"إذا تقاربت القلوب و تآلفت فلا يضر تباعد الأشخاص ... فالأرواح جنود مجندة ... ما تقارب منها تعارف و ما تنافر منها تخالف .... كم من أناس موجودون معنا بأجسادهم لكن أرواحنا و أرواحهم تحلق في فضاءين مختلفين .. و كم من أرواح حلقت في فضاء واحد رغم مسافات شاسعة تفصل بينها على الأرض ..." حكى لنا الأباء عن الأجداد أنهم كانوا يتنقلون من أرض إلى أخرى ومن مكان إلى آخر فوق الحمير والبغال والجمال وكانت وسيلة نقل شائعة خصوصا بين أبناء المزارعين من الطبقات الوسطى ، وأما الأباء فيحكون لنا أن كثيرا من الطلاب كانوا يقطعون مسافات طويلة سيرا على الأقدام بين القرئ والجبال والهضاب يوميا ذهابا وإيابا طلبا للعلم في المدارس والجامعات ، وعلى الرغم من بعد المسافات وكثرة العقبات والصعوبات وما لاقوه من أزمات ومشاق إلا أن قلوبهم كانت نظيفة وحياتهم كانت بسيطة يملؤها الحب والتعاون والإثيار وكان كل واحد منهم `` في حاله `` الزمن الجميل كما يحلو للبعض تسميته ! أما اليوم في عصر التكنولوجيا والسيارات وطفرت الإتصالات الذي أصبحت فيه العواصم والمدن كالقرى الصغيرة لشدة تقارب أهلها وتواصل سكانها اليومي بعصهم ببعض ، تقاربت المسافات الجغرافية وصرنا نصل إلى مدن بعيدة خلال وقت قصير ولكن ظهرت فجوة في عواطف ومشاعر القلوب بين المجتمعات وذلك بسبب الأزمات والحروب المفتعلة التي جعلت من الحياة قاسية وتجحرت القلوب وتضيق الواسع وتباعد القريب الإ مارحم ربك فالأبواب تفصلها أمتار قليلة ولكن القلوب تفصلها مسافات شاسعة ! فالمسافات لا تقرب أحدا ولا تبعد أحد القلوب هي التي تفعل ذلك ف " إذا تقاربت القلوب فلا يضر تباعد الابدان " ، فالقلوب تبقى دائماً مقياساً لصلة القرابة وإقامة العلاقات بين الناس فهي تقرب المسافات إذا تحاببت، وتبعد المسافات إذا تباغضت . فهذه وقفة على كف العالم , بعد أن تقاربت المسافات بين أطرافه واختلطت أمزجة البشر وتداخلت الثقافات وتأثرت التقاليد ، أفلست الإنسانية ، وتباعدت قلوب الناس .