لمحة موجزة عن حياة العدني خلال بضع وخمسون من عمره . خلال الربع الأول من عمري ، تأثرت كثيراً بإسلوب حياة آبائنا وأجدادنا العدانية والجنوبيون في عدن الذين نشأت بينهم حيث كانت هناك سياة للقانون والنظام وكنا تحت الحكم الإستعماري البريطاني وكانت تلك الفترة هي أروع فترة من حياة شعب عدن . في الربع الثاني من عمري وأثناء حركة الإستقلال ، ظهر فجأة صنف جديد من الجنوبيين لم يكن موجوداً من قبل ، هذا الصنف لم يكن يفرق بين الخير والشر ، فكانت تصرفاتهم بلا رحمة ضد أهالي عدن وكانت ضمائرهم ميتة ، تم خلال تلك الفترة قمع حرية الأديان بما في ذلك الدين الإسلامي ولم تكن هناك حرية للتعبير ولا للصحافة . كان هناك مبدأ الحزب الواحد الدكتاتوري وكان القانون خاضعاً لسياسات هذا الحزب ، لقد عانى أهالي عدن تحت حكم هذا الحزب وخلف آثار سلبية لا يمكن محوها ولا يزال أهالي عدن يعانون من عواقب تلك الفترة إلى يومنا هذا . كانت تلك الفترة أسوى فترة في حياة أهالي عدن . في الربع الثالث من عمري ، عشت مع أبناء المحافظات الشمالية تحت سقف الوحدة ، يمكن تسمية هذه الفترة بفترة الديموقراطية الملتوية ممزوجة بنظام الأحزاب السياسية الحرة ، الحرية الدينية ، وحرية الصحافة والتعبير عن الرأي ، لكن الحقيقة الممارسة على الواقع كانت تتمثل في ممارسة الحكم من رجل دكتاتوري واحد، سادت في تلك الفترة الرشوة والفساد وأصبحت أسلوب حياة وللأسف تبنى الجنوبيون هذا الأسلوب بسعادة بل تفوقوا فيه عن إقرانهم من الشماليين. عانى الجنوب كاملاً من تلك الفترة وعانت عدن وأبنائها من تلك الفترة ولحق أبنائها الضرر الأكبر دون غيرهم ، ولا يزالون يعانون من عواقب تلك الفترة إلى يومنا هذا. وفي فترة الثمان سنوات الآخيرة من عمري ، كانت البلاد بأكملها سواء في الشمال أو الجنوب في فوضى عارمة ، هجمات إرهابية ، حروب داخلية متعددة ، وحرب شاملة مع تدخل أجنبي ، في هذه الفترة غاب القانون والنظام فلا أمان لحياة المواطنين ، ووصلت الإدارة تقريباً إلى درجة الصفر ، وتفشى الفقر بشكل كبير وكان سكان عدن أيضاً هم الأشد تضرراً في هذه الفترة. نور في نهاية ذلك النفق المظلم يتمثل بالكيان المرتقب لإهالي عدن ، فإن شعب عدن عازم على الإمساك بزمام إدارة عدن من أجل التخلص من الأضرار والإساءات التي تعرض لها خلال تلك الفترات المتعاقبة وحتى تتبوى عدن مكانتها الطبيعية مدينة تُدار بنظام وقانون وسيادة وهذا يصب في مصلحة البلد بأسره مهما كان شكل نظام الحكم فيه .