لبان واشقائه في المهرة يكشفون لنا ليس الهشاشة والرداءة وعمليات النصب والاحتيال والغش في تنفيذ المشاريع وافتقارها لعناصر الجودة ووفق المواصفات والمقاييس الفنية والهندسية اللازمة فحسب؛ بل وتكشف افتقادنا لمنظومة هامة وحيوية جدا وتتمثل في انعدام وغياب (ادارة الكوارث والازمات والمخاطر) واسس كيفية التعامل مع مثل هذه الامور البالغة الصعوبة والتعقيد وفي الظروف الحرجة مكانيا وزمانيا .. وهذه الادارة عبارة عن سلسلة من المكونات والحلقات؛ ومنها (السابقة) وهي الاعمال التي يتوجب وبالضرورة القيام بها (وقائية واحترازية)؛ ومنها (المصاحبة والمرافقة) للفعل والحدث؛ والاخيرة ويطلق عليها (اللاحقة) وتتمثل في اعمال ومهام الحصر والرصد والتقييم والتوثيق... ومايلاحظ والسائد هي العشوائية الخلاقة وبعثرة وتشتيت الجهود والامكانيات هنا وهناك بسبب عدم وجود مركز السيطرة والتوجيه والتحكم وبكامل مفاصل وتلابيب المشكلة؛ رغم وجود غرفة عمليات كما يقال غير ان مهمتها فقط استلام وتدوين البلاغات وايصالها للمختصين عند الاهمية والضرورة؛ وكل ذلك بسبب افتقادنا لادارة الازمات والكوارث والمخاطر وبصورة علمية وعملية ومؤسسية؛ وهي ليست المرة الاولى وانما ترافقنا وفي جميع المصائب والعواصف والاعاصير التي ضربت المهرة وفي فترات ومراحل عديدة ومختلفة وظلت ولم تزل ملازمة لكافة اعمالنا والخاصة بمواجهة مثل هذه الانواء والكوارث... غياب واحدية القرار والتوجيه والاشراف والمراقبة والمتابعة والتقييم ؛ ويشاهد ذلك جليا الان ومن خلال تعدد جهات ومكونات تقديم الاغاثة؟ فهناك السلطة المحلية وهي التي كان يفترض بان تكون كل تلك الانشطة الاغاثية والايوائية تحت تصرفها وامرتها وتوجيهها ومراقبتها؛وهناك ائتلاف الخير والمجلس الانتقالي والمجلس العام وغيرها من الجهات (المحلية والوطنية) الداعمة (افراد و كيانات ومؤسسات وسلطات)؛ فضلا عن الجهات والمراكز والمنظمات والصناديق العربية والاقليمية والدولية؛ وكلا بمفردة يعمل وينشط في هذا المجال؛ ولا انسى ايضا في هذه العجالة الدعم المقدم من قبل بعض القبائل المهرية في دول الجوار وخصيصا لبعض القرى والمناطق والقبائل؟ حقيقة كل الجهات وبكافة مسمياتها وشخوصها لها الشكر والتقدير والاحترام والعرفان لماقدمته وبسخاء وطني وعروبي لايوصف؛ مع اننا كنا نود بان يتم كل ذلك وعبر آلية واحدة وبصورة جلية وشفافة لانه ومن باب الافتراض ليس الا يمكن ان لا تصل تلك الاعانات إلى كل ذي مستحق وتحضر القبلية والمناطقية والحزبية والمكوناتية في هذه الاعمال الانسانية وتحرفها عن مسارها وتفقدها قيمتها واهميتها وتفسدها؟... تجري الان بعض تلك الجهات الداعمة اعمال حصر ورصد ومسح لمعرفة الحالات المتستحقة للدعم والمساعدة المالية والعينية؛ وهنا ستظهر الكثير من المصاعب والمتاعب والتداخلات والتشابكات وكذلك ربما تظهر الازدواجية والتكرار؛والخطورة ان تسقط الكثير من حالات الاستحقاق الحقيقي وخاصة اذا اعتمدت منهجية الولاء والانتماء... الخلاصة: وبهدف توحيد الجهود وصبها مجتمعة وفي بوتقة واحدة ومصب واحد ولكي تحقق الهدف المنشود؛ ينبغي ان تخضع جميعها لمركز (واحد) تشكله السلطة المحلية ومن سائر تلك الجهات ويكون تحت اشرافها حصريا وبحيث تصل المعونات إلى مستحقيها وكذلك الامر بالنسبة لتعويضات المتضررين ووفق النماذج والتصنيفات المعتمدة لاحقا .