من المؤلم أن يزداد اليمنيون قناعة أن ممارسات سلطته الشرعية والأحزاب السياسية الداعمة لها ، لا ترقى لخطورة المرحلة، وجسامة المهام الملقاة على عاتقها ، محكومة بإرث من الصراع السياسي المناطقي الحزبي السخيف ، أو بالرغبة في السيطرة على مفاصل السلطة والاستحواذ على امتيازاتها. في اليمن تضيع الحقيقة في دهاليز التخندقات السمجة ، وفي سراديب صراع أحزاب ومراكز قوى ، أوصلت لمراكز القرار وصوليين وانتهازيين ، وساندت مستثمرين سياسيين ، وعملت جاهدة على إبعاد وإزاحة شخصيات لها تاريخ من النضال الوطني ، ولها دراية كبيرة ومعرفة عميقة بالظروف الداخلية والخارجية ؛ كي لا تنكشف سوأتها ، وينقطع عليها باب التكسب السياسي والاسترزاق الاقتصادي، كيف لشرعية تزعم أنها ضد الانقلاب ؟! وفي ذات الوقت سلوكها لا يصب إلا في فقدانها لثقة اليمنيين ، وتآكل مصداقيتها في دحر الانقلاب ، من خلال إعادة تدوير النخبة الفاسدة في مؤسسات السلطة الشرعية المدنية والعسكرية والأمنية ، التي دفعتها المتغيرات في المشهد اليمني ؛ لتغيير مواقعها محتفظة بذات الأساليب والسلوك الذي كانت وما زالت تنتهجه ضمن منظومة فساد كبرى. عندما يرى اليمنيون شرعية ، أنتجت طبقة جديدة من الأثرياء حتى الثمالة ، كانوا تحت خط الفقر ، وباتوا فوق خط الغنى ، بينما الغالبية من أفراد المجتمع اليمني مسحوقين ، يفتقرون لأبسط مقومات الحياة ، كيف لهم أن يؤمنوا أن سلطتهم الشرعية جادة ومخلصة في استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب؟!. حينما يجد اليمنيون أن المتسيد على المشهد ، والذي يتصدر الحديث عن الوطن ، ويتزعم كما يقول النضال الوطني ، لا يمت للوطن بصلة ، ولا يعنيه من أمره شيئا غير بقائه في منصبه ، وما يجنيه من ورائه من مال أو جاه ، فهذا مدعاة ليس للاستغراب بل للسخرية أيضا ، وحينما يجد اليمنيون أن هناك فجوة كبيرة بينهم وبين مسؤوليهم ، هم في الحضيض ومسؤوليهم في أعلى درجات الرفاه والأمان النفسي والجسدي ، وفوق ذلك يريدون من اليمنيين التسبيح بأسمائهم والتمجيد لألقابهم ، تزداد القناعة لديهم بأن هناك ضحك على الذقون ومتاجرة بآلامه ومواجعه. لانتصار أي قضية لا بد لها من شروط ، متى ما توفرت تحقق النصر ، عدالة القضية وقيمها ثم حملتها الأكفاء ، بيد أن ما اعترى فريق الشرعية هو اختلال في القيم، عبر حملة ضعاف أو فاشلين ، أو هكذا يراد لهم أن يكونوا ، وبالتالي فإن عدالة القضية لا يحملها للنصر محام فاشل ، أو من اختلت قيمه ، فهذه قوانين لا تحابي أحدا. عدالة الشرعية اليمنية لا يختلف فيها اثنان، لكنها مازالت في خنادق العجز والإخفاق، والعلة في غياب أو تغييب من يحمل قيم عدالتها ، أو من يذود عنها. بات الاتكاء على استثنائية الوضع ، والتعلل بتعقيدات المرحلة، وتأثيرات الخارج شماعة ؛ لتبرير أخطاء وانحرافات السلطة الشرعية رئاسة وحكومة ، وتغطية لفساد يزكم الأنوف ، ورافدا مهما يمنح الانقلابيّن القوة ويمدهم بأسباب الاستمرار والبقاء.