مليشيا الحوثي تقنص امرأتين في منطقة الشقب شرقي تعز    تصعيد حوثي واسع في جبهات تعز يسفر عن مصرع 4 وإصابة 8 من عناصر المليشيا    الترب: يجنب التنبه لمؤامرات الخارج و معالجة الاوضاع الداخلية بحلول تخدم حياة الناس    مصلحة الجمارك تنفي رفع سعر الدولار الجمركي    بعد ان سوتها بالأرض..كم سنة يحتاج الغزيون للتخلص من ركام الحرب؟    نتنياهو : لن ننسحب من الأراضي التي احتليناها في سوريا    أتلتيكو يتخطى أوساسونا.. وبيتس يعود بالتعادل    البايرن يخطف «الكلاسيكر» ويوقف سلسلة دورتموند    إنجاز ذهبي لليمن في البطولة العربية للجودو بالعراق    كلاسيكو النصر والاتحاد بصافرة محلية    كونفدرالية بين اليمن والجنوب.. وسعي عربي للقاء بين الانتقالي والحوثيين    إقصاء قيادات حضرمية من "درع الوطن العليمية" يثير غضب الحضارم    دعوة هامة إلى لمّ الشمل الجنوبي: "الوحدة والوعي هما سلاحنا الأقوى"    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    اعتقال كابتن طيار من داخل إحدى طائرات اليمنية في مطار عدن الدولي    سياسة التجويع لا تبني عدالة: حين يتحول القاضي من حارسٍ للحق إلى ضحيةٍ للسلطة    قوات حكومة صنعاء توضح بشأن استهداف سفينة تجارية في خليج عدن    نقابة الصحفيين تجدد مطالبتها بالإفراج عن زايد والإرياني    ارسنال يتصدر البريميرليج من جديد    الدوري الايطالي: الانتر يجر روما للهزيمة في الأولمبيكو    ساري يضغط بقوة لضم انسيني الى لاتسيو    اسبيدس توضح حول انفجار سفينة غاز مسال قبالة سواحل اليمن    قراءة تحليلية لنص "العيب المعوَّق للمعرفة" ل"أحمد سيف حاشد"    تكريم 100 من أكاديمي جامعة صنعاء الأعلى استشهاداً في الأبحاث العلمية    اجتماع يناقش أوضاع معامل طحن الإسمنت    هيئة الآثار تدعو للتعرف على متاحف اليمن عبر موقعها الإلكتروني    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يطلع على ترتيبات إطلاق منصة " نافذة " الموحدة للاستثمار    انتقالي وادي حضرموت يدين محاولة اغتيال مدير منفذ الوديعة ويدعو لضبط الجناة    الكثيري يقدم واجب العزاء لعضو مجلس المستشارين عبدالله العوبثاني في استشهاد نجله بالمكلا    السقاف يزور الشاعر المخضرم عبدالله عبدالكريم للاطمئنان على صحته    رئيس تنفيذية انتقالي شبوة يستقبل قافلة أبناء وادي حضرموت المتجهة إلى جبهات الضالع    حماس: 47 خرقا اسرائيلياً بعد قرار وقف الحرب على غزة لغاية الان    الأونروا: 300 ألف طالب بغزة يعودون للدراسة وسط حصار المساعدات    تكريم 99 حافظة وحافظ لكتاب الله بمحافظتي مأرب والجوف    عدن في الظلام.. مدينة تختنق تحت صمت الكهرباء وغياب الدولة    ارتفاع مذهل لاسعار الذهب في اليمن ونصف الاحتياطي يتسرب إلى الخارج    المنتخب الوطني يتقدم مركزين في تصنيف الفيفا    الاضراب يشل منفذ شحن بسبب رفع الجبايات بنسبة 100%    ترتيبات لاقامة مخيم طبي مجاني لاسر الشهداء    حضرموت بحاجة إلى مرجعية دينية بحجم السيد "الحداد"    لو فيها خير ما تركها يهودي    ارتفاع التضخم في منطقة اليورو إلى أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر    وفاة أكاديمي بارز في جامعة صنعاء    انفراجة في أزمة كهرباء عدن    موقف القانون الدولي من مطالب الانتقالي الجنوبي لاستعادة الدولة    قراءة تحليلية لنص "اثقال العيب .. تمردات وحنين" ل"أحمد سيف حاشد"    مصلحة الهجرة والجوازات توضح بشأن أزمة دفاتر الجوازات    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    هيئة الكتاب تصدر كتاب "مفهوم الشرق الأوسط الجديد"    إشهار منصة إرث حضرموت كأول منصة رقمية لتوثيق التراث والتاريخ والثقافة    وزير الشباب والرياضة المصري يكرم وفد اليمن المشارك في نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوجه الآخر من تعقيدات الأزمة اليمنية
نشر في عدن الغد يوم 02 - 04 - 2019

كلما مر الوقت دون حسم عسكري أو سياسي في سبل حل الأزمة اليمنية، التي دخلت في الشهر الماضي عامها الخامس منذ بداية انطلاقة «عاصفة الحزم» في مارس (آذار) 2015، والتي من دونها لكان اليمن الآن تحت سيطرة إيران عبر أداتها المحلية، الحوثيين، ازداد تعقد مشهد الأزمة اليمنية، من مكونات أطراف الصراع الثلاثي اليمنياليمني، والأممي للأمم المتحدة، والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، إلى بروز تعقيدات جديدة في إطار كل طرف من الأطراف الثلاثة المذكورة، ولعل الأكثر حدة تنحصر بشكل رئيسي في مكونات الطرف اليمني، وفي علاقته مع الأمم المتحدة. وفي الطرف الأممي بدوره بدأ التنافس بين بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، بمحاولة روسيا الاتحادية استعادة نفوذها في جنوب اليمن بصفة خاصة، وعدم تركه حكراً على بريطانيا وحدها.
ولعل الأكثر تماسكاً وتوافقاً هو قيادة التحالف العربي. وكأي تحالف لا بد أن تكون هناك بعض تباينات في الرؤى بين الحلفاء، ولكن اتفاقهم الاستراتيجي المطلق يتمثل في صد التمدد الإيراني إلى الخليج والجزيرة العربية عبر بوابة اليمن؛ لأن ذلك يدخل ضمن الأمن القومي العربي كله، وضمان حرية الملاحة في واحد من أهم الممرات الدولية لتصدير النفط للعالم، عبر باب المندب وخليج عدن والمحيط الهندي.
فكل من هذه الأطراف الثلاثة وتفرعاتها، تتداخل فيما بينها ويؤثر بعضها في بعض، سلباً أو إيجاباً.
فعلى مستوى الطرف اليمني، أساس التقسيم يقوم على وجود الشرعية المعترف بها دولياً من جهة، ومن جهة أخرى جماعة الحوثيين من «أنصار الله»، وهما يمثلان طرفي الصراع في اليمن. وبقدر ما يبدو أن الطرف الحوثي في الصراع اليمني متماسك، لشعورهم بأن معركتهم مصيرية في الدفاع عن استيلائهم بالانقلاب على السلطة الشرعية، وهم أصلاً أقلية سكانية ومجتمعية يتوجب عليهم التعاضد والتضامن فيما بينهم، فإن الطرف اليمني الممثل للشرعية، تبدو صورته غامضة وأكثر غموضاً مما هو لدى «أنصار الله»، للتقسيم المناطقي بين من هم من جنوب اليمن ومن هم من شمال اليمن، وبينهما رئيس الجمهورية المارشال عبد ربه منصور هادي الذي يمتلك الشرعية الدستورية بين الكماشتين الجنوبية والشمالية، وسعيه بحكم منصبه للتوفيق بين الطرفين، أو لعب دور الحكم بينهما.

وفي الحقيقة، بحكم أن جميع الأحزاب الممثلة للشرعية، هي وأمنائها العامين هم شماليو المنشأ، بمن فيهم قيادة الحزب الاشتراكي اليمني، الذي تأسس في الجنوب، فإن توزيع المناصب في الحكومة وفي السفارات يأخذ بعين الاعتبار تلك المعطيات.
فالروابط والتضامن بين أفراد الشرعية تجمع الغالبية بينهما فكرة استمرارية الصراع والحرب أيضاً، لما توفره لهم من مكاسب مادية كبيرة، أشارت إليها منظمة الشفافية الدولية في حجم الفساد في اليمن، في تقريرها الأخير، وذكرناه في مقالنا الأخير.
وبالفعل، يندهش الأجانب في الندوات والمؤتمرات من رؤية ممثلي الحوثيين والنخبة اليمنية المختارة من الأحزاب السياسية والمستقلين، يتسامرون ويتبادلون الأحاديث الودية فيما بينهم، وكأن الحرب وضحاياها الإنسانية لم تحدث في اليمن.
وقد شاهد العالم في نهاية مؤتمر استوكهولم، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومبعوثه الخاص لليمن مارتن غريفيث، مصافحة خالد اليماني وزير الخارجية اليمني رئيس وفد الحوثي في المشاورات السيد عبد السلام، وقال ما معناه: «هذا أخي وليس عدوي». والمشكلة الآن أن اتفاق السويد يواجه تحديات كبيرة في تنفيذ بنوده، التي تم التوافق عليها في ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وفي الأيام الماضية، أدلى اليماني بتصريحات لصحيفة «الشرق الأوسط» (21 مارس) ذكر فيها أن خطة المبعوث الخاص لإعادة الانتشار، هي نفسها التي قدمها الجنرال لوليسغارد في 8 فبراير (شباط) الماضي، والمبادرة التي طرحها الرئيس عبد ربه منصور هادي في اجتماع الخامس من الشهر الماضي، والتي رفضت الميليشيات في ذلك الوقت قبولها، مشدداً على مسؤولية الأمين العام للأمم المتحدة الأخلاقية، والتزامه أمام الرئيس اليمني بأن مؤسسة الدولة ستعود في الحديدة.
ومن تحميل الوزير اليماني الأمين العام للأمم المتحدة المسؤولية التاريخية، يتوجه الوزير نفسه إلى الأمين العام للأمم المتحدة مجدداً بخطاب احتجاجي في 20 مارس الماضي، ضد مبعوثه إلى اليمن مارتن غريفيث وطاقمه الأممي في صنعاء، بسبب تواطئهم مع الميليشيات الحوثية، في موضوع بحث إجراءات نقل آلية التفتيش والتحقق الأممية من جيبوتي إلى ميناء الحديدة، دون علم الحكومة اليمنية! وكان غريفيث في التوقيت ذاته يلتقي في أبوظبي شخصيات قيادية من المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى إلى المشاركة كطرف آخر في مشاورات أو مفاوضات السلام حول مستقبل اليمن.
وقد نشط المجلس الانتقالي في الأسابيع الأخيرة بشكل لافت، بذهاب قيادته ممثلة برئيس المجلس السيد عيدروس الزبيدي إلى لقاء في مجلس العموم البريطاني في لندن، للتعريف بالمجلس الانتقالي ونظرته في سبل حل القضية الجنوبية، وفي توقيت لقائه نفسه في لندن قام وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت، الذي كان في زيارة للمنطقة بزيارة مفاجئة إلى عدن، العاصمة المؤقتة لليمن.
وتكرر السيناريو ذاته عند ذهاب السيد عيدروس الزبيدي والوفد المرافق له، في زيارة إلى موسكو، التقى فيها نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، وأعضاء من الجمعية الاتحادية الروسية، ورئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما (البرلمان الاتحادي الروسي)؛ حيث سارع بدوره سفير روسيا لدى اليمن فلاديمير ديدوشكين بالتوجه للمرة الأولى في زيارة إلى العاصمة عدن، والتقى فيها شخصيات من المجلس الانتقالي في الجنوب، وأدلى بتصريحات فسرت إعلامياً بتعاطف روسيا مع المجلس الانتقالي، وسرعان ما قام بتوضيح الموقف الروسي المؤيد لوحدة اليمن وعدم تجزئته، مما يعني أن بلاده ليست مع انفصال الجنوب عن الدولة اليمنية.
وصاحب هذا الحراك السياسي والدبلوماسي زيارة السفير الأميركي ماثيو تولر للمرة الأولى لعدن، واجتماعه برئيس وزراء وأعضاء الحكومة اليمنية، وعقد مؤتمراً صحافياً تناول فيه عدة قضايا حول موقف بلاده من الأزمة اليمنية، ومن تعنت الحوثيين وتهديدهم لدول الجوار بالأسلحة الثقيلة، وأكد أن حكومة بلاده «لا تدعم» الجماعات التي تسعى لتقسيم اليمن؛ لأن أميركا والعالم كله يدركون أن مصلحتهم تكمن في يمن موحد وآمن ومستقر.
وما هو لافت للنظر في تصريح السفير الأميركي، أنه لم يقل بصريح العبارة إن بلاده ضد أي مشروع أو توجه لفك الارتباط في اليمن، وإنما اكتفى بالقول، وهو الدبلوماسي المخضرم: «لا تدعم» الجماعات التي تسعى لتقسيم اليمن.
والغائب في هذا الحراك الدبلوماسي للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، غياب دور ممثلي فرنسا والصين.
ومن جانبها، قامت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، أنتونيا كالفو، بلقاء شخصيات من قيادات المجلس الأعلى للحراك الثوري، وهو أحد المكونات الجنوبية للحراك الجنوبي، وفي لقائها بهم دعتهم إلى توحيد الكيانات الجنوبية الرئيسية لشغر كرسي الجنوب في المفاوضات السياسية اليمنية القادمة، مؤكدة دعمها لجهود المبعوث الدولي غريفيث في هذا الاتجاه.
الرسالة واضحة بتحرك سفراء الدول الرئيسية إلى عدن، لتثبت الشرعية بذلك أنها موجودة في عدن على مستوى الحكومة، وأن الأمن مستتب في العاصمة المؤقتة، بعكس ما تحاول بعض الأطراف الأخرى في الشرعية ومن الحوثيين أن تشيعه، من أن العاصمة عدن ليست مستقرة كما هو الحال في صنعاء، حسب وجهة نظرهم.
والتطور الآخر أن المشاورات أو الحل السياسي للأزمة اليمنية وإيقاف الحرب، لن يقتصر على تداوله فقط بين الشرعية والحوثيين، وإنما الأمر يتطلب الإعداد مبكراً للأطراف الواجب حضورها لإعداد وتحديد مشروع السلام القادم لليمن، بمشاركة جميع مكونات أطراف الأزمة في الحل الشامل، في السلم والسلام والاستقرار لليمن، وللمنطقة كلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.