يقف أحمد امام لجنة تبصيم خاصة بصرف الغذاء العالمي والى حواليه افراد عائلته الصغير والكبير ..يظهر على وجهه الشقاوة والبؤس والفقر الممزوج بالاستحياء والخجل والانكسار في حين زوجته وأطفاله يحاولون الهروب من نظرات الناس إليهم . هذا مشهد من الآف المشاهد لإناس ينهكهم الجوع من ناحية وتهينهم منظمات صرف الغذاء من ناحية ثانية واحتقار المجتمع من جهة ثالثة والحاجة من جهة رابعة ..! لاشك ان الكرامة والشرف هما أغلى ما يملكهما الإنسان اليمني وقد يمكن يضحي بحياته وماله من اجل لا تخدش اي منهما وهذه سمة ليست مصطنعة او وليدة اليوم بل غريزة تولد معه على الفطرة وباتت جزء من هويته وارثه ..لكن يبدو ان القائمين على برنامج الغذاء العالمي قد قرروا القضاء على ماتبقى منها في زمن الحرب مقابل فتتات لايسمن ولايغني من جوع ..! في كل مرة تصطنع المنظمات القائمة على عملية توزيع وصرف مخصصات الغذاء طريقة وآلية جديدة لاتراعي خصوصيات المستفيدين او عادات وتقاليد المجتمع المحافظ . تعقيد الإجراءات في توزيع مخصصات الغذاء للمستفيدين جعلني اشكك في نوايا ومقاصد هذه المنظمات وجدية اهدافها وطبيعة نواياها . هل هي سياسة تطفيش ? ام لغرض المساس بكرامة الإنسان اليمني ? هل لإذلاله وأهانته .. ? ام من ضمن سياسات استثمار أوجاعه والآمة ..? ! هل لغرض إعطاء صوره سيئة عنه وإظهاره بمظهر المتسول المنكسر ..? .. او لأجل استهداف و انتهاك خصوصياته التي ظل محافظا عليها ? . المرات السابقة ربما كانت الإهانةات تمس عائل الأسرة او من ينوبه وهو يسارب في طوابير طويلة لأجل الحصول على القوت المقرر لعائلته المقدم من برنامج الغذاء العالمي ..لكن هذه المرة توسعت دائرة الإهانة لتشمل جميع العائلة كبيرا وصغيرا ذكرا وانثى طفلا وعجوز وذلك لجرجرتهم الى ماتسمى لجان التبصيم بعد فرض نظام التبصيم لكل فرد في الأسرة ! ويا ليت هذا لأجل يُمنحوا عقار سكني ياويهم او أموال تسدد مديونياتهم او لكي يعيشوا بها حياة الرغد والرفاهية. بلا منغصات ولا الآلام ,بل للأسف كل ذلك من اجل الحصول على بضعة كيلو جرامات من الدقيق الردئ ورطلين من العدس الفاسد وجالون من الزيت وذلك مقابل إحضار امك وابوك وزوجتك وابناتك وأبناءك واتركم في مساربة طويلة امام لجنة التبصيم . الكل يدرك ان هذه المنظمات تتاجر بمعاناة الشعب اليمني وتتسول باسمه ولايصل إليه إلا فتات الفتات وليس حتى الفتات . عائلات من اليمنيين يموت إفرادها جوعا ولا يتسولون ..وهناك آباء تخلصوا من الحياة انتحارا بسبب عجزهم عن إطعام أطفالهم دون يلجوء الى الشحت . ان يأتي رب الأسرة وبمفره شي قد يتقبلها البعض على مضض اما ان يجلب معه نساءه وبناته( معاورة ) وأطفاله ويتم تصويرهم امر مستحيل مهما كانت حاجته وان اراد البعض فسيكون محل الاحتقار في مجتمعه ومحيطة . ونؤكد ان الآف العائلات اليمنية التقليدية المستحقة للغذاء ستختار الموت جوعا كأهون عليها من تخدش كرامتها بالخروج من مساكنها والمساربة في طوابير امام لجان التبصيم الخاصة ببرنامج الغذاء العالم ..وخصوصا في المجتمعات المحافظة أمثال شبوة ومارب والجوف ومن أمثالها الكثير .مما يستدعي على هذه المنظمات إعادة النظر في قرارها وحتى لايؤثر على الإنسان في مجتمعات تقليدية تتقيد بعادات وتقاليد معينة ولها ظروف و خصوصيات مغلقة .