كان المفروض ان لا يتشعب الصحفي فتحي بن لزرق للرد على البخيتي، فتاه في الجواب و توّه نفسه، و توّه القارئ و لم يقترب من عقيدة الحوثي و تأثيرها عليه في الحرب و إمكانية الحكم. أدبيات الحوثي الدينية تقول: قامت الإمامة عند الزيدية على أساس فكري و شرعي يؤكد على حصرها في أبناء الحسن و الحسين، هذا القول جعله الإمام الهادي يحيى بن الحسين (نظرية)، ثم انتقلت النظرية إلى التطبيق. و كان جده القاسم بن إبراهيم الرسي يرى أن الإمامة مخصوصة و يستدل بما روي أن الإمامة في قريش و يعلل ذلك بقرابة قريش من الرسول صلّ الله عليه و سلم و يخرج بنتيجة من هذه القرابة أن أولاد فاطمة أكثر قرباً من بقية قريش إلى النبي صلّ الله عليه و سلم, و بنى على ذلك رأيه أن الإمامة في موضع مخصوص و هذا الموضع هو أبناء الحسن و الحسين. و مدوّن في كتبهم و مراجعهم و مصادرهم, و من أبرزها و أشهرها كتاب (الأزهار) للإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى المتوفى سنة 840ه حيث ذكر: "و يجب على المسلمين شرعاً نصب إمام: مكلف, ذكر, حر, (علوي, فاطمي) و لو عتيقاً لا مدعي, سليم الحواس و الإطراف, مجتهد, عدل, سخي, يضع الحقوق في مواضعها, مدَبّرٌ أكثر رأيه الإصابة, مقدام حيث تجوز السلامة, لم يتقدمه مجاب, و طريقها الدعوة, و لا يصح إمامان. و هذا اعتقاد جميع الهادوية قديماً و حديثاً يقول بدر الدين الحوثي: (الولاية بعد رسول الله صلّ الله عليه و سلم لعلي عليه السلام و من بعده لأخيار أهل البيت الحسن و الحسين و ذريتهما الأخيار و الولاية لمن حكم الله بها له في كتابه و سنة رسوله صلّ الله عليه و سلم رضي الناس بذلك أم لم يرضوا فالأمر إلى الله وحده و لا دخل للشورى). ما ذكرته أعلاه يا صديقي فتحي هو أس الأسس للحوثيين منذ أكثر من الف سنة، فلديهم مبدأ لايحيدون عنه و هو حكم البطنين، قد يصمتون عندما يضعفون و لكنهم لا ينسون حقهم الآلهي كما يدّعون، و لهذا بسبب حصر الإمامة في هذه السلالة و معها مبدأ الخروج تمزق اليمن كما أدى ذلك الخراب و الدمار و المشاكل و الفتن و الاضطرابات و المحن. لهذا لم يكن هناك داعٍ ان تناقشه في المشكلة اليمنية و الحروب الست و الوحدة و المطالبة بالانفصال، كل ما قلته لهم هم لا يهتمون به و لا يهتمون بمن يقوله ما دامه لا يؤمن بما يقولونه. و لكن لي بعض الملاحظات على موضوعك من حيث بنائه: 1. فأنت ذكرت في بداية موضوعك ان التحالف جاء لاستباحة اليمن و السيطرة عليه، و لكنك استحيت ان تقول للبخيتي ان التحالف أعلنها و منذ اليوم الأول انه أتى لوقف التمدد الفارسي الى داخل اليمن و خاصة سيطرته على باب المندب. 2. ذكرت في موضوعك ايضا انه بعد حرب صيف 1994م أن النظام الحاكم حينها كان يملك قدرة إيجاد الحل السياسي و الحقيقي لليمن و مشاكلها إلا ان الكثير من الإشكاليات و الممارسات حالت دون ذلك، و لكنك لم تتكرم علينا بتوضيح تلك الإشكاليات و الممارسات التي حالت دون إيجاد الحل السياسي والحقيقي لليمن ومشاكلها بعد حرب 1994م. ثم ذهبت للموضوع الانشائي الذي لا داعي له و كأنك تشرح تاريخ اليمن الحديث لطالب في الابتدائي، متحاشياً توجيه اصبع الاتهام لعنصرية الحوثي، إلى ان وصلت الى الفقرات التي تحدد فيها واجب الاعتراف بأربعة اعترافات وهي اعترافات شمالية بإمتياز لا دخل للجنوبيين بها، فالصراع منذ اكثر من الف سنة هو بين اهل الشمال، الا انه هان عليك الا ان تُدخل الجنوب في إحدى زوايا هذه الاعترافات، و هي ان ما يطالب به الجنوبيون من إنفصال لن يتحقق على ارض الواقع، و لكنك لم تفصح هل انفصال الجنوب يعتبر جزء من مشكلة اليمن؟ و من أخطاء بنائك للموضوع انني كنت اتابع الاعترافات الاربعة، و إذا بي ارى التأكيد الرابع و التأكيد الخامس بدون ان يكون هناك تأكيد اول و ثاني و ثالث، و لكن توجز كل هذه التأكيدات اننا في اليمن لا نريد ان نتدخل في شؤون الآخرين و لا يتدخلون في شؤوننا، و ان نتفق كلنا اليمنيون تحت رأية دولة جمهورية ديموقراطية عادلة لا يوجد فيها إلغاء و مصادرة و إقصاء، و كأنك نسيت ان كل خيرات الجنوب قد تمت مصادرتها من قبل الشمال، و تطالب الجنوبيون بالجلوس مرة أخرى؟. هل تتوقع يا استاذ فتحي ان البخيتي سيعترف لك بأخطائه، او انه سيبرر لك أخطائه و سيخبرك بالمعالجات الحقيقية لها؟ الخلاصة: عزيزي فتحي يجب ان تعلم ان الصراع في اليمن شمالاً لن ينتهي، الم تقرأ تاريخهم منذ نشوء دولتهم الأولى "الهادوية" في العام 897م و حتى 1597م تقريبا 700 سنة من القتال بين قبائلهم من أجل السلطة و الحكم. و بعدها الدولة "القاسمية" من 1597م و حتى 1889م تقريبا 292 سنة ايضاً قتال بين قبائلهم من أجل السلطة. إلى ان جاءت عائلة حميد الدين في 1889م و قامت عليهم ثورة سبتمبر 1962م اي 73 سنة، و كانوا في صراع دائم و غزوات رغم المدة القصيرة، صراع بينهم امتد 1065 سنة حتى 1962م، أضف اليه هذا الصراع الآن الذي أعادوه. لماذا لا تعتقد يا استاذ فتحي ان ما يحدث لهذه القوى الظلامية في الشمال منذ أكثر من عشرة قرون دليلا كافيا لاهل الجنوب ان يعودوا لجنوبهم و يبدأون التنمية بعيد عن هذه القوى الظلامية التي لن تهدأ الى قيام الساعة، لانها ثقافتهم ، الحرب و الحرب و الحرب. تحياتي لك استاذ فتحي بن لزرق الدكتور علي محمد جارالله 11 أكتوبر 2018