خاض صراعاً مريراً حول طريقة إدارة مؤسسات الدولة، قُوبل عمله بالعراقيل، ووضعت في طريقه الصعوبات، انبرى رئيس الوزراء السابق لفعل هذا، وكما قال في بيان استقالته "وجدت نفسي في حرب ضارية مع معسكر كبير للفساد كتائبه مدربة وحصونه محمية بحراسة يقودها رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر". كان رئيس الحكومة عقبة كأدا في طريقه إبان وجوده محافظاً لعدن قبل تقديم استقالته، وكان تماماً كما وصفه في بيان استقالته "يخطف الماء من أفواه الناس، والضوء من عيونهم" فساده المهول أكثر من أن يُحصى، لدرجة قيل في أوساط الشعب أنها الحكومة الأكثر فساداً في تاريخ اليمن الحديث، وهي بالفعل كذلك.
عدن العاصمة، ويفترض أن تكون نموذجاً مثالياً، عسكرياً وأمنياً واقتصادياً وإدارياً وخدمياً، لكن ما يحصل هو العكس، فهي الأكثر سوءاً في كل المجالات، زادها سوءاً الغياب الفعلي للدولة، والفساد المتفشي في مؤسساتها، واللامسؤولية التي هي عليها الحكومة، والنتيجة من هذا أنه لم يعد للمواطن من حياة يهنأ بها! باتت المعاناة تُلازمه من كل جانب، وفي كل وقت!
يأمل الناس في عدن أن يعود للحياة بريقها، أن تعود للدولة هيبتها، أن يأنس الناس بوجودها، أن ينالهم خيرها، أن تأخذ مؤسسات الدولة المسؤولية على عاتقها في تقديم ما يمكن تقديمه، ويهنأ المواطن بحياة مستقرة آمنة.
لا يمكن للحال أن يصلح في عدن، وهي التي لا زالت دون رأس يأخذ بها، يُصلح ما أفسده عديمي المسؤولية، دون سلطة تعي ما عليها من حقوق وواجبات للمواطن، دون قيادة تلتف للمواطن، وترفع عنه ثِقلَ ما يُعانيه. عدن التي تغرق في الفوضى والظلام والغلاء بحاجة إلى من ينتشلها، ويرفعها من قعر المعاناة، فقد أُثقل كاهلها، وزاد الحمل عليها، ولم يَعُد في مستطاعها تحمل المزيد.
الآلام التي يُعاني منها الإنسان في عدن خاصة، وسائر المحافظات بحاجة إلى أن نستشعر وجودها وصعوبتها على الإنسان هناك، بحاجة إلى أن تذوب كل الخلافات السياسية في إطار كبح جماح المعاناة المتزايدة، التي تُغذيها خلافات الساسة وصراعاتهم.
أمام هذا كله، لا زلنا نؤمن بأن عدن بحاجة ماسة لعودة عبدالعزيز المفلحي محافظاً لها، ومحافظاً عليها من طمع وفساد عديمو المسؤولية، والناس فيها ينتظرون هكذا عودة، لم تُتاح له الفرصة على أكمل وجه حينذاك، ولم تكن الظروف الداخلية والخارجية مهيأة ليؤدي عمله على النحو الذي يراه، وربما بات الآن الحال أفضل، والظروف إلى أحسن، فهل حانت عودته؟