شهر رمضان شهر تقيد وتصفد فيه المردة والجان بالاغلال والسلاسل ولكن تبقى شياطين الإنس طليقةً تسعى وتمرح وتفسد في البلاد كيفما تشاء . من المتعارف عليه أن شهر رمضان أصبح شهر للأزمات المفتعلة في بلادنا من قبل كثير من ضعفاء النفوس المحتكرين المتبخسين " الناس أشياءهم " ، فبسبب غياب رقابة السلطات المحلية أو تغاضيها ، تراهم يضاربون في الأسعار ويرفعون الفوائد ويزيدون الأرباح بغير وجه حق وينهكون كاهل المواطن الذي لا يكفيه مصدر دخله لكثرت أزماتهم المفتعلة في الحر أو لشراء متطلبات الشهر الكريم وعيد الفطر وموسم المدارس الذي يأتي بعده مباشرة . فهل تظنون أنكم صائمون حقاً وأنتم تمارسون الظلم والإحتكار كل دقيقة وكل لحظة ؟ ! هل صيامكم يأمركم بهذا ؟ ! قال صلى الله عليه وسلم «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش» (صحيح الجامع: 3488) . فالصيام ليس الإمتناع عن الإكل والشرب والمحرمات فقط ، ولكن هو تهذيب للنفس ومنعها عن ظلم الآخرين بإي طريقة وبإي شكل من أشكال الظلم والقهر ، فدعوة الصائم مستجابة والله تبارك وتعالى جعل باباً من أبواب الجنة للصائمين وأسماه الريان ، وذكر الصائمين في منازل عديدة وخلد ذكرهم في كتابه العزيز لجلالة قدرهم وعظيم شأنهم . فإذا لم تنهاكم منزلة الصيام العظيمة وحكمته الجليلة فما الذي ينهاكم ؟ ! روى البخاري (1761) ومسلم (1946) عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( قال الله : كل عمل ابن آدم له إِلا الصيام فإنه لي وَأَنا أَجزي به . . . الحديث ) . فإياكم أن يمر عليكم شهر رمضان وأنتم لم تخلعون بعد عباء الظلم والفساد واستغلال الآخرين والسعي إلى قهرهم وسحقهم بالأزمات والمحن المفتعلة ، فرمضان شهر التوبة والإنابة ومراجعة النفس وتصحيح المسار ، وتفكروا أن ما أنتم فيه من نعمة فمن الله وهذا إبتلاء وإختبار وإمتحان لكم ليعلم كيف تصنعون بمالكم وجاهكم ومناصبكم ؟ هل تستخدمونها في خدمة الآخرين والتخفيف عنهم عن الآلمهم وأحزانهم والتنفيس عن كربهم ، أما تأخذكم العزة والكبرة بالإثم ! وتذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعى و قال :" اللهم من وليّ من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم اللهم فاشقق عليهم ، ومن رفق ربهم اللهم فارفق به " الحديث.