كنت قد كتبت في مقال سابق أن المسافة بين الإنسان وذاته قد تتباعد، وبقدر العودة إلى الذات يتحقق وجود الإنسان في وطنه ما جعلني أعيد قراءة ذلك بأن الأشياء تتقارب من حولنا في الوقت الذي لاتزال أفئدتنا تتباعد. فها هو المريخ يقطع تلك المسافة الضوئية في رحلته الاقترابية من الأرض، فهلا فقهنا معنى ذلك التناغم الكوني وتلك الرسالة السماوية؟!. الجدير ذكره أن المسافة التي سيقطعها المريخ هي (276) مليون كم، فيا ترى كم سيقترب الفرقاء من طاولة الحوار. ومن ثم هل نحن بحاجة إلى تلسكوب غربي أو اسرائيلي لتقريب تلك المسافة فيما بيننا كيمنيين؟!. حقيقة لا أعلم ما الذي يجعل اليمني يرفض أخاه حتى يأتينا طرف ثالث لا تجمعنا معه سوى الإنسانية (ليغرّب) بيننا!! (القاف) باللهجة السودانية. أقول : أين نحن من قيم الدين، الفصل، الموطن، التاريخ، اللغة، القرآن، هل نتخلى عن جميع هذه الروابط ونتمسك بالإنسانية؟!. تلك الإنسانية التي قد لا تحمل معنى الإنسانية خصوصاً إذا كانت الدول التي تنادي بها تحترف القتل، كما تحترف سلب البلدان مقدراتها وثرواتها. أقول مرة أخرى: إذا كان البعض يعتقد أن تلك الدول التي لها علاقة بما يجري في اليمن من أحداث ستحتضنهم، فعليهم الذهاب إلى تلك الدول ليدركوا مقدار حجمهم فيها.. هذا إذا سمح لهم بالحصول على تأشيرة الدخول. مما يعني أن اليمن هي الوطن الحقيقي لا تلك الدول. أحياناً لا يدرك الإنسان قيمة وطنه، إلا إذا قدر له الاغتراب عنه؛ عندها سيجرفه شوق كبير إلى بلده.. شوق لا تنجبه إلا المنافي؛ عندها سيدرك معنى الوطنية، سيدرك معنى اليمن، سيدرك حجم الكرم الذي تمنحه الأوطان لأبنائها. فأين نحن من وطننا، أين نحن من يمننا، أين نحن من هذا الوطن الذي حمل رجسنا ولم نحمل طهارته؟!.