أرى عدن تغلي من الحقد مرجلا وأخشى ان يجتاحها إي تيار هذا بيت شعر قاله الأديب الجنوبي الكبير المرحوم محمد سعيد جرادة في احد قصائده خلال المراحل الأخيرة للوجود البريطاني في الجنوب وهو بيت يمكن إسقاط دلالاته على مشهد واقع اللحظة الجنوبية في المساحة التي احتضنت المليونية الأخيرة للجنوبيين تحت مسمى (فمن أصحاب القرار) وقد جاءت هذه الفعالية كرسالة إلى مندوبي مجلس الأمن الدولي الذي اجتمعوا في عاصمة دولة الاحتلال استكمالا لجهودهم في حل مشكلة الصراع على السلطة بنا المتصارعين عليها هناك.
ففي أخر أسبوع من يناير الفارط ولثلاثة أيام متتالية احتلت الحشود المليونية الجنوبية مرابطتها بثبات في ساحة الحرية بخور مكسر بعدن وفي مشهد لايمكن ان يمحى من جدران الذاكرة مطلقا ولا نغفل ان هذه الحشود قد توافدت قبل أسبوعين فقط إلى نفس الساحة وبنفس الجموع لإحياء فعالية تأكيد تصالحهم وتسامحهم وهي فعالية أذهلت العالم اجمع يومئذ.
هكذا نحن الجنوبيين وهذا هو ارثنا ومستوى صلابتنا وإصرارنا بل هذا هو ما تفصح عنه ثقافتنا وهويتنا الأصيلة التي لا تقبل الذل والانكسار ولا تقبل او تستمرئ الخنوع مهما كانت أشكاله وتنويعاته لذلك كان من الطبيعي ان تتشح هذه الفعالية الأخيرة بثوب النقمة والغضب المزمجر الذي ارتفع منسوبه عاليا في أرجاء ساحة خور مكسر وقد تمازجت فيها كل اطياف لهجات الجنوب ومكوناته التي تداعت من كل القوى والمدن والجبال.
بصراحة لقد فاض كيل الصبر الجنوبي وقد طفح مستوى احتمال الجنوبيين بسبب تفاعل الجوار الإقليمي والدول الفاعلة في العالم لكل ما يحيق بنا ولإدارة ظهورهم لتطلعاتنا المشروعة في التحرر والإنعتاق واستعادة دولتنا ولذلك تتصاعد نيران النقمة والغضب في الشارع الجنوبي واحتمال الانفجار الشعبي العارم والغير محمود العواقب على هذه الرقعة الجغرافية مجتمعة وهو الذي تفرضه أخر الخيارات المتاحة للجنوبيين بعد خوضهم وتعاطيهم السلمي في طرح تطلعاتهم المشروعة وعلى خلفية الظلم والجور الذي تجاوز الحدود والذي اعترف به نظام صنعاء مرارا.
بأمانة لقد خرج مارد الغضب الجنوبي من قمقمه ولن يرجع إليه مهما كلف الأمر وهذا ما تفصح عنه دلائل وشواهد اللحظة الجنوبية الراهنة بل هذا ما عبر عنه هدير الحشود المليونية الغاضبة والمزمجرة في فعالية (نحن أصحاب القرار) وكذا إصرار الجنوبيين على الخروج المليوني المتواتر منذ فعالية 14 أكتوبر الفارط.
لذلك على دول الجوار الإقليمي والدول الفاعلة عالميا ان تستشرف وتلتقط مخرجات اللحظة الجنوبية وغليانها غير المعهود قبل فوات الأوان إلا إذا كانوا قد عقدوا عزمهم وبيتوا النية على سيناريو النهايات الدرامية السوداء لهذا المساحة من جنوب غرب فلا نملك إلا ان نقول (قدر الله وما شأ فعل) وليكن بعده ما يكون