أغلب برامج الاجتماع عبارة عن محاضرات تبدأ من بعد الصلاة الفجر ثم محاضرة الضحى وبعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب، وبين المحاضرات تشكيل مجموعات وتجهيزها للخروج في الباكستان يوم الأحد القادم، والمحاضرون هم كبار علماء ودعاة الجماعة من الهندوباكستان، فمن المحاضرين في الأيام الماضية: الشيخ نضير الرحمن وهو شيخ كبير قارب المائة يتحرك على كرسي، والشيخ إبراهيم كجرات وهو عضو شورى الحركة يقيم في المركز الرئيس في نظام الدين بالهند، تجاوز الثمانين من عمره، والشيخ طارق جميل وهو من العلماء الخطباء المتكلمين ورئيس جامعة الحسنين بفيصل أباد. لكن كانت محاضرة الليلة مختلفة، فقد وصل من نيو دلهي الشيخ أحمد لات وهو من رفقاء الشيخ يوسف الأمير الثاني للجماعة، وكانت محاضرته كغيره بلغة الأردو ثم يقوم المترجمون بنقلها إلى اللغات الموجودة في المخيمات، وهناك الكثير من كراسي الترجمة مبثوثة في أماكن متباعدة فكرسي اللغة العربية وكرسي اللغة الإنجليزية وهكذا الفرنسية والبرتغالية والأسبانية والصينية والتركية والفارسية بل ولغات بعض القبائل الأفريقية كلغة اليوربا في نيجيريا ولغة الفلبين ونيبال وغيرها، وتجري الترجمة عبر سماعة يضعها كل مترجم في أذنية يسمع من خلالها كلام المحاضر ومن ثم يقوم بنقله للحضور كل حسب لغته. أما الترجمة العربية فقد تناوب عليها عدة مترجمين، ولغتهم فصيحة واضحة . بدأ الشيخ أحمد لات يتكلم ويستشهد بآيات القرآن والأحاديث النبوية والسيرة النبوية وأخبار الصحابة، وكان المترجم ينقل الكلام وعبراته تسابق عباراته ودموعه لم تكفها المناديل التي يمسحها بها بين الحين والآخر، ولما ذكر الشيخ قصة(سرية نخلة) وكيف شكل الرسول صلى الله عليه وسلم عبدالله بن جحش إلى مكان لا يعلمه ابن جحش ولم تكن منه إلا السمع والطاعة فمضى والأمر مكتوب في ورقة وهو تكتيك عسكري جديد لم تعهده العرب وفي نفس الوقت طاعة وتضحية جديدة لا تعرفها الدنيا، في هذه القصة ودروسها عجز المترجم عن الاستمرار في الترجمة وكان يحاول يمضي لكن هيهات فرأيت الكثير من العيون تزدحم فيها الدموع .وكذلك الحال في لحظة تشكيل حذيفة يوم الخندق في تلك الليلة الباردة المطيرة المخيفة. الحقيقة أن الشيخ أحمد لات أسأل الليلة دموعا وأفاض عيونا ولكن دموع المترجم أرسلت سحائب دموع الحاضرين، فما رأيت مثل الليلة باكيا وخاشعا، أمة بالآلاف كأن على رؤوسهم الطير وكأن في أعينهم الغمام. لقيت بعدها الأخ الداعية الخاشع أحمد مانع فقال : أكملت أربعة أشهر وكنت مسافرا بعد الاجتماع لكني سجلت الليلة مع الفرق التي ستتحرك إلى أفريقيا لمدة شهرين. ناصر الوليدي - رايوند - باكستان