لم تكن معي فأنت ضدي.. بت أشك أننا قادرين على بناء دولة مدنية ذات توجهات وأفكار عده،وبات من المستحيل أن نستظل تحت سماء واحدة طالما ونحن نقاتل ونخاصم ونقذف ونسب ونلعن كل من يختلف معنا.. الإختلاف مطلوب، ولكن أن يتجاوز أعراف وأصول الإختلاف فهذه مصيبة وطامة كبرى،تؤكد بما لايدع مجال للشك أننا أغبياء (بإمتياز) طالما ونحن لم ننفتح على الآخر،ولم نتقبله ونحترم أراءه وأفكاره.. تفاجئت اليوم بمقال للمدعوه هدى العقربي التي لم أسمع بها أو أقرأ لها قط ذكرت عدد من الإعلاميين وانا من بينهم سلختنا من وطنيتنا وهويتنا وإنتمائنا دون سبب يذكر غير أنني كتبت عن قناعاتي ومايؤمن به قلمي وضميري،وبالمقابل ذكرت إعلاميين أكن لهم كل الود منحتهم صك الوطنية والإنتماء الجنوبي ونزعته مني أنا وباقي الإعلاميين.. أستغربت هذا المقال الأرعن الذي يروج لثقافة الفجور في الخصومة والعداء في الإختلاف والتوجه والقناعات،وكيف سمحت لنفسها أن تصفنا بهذا الكلام الغير مقبول أو مبرر دون حتى دليل مادي ملموس يؤكد كلامهم (الناقص) وتفكيرها القاصر.. لست هنا بصدد الدفاع أو الرد عليها (فأنا وأعوذ بالله من كلمة انا) يعرفني القاصي والداني منذ أن بدأت الكتابة وإمتطاء القلم أنني لا أحيد عن مبادئي وتوجهاتي ولا أملك من هذه الدولة بكل مؤسساتها غير كرامتي وأخلاقي وقلمي.. ولعل هذا السبب وأسباب كثيرة مشابهة له هي من جلعتني أكتب مقالي هذا وأوجهه لهذه (العينة) والشريحة من الناس وأدعوهم إلى ترك هذا الأسلوب الغير حضاري ولا منطقي،وأن ينفتحوا على الآخر إن أردنا أن نبني دولة مدنية ومجتمع راقي مثقف لايقتتل لمجرد إختلاف أو يتقاطع لمجرد توجهات وقناعات..