اعتصامات الجنوب... تفويض سياسي شعبي يقترب من لحظة إعلان الدولة    المحكمة الجزائية تبدأ محاكمة خلية تجسس مرتبطة ببريطانيا والسعودية    دعا المجتمع الدولي إلى رفضها.. الرئيس:الإجراءات الأحادية للانتقالي تقويض للحكومة وتهديد خطير للاستقرار    لملس يناقش مع قيادات المصافي ومنشأة الغاز إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة    استئناف الرحلات الجوية في مطار عدن الدولي    شبوة.. تتويج الفائزين في منافسات مهرجان محمد بن زايد للهجن 2025    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ هاشم أحمد السقاف    الصحفي والكاتب والاعلامي القدير سعيد الصوفي    وفاة 7 صيادين يمنيين إثر انقلاب قارب في البحر الأحمر    صنعاء.. تمديد العمل بالبطاقة الشخصية منتهية الصلاحية    النفط عند أعلى مستوى في أسبوعين    حمى الإستقطاب    توتر في المكلا وتظاهرة تطالب بإقالة المحافظ    موجة غلاء غير مسبوقة في مناطق المليشيا تخنق معيشة السكان    عاجل: مصدر بوزارة النقل يؤكد استئناف رحلات مطار عدن الدولي خلال ساعات    الأرصاد: صقيع خفيف على أجزاء من المرتفعات وطقس بارد إلى شديد البرودة    التحالف يوقف تصاريح التشغيل لرحلات الطيران المدني إلى المطارات اليمنية    الخطوط الجوية اليمنية توضح بشأن الرحلات المجدولة ليوم الإثنين    هاني البيض يوضح حقيقة مقطع صوتي نُسب لوالده    الريال يسقط بشكل مهين على ملعبه أمام سيلتا فيجو    تفاصيل الإنفصال باعتراف إماراتي ودعم سعودي ومخطط نحو تعز ومأرب    المنتخبات المتأهلة لربع نهائي كأس العرب 2025.. وجدول المباريات إلى النهائي    في بيان مشترك لقطاعات الطيران والصحة وحقوق الإنسان.. وفاة 125 ألف مريض وعرقلة سفر 250 ألف آخرين بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي    الخطوط الجوية اليمنية تتجه لتعزيز أسطولها بطائرة جديدة    حضرموت.. على صفيح ساخن    اطلّع على نشاط نادي أهلي صنعاء.. العلامة مفتاح: النشاط الشبابي والرياضي والثقافي جبهة من جبهات الصمود    قوة عسكرية تتجه من المكلا صوب وادي حضرموت    مجلس إدارة هيئة الاستثمار برئاسة العلامة مفتاح يوافق على مشروع اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار 2025م    تصدي (إلهان عمر) لسباب (ترامب)    حركة الجهاد تكرم إذاعتي صنعاء وسام إف إم بدرعي طوفان الأقصى    خلال شهر نوفمبر.. 57 انتهاكا واعتداء صهيونيًّا بحق الصحافيين الفلسطينيين    سياسي مغربي : الدعم اليمني لغزة أجبر الاحتلال على وقف العدوان    المثقفون ولعنة التاريخ..!!    مرض الفشل الكلوي (31)    العصر الثاني في هذا العصر    ثلاث عادات صباحية تجهد البنكرياس وتزيد خطر الإصابة بالسكري    المنتخب الأولمبي يخسر أمام الإمارات في بطولة كأس الخليج    بدء الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التقيظ الدوائي في شركات الأدوية    المحرّمي يبحث تسريع وتيرة الإصلاحات الحكومية وبرامج خدمة المواطنين    في ذكرى ميلاد الزهراء.. "النفط والمعادن" تحيي اليوم العالمي للمرأة المسلمة وتكرم الموظفات    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    الأرصاد: صقيع على أجزاء من المرتفعات والحرارة الصغرى تلامس الصفر المئوي    أقدم توراة يمنية مؤكدة بالكربون المشع تُعرض للبيع في مزاد ب"نيويورك"    من لم يشرب نخب انتصاره سيتجرع كأس الهزيمة.    بمشاركة الكثيري: مكتب تنفيذي الوادي يؤكد مباشرة العمل تحت راية علم الجنوب    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب كأس الدوري الأمريكي    عاجل: وزير ومستشار لرشاد العليمي يدعو لتشكيل حكومة يمنية مصغرة في مأرب    نواميس النمل    عاجل: القوات الجنوبية تحكم قبضتها على سيحوت وقشن وتدفع بتعزيزات كبيرة نحو حصوين في المهرة    الأردن يتخطى الكويت ويضمن التأهل للدور الثاني من كأس العرب    أقدم توراة يمنية معروضة للبيع في نيويورك    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زِنْو-قصة قصيرة
نشر في عدن الغد يوم 28 - 10 - 2018

الحبوب المنومة تجعله مستيقظاً، والمخدرات لا تقتله، والكلاشنكوف المعلق على كتفه لم يقتل به حوثيا واحدا، لكنه صار بطلا من ابطال المقاومة، وعاقل سوق، يغلق سوق القات وهو ورفاقه بالتهديد، وبالرصاص، اذا لم يحصلوا على القات مجانا.
قتل مومسا رفضته، وادعى انه ضبطها مع زبون في حالة زنى، اصبح هو المفتي والقاضي والجلاد، وهو الشهود الاربعة، لا يحترم احدا ولا يحترمه احد، الا خوفا من بلطجته وعنفه وجهله المستديم، واذا حدثه احد بهدوء، قال له انه منذ بدأت الحرب والى اليوم، يعيش في نعيم، فقد تخلص من الطفر والجوع والاهانة.
وهما على دراجة نارية، سرقاها من شارع ضيق بمدينة (القاهرة)، حفرت رصاصة راجعة عنق زميله باسم، انقلبت الدراجة، وسقطا على الارض، كان الدم ينزف بغزارة من عنق باسم، فتش بدلته العسكرية، واخذ من جيبه الفين ريال، وانتزع من اصبعه خاتما ذهبيا، وحمل سلاحه الآلي، وفر هاربا بالدراجة. وادعى انه لم ير باسما منذ يومين، لكنه صار لا يخاف والد باسم، الحاج خليل الذي لم يصدق كذبته، واتهمه صراحة وامام الجيران بقتل ابنه، وحجته ان باسما كان لا يتركه ساعة واحدة في اليوم.
الساعة الثامنة مساء، وهو مخزن على بسطة صيدلية في فرزة (الهاشمي) بالشيخ عثمان، امطرت تلك السماء القاحلة منذ سنوات، وتساقطت حبات المطر كحبات قمح، وهو لم ينم من امس، فقد رغبته في الذهاب للمعسكر، وشعر بحنين لأمه، تلك التي ترفض ان تموت، استغرب له، لايذكر متى نام في البيت آخر مرة، أمه تكرهه، وهل تكره الام ابنها، خصوصا لو كان وحيدها، لكنه هو ايضا لا يحبها، انها تهينه بمناسبة وبدون مناسبة، لانه، كما تقول، بلطجي، ولا يكسب رزقه بعرق جبينه، ولم يوفق في المدارس، وبمجرد ان شبت الحرب على تخوم عدن، حتى خرج للدفاع عن مدينته، وهو مقتنع ان خروجه للحرب كان للحصول على المال، اقتحم جبل حديد مع المقتحمين يوم تفجيره، وجمع سبعة آليات كلاشنكوف، وباعها في اليوم التالي.
منذ خروجه للحرب، ترك امه وحيدة في بيتها الطيني، وصار لا يذهب لزيارتها، ولا يعود مساء لينام في البيت، الا كل اسبوعين او ثلاثة، واحيانا شهر، لكن امه ليست وحيدة، معها زنو، ذلك الوحش الاسود، عثرت عليه وهو جرو جريح، عمره لا يزيد عن شهر، فجاءت به للبيت، واسمته زنو، اي الذي ليس له اب، عالجته، وسقته الماء واللبن، واطعمته اللحم والكبده، حتى كبر وصار كأنه ذئب ضخم، زنو لم يحبه وهو كان يكرهه، امه احبت زنو اكثر منه، قالت لانه يحبها ويطيعها اكثر منه، وكم اوشك زنو على مهاجمته، وقد كشر عن انيابه الحادة، كلما ركله بقدمه عن ضيق وغيرة احيانا، لكنها تتدخل في اللحظة الاخيرة، وتحميه من زنو.
لاتزال تمطر، انتهى مفعول حبات المنوم الست التي ابتلعها قبل ساعتين، كي لا ينام، اخرج شريطا من جيب كوته العسكري، وابتلع اربعا. جمع حاجاته، ونهض، وقد قرر تماما ان يقضي ليلته في البيت، لا يدري لماذا حرص على شراء(كيك ولبن) عشاء لامه.
انفصل التيار الكهربائي وهو يدخل الحافة طولي، فهمس لنفسه بكلمة تعود ان يقولها منذ اندلاع الحرب باستمرار:
- يا دبوراه
ومن غير ان يتوقف، اخرج شريط الحبوب المنومة، من الجيب الصدري للكوت العسكري، وقارورة الماء المعدني من الجيب السفلي الواسع، وابتلع ثلاث حبات.
بمجرد اقترابه من البيت، زنو سيشم رائحته ويبدأ بالنباح، تمتم: لماذا يكرهني هذا الكلب، انا ايضا اكرهه، امي لم تدلعني مثله، رغم اني وحيدها، قالت لي يوما وهي تربت على رقبته:
- انت انسان. لك عقل وسمع وبصر ولسان، وزنو حيوان.
- انت تبالغين في تدليله
زمجر زنو..لكنها قالت:
- اصحاب الحافة كلهم يحبونه حتى الاطفال، يبحثون عنه ليلعب الكرة معهم.
تركتها ترتبت على كتفه وخرجت.
صار بينه وبين البيت بضعة امتار، سمع نباح زنو الثائر وزمجرته المخيفة، عرفت هي انه هو القادم، وسمع صوتها وهي تأمره ان يسكت ويهدأ.. لازالت تحبني تلك العجوز الشمطاء ، فتحت له الباب، فدخل، وزمجر زنو محذرا من تحت سريرها، فصاحت به ان يهدأ، خلع الكوت الذي بلله المطر، ونفضه، سقطت قارورة الماء، فزمجر زنو محذرا، فقالت وهي تجلس على السرير:
- ما الذي اتى بك الليلة؟
لمع البرق داخل الغرفة الضيقة، فضاع ضوء الفانوس الشاحب لحظة، دوى صوت الرعد، وهو يسألها:
-تعشيت يا اماه؟
قالت بسخرية:
- هل احضرت لي عشاء؟
اجابها بود:
- اجل.. كيك ولبن.. ها هو فوق الطاولة.
ثم قال مازحاً:
- تأكدت الان من حب ابنك لك؟
فقالت بصوت غليظ:
- من ابني؟
انا يا اماه.
-لست ابني.
- لا تثيري اعصابي ايتها العجوز.
كان صوته قد ارتفع، فزمجر زنو، ثم سمعها تقول:
- ليس ابني من يغدر بصاحبه ويقتله.. هل صادفت الحاج خليل.
كان صوته كانه صرخة، وهو يقول:
- لم اقتله، واذا لم يتوقف الحاج خليل عما يردده سأقتله.
- اصبحت قاتلا.
تراخت مفاصله، وشعر بدوار، وفقد قدرته على التحكم بمخارج الالفاظ، خرج زنو من تحت السرير، وهو يزمجر محذرا، صفع وجهها وهو يقول:
-لن يحميك عشيقك.. هذا الزنو الاسود.
نبح زنو بغضب، صاحت ببكاء جريح:
- اخرج من بيتي يا كلب.
قبض على عنقها بكفه اليمني وبدأ يخنقها وهو يصيح:
- صرت انا الكلب، يجب ان تموتي ايتها العاهرة الشمطاء.
كان زنو على وشك الهجوم، اشارت له بيدها اليمنى ان يبتعد، لكنه كان في حالة غضب وهيجان شديد، احست بقبضة كفه تشتد، حاولت ان تبعدها عن عنقها، لم يرى عينيها تبرقان وتجحظان بسبب الضوء الشاحب للفانوس، لكنه سمع صوتها يتحشرج.. يجب ان تموت، فليس لها الحق ان تعيش اكثر سبعين عاما، يجب ان تموتي، لارتاح من اهاناتك، ومن هذا الكلب الحقود.
كانت كأنها تلهث، وانفاسها بدأت تنطفئ، عندما قفز زنو على صدره، فسقط على الارض، وسقط فوقه جسد زنو الثقيل، حاول ان يدفعه عنه ويبعد فمه المفتوح عن عنقه، لكن قواه خارت بسرعة، فغرز زنو داخل عنقه انيابه الطويلة الحادة.
كانت هي تحاول استتشاق الكثير من الهواء، ويدها تتحسس عنقها المخنوق بألم شديد، ومع ذلك فقد تحاملت، وصاحت بزنو ان يتركه، واخذت تدفعه بعيدا عنه، لكن الاوان كان قد فات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.