عندما ترسف المعارضة بأغلال تنظيماتها الحزبية، وتتنحى عن الغاية السامية من وجودها لا شك أن ذلك يحجّم من دورها، ويطفّف من ثقة الشارع اليمني بها ،الأمر الذي يجعلها بصدد الجواب على تساؤل مضمونه: ماهي القيمة الفعلية لحضورها وقد بوبّت انتماءها الوطني كهامش في مجلد ولائها التنظيمي؟ الحقيقة أن أئمة المعارضة لو انتقلوا بأنفسهم إلى مربع الوطنية بعيداً عن مربع الذات الحزبية، لأدركوا حجم المسافة التي استعذبت رحيلهم إلى دياجيرها، خصوصاً وقد أودى بهم مكوك التعصب الأعمى إلى وادٍ غير ذي نور. فالفترة التي أعقبت الانتخابات الأخيرة كانت كفيلة بإظهار ملامحهم الحقيقية، لتسقط أقنعة الوطن والوطنية من محياهم، فرغم الانزياحات التي شهدتها الساحة مؤخراً إلا أن المعارضة تمخضتها المواقف السلبية بتشوهات تعيقها عن الظهور أو التربع على عرش الحكم، لفقدانها العديد من المؤهلات الوطنية والقيادية. ولا نعمم هذا القول على جميع أفرادها، فهناك شخصيات في المعارضة تستحق الإجلال ،ولكن المحزن أن أئمتها هم من يقع على عاتقهم رسم التوجهات العقيمة لخلاياها الحزبية التي صارت لا تمتلك من أمرها عدا ورقة الرق التي بينها وبين أسيادها. على كل لست هنا معتلياً منبر التحزب لإلقاء مفردات الشتائم حيال الأحزاب الأخرى. لست كذلك، ولا أنتمي إلى أي حزب من الأحزاب الموجودة في الساحة إنما يتجسد انتمائي إلى تراب هذا الوطن المعطاء الذي أكرمنا وبخلنا عليه، حمل رجسنا ولم نحمل طهارته. إن تراب اليمن أعز من مدخرات الدنيا ومغرياتها يجب أن نعي وندرك معنى هذا. ولا يعني ذلك ألاّ نختلف مع سياسة الدولة في بعض القضايا، ولكن يجب أن نعرف متى ننتقد الدولة ومتى نقف إلى جانبها. بمعنى آخر يجب أن نكون على وعي تام بفقه المرحلة، فعندما يكثر أعداء الوطن سواء كانوا في الداخل أو في الخارج يتوجب علينا في هذا الحال أن ننسى أمر الحزبية، وننتمي إلى الوطن الأم لأن الحزبية وسيلة وليست غاية والأهم من ذلك هو أمن الوطن واستقراره، بعيداً عن المهاترات والمصالح، والأهواء التي قد تجرنا إلى بؤر التشظي والضياع، لأننا بعد ذلك لن نتمكن من استرجاع ما فات ولو بجّل التكاليف، فهلا فقهت المعارضة بفقه المرحلة؟! [email protected]