في البلدان الأكثر تخلفاً ، واليمن واحدة منها ، اعتادت المجتمعات على ردة فعل السلطات على احتجاجاتها لرفع الظلم بعقوبة أكثر ظلماً ، بحيث ينشغل الناس بالظلم الجديد الذي يصعب التكيف معه . ولعل ذلك هو السر في خضوع المجتمعات العربية لظلم سلطاتها لعدة عقود . لقد شاء القدر أن تقوم قيادة الدولة الجنوبية السابقة في عدن بتسليم الجمل بما حمل لقيادة الدولة اليمنية وتذهب معها - في زفة - إلى صنعاء ، وأن يكون الشعب الجنوبي في ذلك الظرف ك " الأطرش في الزفة " مع أنه كان يعلم أن الجمل جمَله والحِمل حِمله . وهكذا صار الشعب الجنوبي خاضع لسلطتين في آن واحد خلال ال 4 سنوات الأولى .. فترة كانت كافية للإعداد - بإحكام - للهزيمة العسكرية ، وتجهيز وسائل وطرق نقل القيادة الجنوبية إلى الخارج مع الإعدد للإقامة المريحة لهم .
وخلال أكثر من 15 سنة لاحقة لتلك الهزيمة ظلت ألسن القيادة السابقة مشلولة وعقولهم مشغولة عن الانتهاكات لحقوق الشعب الجنوبي في الحياة والأمن والتعليم والصحة والسكن والعمل ، والتدهور المستمر في كل نواحي الحياة .. ولم يكترثوا بما جرى من سلب ونهب وتدمير لمكتسبات الشعب الجنوبي في الدولة الجنوبية السابقة ؛ ولم يهمهم استنزاف ثرواتها . ولكن بعد أن وصلت الثورة الجنوبية ذروتها عام 2009 ، أفاقوا للمساومة السياسية على قضية الجنوب وفرض الوصاية على الشعب الجنوبي .
وموضوع التدهور المستمر والمتعمد لما كانت تملكه عدن من مولدات الكهرباء ، التي كان انتاجها يفوق حاجة عدن والمحافظات المجاورة لها من الطاقة ، ليس إلا استكمال لمخطط تدميري سابق لزيادة المعاناة ، وانتهاك متعدد لحقوق الإنسان بتعدد أغراض الكهرباء ، وعقاب جماعي لسكان عدن كمنطقة تعاني من ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة على مدار السنة .
لقد شهد على ذلك التدهور المتعمد الأخ الأمين العام للمجلس المحلي بمحافظة عدن نائب المحافظ السيد عبد الكريم شائف خلال مؤتمر صحفي في عدن الأربعاء 14 نوفمبر 2012 بتأكيده أن عدن ستشهد العام المقبل صيف حار للغاية وقد يكون كارثيا ، وقال أن مؤسسة الكهرباء في صنعاء لا تزال ترفض التوجيهات الرئاسية التي قضت بضرورة صرف مبالغ مالية لصيانة محطات توليد الكهرباء في عدن رغم مرور أكثر من عام على صدورها .
وأشار شائف إلى أن غياب الصيانة تسببت في خراب الكثير من المولدات الكهربائية بعدن ، وأن محطة الحسوة تراجع إنتاجها إلى 35 ميجا ، فيما تنتج المحطة الجديدة في المنصورة 15 ميجا فقط ومحطة المنصورة باتت تنتج 25 ميجا بدلا عن 40 ميجا . واتهم شائف جهات لم يسمها بأنها تعمل على عدم استقرار الأوضاع في عدن عبر استمرار أزمة التيار الكهربائي ، مؤكدا استحالة اجراء أعمال الصيانة خلال اشهر الصيف القادم . وحذر بانه بدون كهرباء لن توجد حالة استقرار وأمان .
وأخيراً ، إذا كانت عدن قد حُرمت من أي مشاريع انمائية في ظل الجمهورية اليمنية ، فكان يجب على السلطات في عدن ألا تسمح بتدهور مشاريع قائمة لا تحتاج أكثر من صيانة دورية ! .. وهل يعقل أن محطة الكهرباء في الحسوة التي كانت تنتج 166 ميجا وقابلة للتطوير أصبحت تنتج اليوم 35 ميجا فقط ، ومحطة المنصورة تتراجع من 65 ميجا إلى 15 ميجا ؟! . *خاص لعدن الغد