تُعتبر المخدرات على رأس قائمة الأسلحة الخفية التي تُستخدم في ضرب اي بلد و تزعزع أمنه واستقراره لانها تهدم كيان المجتمع من الداخل و اكثر فئة مستهدفة هي فئة الشباب كونها النواة الاساسية في بناء اي حضارة .. وبالتالي اذا وقع الشباب بهذا الفخ فبالتأكيد ان ناقوس الخطر سيعلن العنان عن انحطاط أخلاقي وانتشار الفساد والجريمة والجهل بين الأوساط الاجتماعية . فقد يبدأ الشخص بالتعرف على المخدرات عبر وصفة طبية أو الحصول على أدوية من صديق أو قريب تم وصف الدواء له طبياً ، و يمكن ان يبداء الإدمان عليها بالتعاطي التجريبي لمخدر على سبيل التسلية في مواقف خاصة او من أجل إرضاء بعض الاصدقاء وقد يكون الفراغ والبطالة سبب وجيه للتعاطي بعذر الهروب من الواقع وتناسي الهموم والأحزان ، ومن ثم يتحول تعاطي المخدرات الى سلوك متكرر أكثر من اللازم حتى يصل المتعاطي الى مرحلة الإدمان التي تعتبر اخطر مرحلة يُتلف فيها الانسان عقلياً وبدنياً ، ناهيك ان أغلبية المتعاطين أصبحوا يدمنون على تعاطي العقاقير العلاجية كمخدر نظراً لسهولة الحصول عليها وبالذات العقاقير والحبوب المسكنة او المخدرة التي صنعت لأغراض طبية و صار أنتشارها ووصولها الى يد المدمنين مقترن بضمائر المسؤولين والمتخصصين على توزيع هذه الأدوية .
لا شك ان هذه الآفة هي الهلاك الأثيم و الوعيد الفتاك بعينه الذي يتوعد شبان وشابات الدول التي لا تملك هدف ولا رؤية وتكون فيها نسبة الأمية و البطالة كبيرة والأمن شبه معدوم ويكون الفساد الاداري في حكوماتها هو السائد وهذه العوامل تكفي لفتح شهية "اللوبيات" العالمية التي يديرها كبار تجار المخدرات ، لان هذه البلدان بالنسبة لهم تمثل سوق خصبة لترويجها عبر شبكات عالمية وإقليمية ومحلية ، والدليل على هذا ان تجارة المخدرات تُعد ثالث اكبر تجارة بالعالم بعد تجارتي النفط والسلاح والفرق بينهم عدم شرعية تجارة هذه السموم ؛ فالدول العظمى أسست شركات النفط وشركات السلاح لبيعها بطريقة مشروعة وقانونية بينما تدعم زراعة المخدرات وتوزيعها بطرق خفية بغرض اخضاع وتدمير الشعوب في الدول التي تملك الثروات ويظهر هذا جلياً بعد دخول القوات الامريكية الى أفغانستان والتي سمحت بزراعة المخدرات في المزارع التي احُرقت من سابق لتصديرها للدول التي يتم استهدافها سياسيا .. وكذلك تشجيع زراعتها في دول أمريكيا اللاتينية لخلق النزاعات فيها.
لهذا كانت اليمن قبل اكثر من عشرين عام بمثابة بلد ( ترانزيت ) تُهرب منها كميات الحشيش وباقي أصناف المخدرات الى الدول المجاوره نظراً لموقعها الجغرافي ، وبعدها تحولت اليمن الى بلد متعاطي لعدم رغبة الدولة على محاربتها وتساهل بعض المسؤولين مع تجار المخدرات ابان النظام السابق بهدف الاسترزاق وأهداف اخرى مبطنة تخفيها دهاليز السياسة ، فما بالكم بالوقت الحالي الذي لا تستطيع فيه الدولة توفير ابسط الخدمات لمواطنيها نظرا لحالة الحرب والمأسي التي تعيشها البلاد برمتها .. وحتى في الدول المتقدمة والمستقرة فلا تستطيع الدولة من انتشالها بشكل كامل دون ان يتساعد المجتمع بنفسه للتصدي لهذا الوباء الخطير ولن يكون هذا الا بترسيخ دعائم التحصين الفكري ونشر الوعي الاجتماعي بمخاطر هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعاتنا ..
إذاً مهما تعددت الاسباب في انتشارها فهي السُم القاتل الذي يبتر جسد الأمة من خاصرتها ويمزق نسيجها الاجتماعي ؛ وحان علينا التصدي له ، فكم هو ممقت وتعيس ان نعيش في مجتمع منزوع منه الامن والاستقرار والقيم الانسانية . فالمعول الأساس في التخلص من خطرها يكمن بتكاتف كل فئات المجتمع ابتداء من دور الاسرة ثم المدرسة والبيئة المحيطة التي يعيش فيها أبناءنا لكي يتم تربيتهم على أسس ديننا الحنيف والالتزام بمبدئ الوسطية والقيم الأخلاقية ( فان الامم الأخلاق ما بقيت فأن ذهبت أخلاقهم ذهبوا ) والاهم من ذلك هو اعادة ضبط فورمة التعليم لان العلم يبني بيوتً لا أساس لها والجهل يهدم بيوت العز والكرمِ..
ورسالة أوجهها لكل اب و ام ولكل شاب ان يحذر من الخطر القادم .. لكي لا يصبح في يوم نادم و احذر من غدر الايام .. فالمخدرات هي الهلاك الاثم . فلا تكن عنها يا اخي نائم .