كم هي قاسية لحظات الوداع ، التي تسجل وتختزن في القلب والذاكرة ، وكم نشعر بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة ، ونختنق بالدموع ، ونحن نودع واحداً من جيل المربين والأساتذة الافاضل، أستاذنا جميعاً، المربي المرحوم عبدالله محمود، الذي فارق الدنيا ، بعد مسيرة عطاء عريضة ، ومشوار حياة في السلك التعليمي والعمل التربوي والاجتماعي ، تاركاً سيرة عطرة ، وذكرى طيبة ، وروحاً نقية ، وعبق أريج نرجسة في ربى الروحة ، وشذا شجرة برتقال يافية ، وميراثاً من القيم والمثل النبيلة . فيا أيه الرجل الطيب ، وأستاذنا المخلص ، يا منبع العطاء والنهر المتدفق حباً لعملك ، يعز علينا فراقك ، في وقت نحتاج فيه الى امثالك من الرجال الأوفياء الصادقين . ومهما كتبنا من كلمات ، وسطرنا من حروف حزينة باكية، لن نوفيك حقك لما قدمته من علم ووقت وجهد وإتقانٍ في سبيل شباب ورجال المستقبل والغد ، وعلمتنا من أخلاق وقيم فاضلة ، وغرست فينا حب العلم والمعرفة ، ونميت في اعماقنا قيم المحبة والخير والانتماء .
راحلنا الكريم الاستاذ عبد الله محمود، الذي توظف مدرساً ومربياً في مدرسة "السلام الحقب، وقضى أكثر من 10اعوام في سلك التدريس، عرفنا الفقيد معلماً هادئاً ، متسامحاً ، راضياً ، قنوعاً ، ملتزماً بإنسانيته كما هو ملتزم بدينه وواجباته الدينية، حمل الامانة بإخلاص، واعطى للحياة والناس جهده وخبرته وتجربته وحبه لهم، تمتع بخصال ومزايا حميدة جلها الايمان ودماثة الخلق وحسن العشرة وطيبة القلب ، متميزاً باللغة العربية ومطبقاً ما يتميز فيه ، والتواضع الذي زاد احترامه وتقديره ومحبة في قلوب الجميع ، وهل هناك ثروة يبقيها الانسان بعد موته أكثر من محبة الناس ..؟!
10 اعوام امضاها في مدرسة السلام ، التي شرفها وتشرفت به ، فكان رسول علم ومعرفة ، وجدول عطاء وتضحية ، ونعم المعلم والأب الحنون والأخ الودود والصديق الصدوق . فكان قدوة ونموذجاً ومثلاً يحتذى في البساطة والوداعة والرقة والعطف والحنان وعمل الخير وسمو الاخلاق وطهارة النفس والروح ونقاء القلب والعفوية والتسامح . واعطى كل ما لديه بلا حدود ، ودون كلل أو ملل ، في مهنة ورسالة هي من أصعب المهن ، وأهم الرسالات ، رسالة العلم والتربية ، بكل ما تحمله في طياتها من المعاني ، التي في صلبها بناء الانسان ، وبناء الوطن ، وبناء المجتمع .
لقد أخذك الموت أستاذنا ومعلمنا الحبيب الغالي ، وقدوتنا'' الوفي المرحوم "عبد الله محمود" جسداً ، لكنه سيبقى في قلوبنا ما بقينا على قيد هذه الحياة ، ولن ننساه ، وسيظل باعماله ومآثره وسيرته نبراساً وقدوة لنا .
نم مرتاح البال والضمير ، فقد أديت الامانة وقمت بدورك على أحسن وجه ، . وما لي في وقفة الوداع سوى هذين البيتين من الشعر الذي قالهما شاعر النيل !حافظ ابراهيم في رثاء صديقه/ ومجايله أمير الشعراء احمد شوقي :
خلفت في الدنيا بياناً خالداً وتركت أجيالاً من الأبناء وغداً سيذكرك الزمان لم يزل للدهر انصاف وحسن جزاء رحمة الله على روحك الطاهرة أستاذنا عبد الله !!