الوالد المرحوم قايد بيسان مواطن من منطقة الصبيحة "قرية العطويين" التابعة لمديرية طور الباحة هذه المنطقة لا تبعد إلا بنحو " 3 كيلو " فقط من عاصمة المديرية . كان قايد بيسان رجل فاضل ومزارع متميز من حيث الاهتمام بارضه كغيره من المزارعين في منطقة الصبيحه في ستينيات و سبعينيات القرن الماضي ولان الارض كانت تشكل لهم مصدر الدخل الوحيد ولهذا اهتموا بزراعتها وتقليبها وريها وتسويق منتجوها. كان محصول النخيل في منطقة الصبيحة من بين اهم المحاصيل الذي كانت تدر دخلا على المزارعين في موسم الانتاج ولذلك كانوا الناس يهتمون بزراعة النخيل و"تشقيرها ". كان المرحوم قايد بيسان شديد الاعتناء بارضة وبنخيله و ايضا في القيام ببيع المنتوج من " البلح " اسبوعيا في سوق السبت خلال الموسم والذي كان يغطي جزءا من حاجة السوق في ذلك الوقت . جودة بلح بيسان : لكن نوعية بلح نخيل قايد بيسان وجودتة رحمه الله كان مميزا مقارنة بالبلح الذي يباع في طور الباحة في ايام السبت وغير السبت بسبب حسن مذاقة و جودتة العالية. ولازلت اتذكر كم كان الناس يتنافسون على شراء بلح قايد بيسان . كان الناس يحثون ابنائهم على اللحاق بشراء بلح بيسان عند التسوق وفعلا كان البلح المنتج من نخيل قايد بيسان بمافي ذلك البلح غير " الرطب" شديد الحلاوة تستطيع ان تاكل منه دون ان تشبع ومن غير اي مشاكل لذلك كان المواطنين الذين يعرفون جودة البلح يحرصون اشد الحرص ان لايفوتهم شراء هذا النوع من البلح " بلح بيسان " سواء في ايام سوق السبت او في غيره من ايام الاسبوع. اليوم حياة الناس تغيرت بسبب عمق التغيرات الايكولوجية" البيئية" وتغير نمط الاستهلاك بعد ان حل المستورد من المنتجات الزراعية محل المنتج المحلي وبسبب ذلك لم تعد الزراعة تشكل مصدر الدخل الاساسي الوحيد للكثير من الاسر وهي ربما تمثل حالة عامة في عموم اليمن. لكن التغير في هذه المنطقة اكثر عمقا واكثر مأساوية. في الوقت الراهن في مناطق الصبيحة اصبحت العسكرة تمثل الوظيفة الجاذبة الوحيدة في غياب الفرص الاخرى وقد لا اجازف ان قلت انه ربما اصبح" 70%" من الشباب في مناطق الصبيحة منخرطين في العسكرة وهي مهنه غير منتجة . المعهد الفني اكتمل البناء وغابت التجهيزات: كنا نامل مع غيرنا ان وجود المعهد الفني والمهني في مديرية طور الباحة الذي لايبعد إلا قليلا عن عاصمة المديرية ويقع بالقرب من منطقة المزارع قايد بيسان سيوفر مدخلا مهما للحد من اتجاه الشباب للعمل في العسكرة ويخلق فرصا ومهن جديدة تمكن الشباب من كل المنطقة بالالتحاق بالمعهد مابعد الثانوية وتكسبهم مهن جديدة فنية وهندسية منتجة تضمن لهم دخلا مرموقا تغير من نمط حياتهم وتربطهم بالمستقبل لكن المعهد الذي انجز بنائة قبل اكثر من عقد من الزمن لم تكتمل مراحلة الاخيرة في التجهيز والتاثيث والتشغيل . ... وعودة الى البدء ونتيجة لكل هذه العوامل لم يعد الشباب يهتمون برزاعة الارض اجمالا ولا بزراعة النخيل والمحافظة عليها لا من حيث الري ولا من حيث العمليات الاخرى في فترة الموسم كي تعطي منتوجا كما كان يفعل المزارع المرحوم قايد بيسان وغيره من المزارعين في ذلك الوقت. ولذلك تكاد النخيل ان تنقرض تماما بعد ان تيبست اشجارها لتصبح عبارة عن هياكل شاهدة على الاهمال وعدم الاهتمام .هذا الوضع يسترعي من الحكومة ان تعطي اولوية لاكمال تجهيز وتشغيل المعهد الفني في مديرية طور الباحة المطلوب من الجهات المعنية في الزراعة وغيرها من الجهات الداعمة والمنسقة تقديم المساعدة والاهتمام في اعادة زراعة النخيل في هذه المنطقة ودعم زراعةالمحاصيل الزراعية الاخرى اسوه بغيرها من المناطق . د.يوسف سعيد احمد