من الأوضاع التي تشهدها الساحة اليمنية نستقرئ أن هناك من يتسبب في عملية الانزياحات النكوصية عن الثوابت الوطنية المقدسة في أكثر من مكان وأقرب من زمان. ويبين الواقع الملموس أن هذه المتغيرات هيأت الأجواء لظهور نزعات منشفية ذات أيديولوجيات متباينة أساسها الفوضى وتسلط الأهواء. وإذا كانت هذه الانزياحات التي طرأت على المشهد السياسي لا تشكل خطراً محدقاً على منظومة الوحدة الوطنية، ولكنها باعتقادي تؤسس اللبنة الأولى لجدار فكري عنصري، سيعمل على الفصل بين الانتماء الوطني بمفهومه السيادي وتحويله إلى ولاء فئوي ضيق قوامه المنظمة الحزبية والمرجعية الطائفية، وهذا يعني أن على الدولة القيام بحملات تطعيمية داخل الأوساط الشعبية عن طريق الندوات والمحاضرات والمنابر ووسائل الإعلام كي تكون بمثابة الوقاية من زعاف عقارب التخريب والتمرد وثعابين الانفصال. هناك ثمة مفارقات بين مشروعية المطالب وآلية القيام بالدفاع عنها وفقاً لقنوات حقوقية كفلها القانون والدستور. فعندما يقدم المتقاعدون على عملية المطالبة بمستحقاتهم؛ فهذا أمر مشروع وينبغي علينا الشد على أيديهم في سبيل ذلك.. أما أن يتحول هذا الحق إلى سلوك محظور يتخلله رفع الشعارات التي تنال من سيادة الوطن واستقراره.. فهذا يمثل تجاوزاً للخطوط الحمراء التي بغيابها يغيب مستقبل الوطن، وبرأيي أن هذه الشعارات يجرمها القانون ويدخل القائمون بها تحت طائلة المحاسبة القانونية. إن المطالبة بحقوق المتقاعدين حق شرعي لا ينكره أحد. فقط، ما ننكره هو محاولة المندسين الإساءة إلى الوطن والوحدة الوطنية. هؤلاء نقول لهم: إن الوحدة الوطنية خط أحمر، والسيادة الوطنية خط أحمر.. ومن سيحاول الاقتراب منهما لن يجد سوى شعبنا الأبي يتصدى لهم. وهنا أستمد خلاصة القول بأن الساحة الوطنية حبلى بالتغيرات سواء على مستوى ظهور أحزاب عنصرية أو اكتشاف تكتلات لم تكن موجودة في السابق، أو ظهور البعض من أعداء الوحدة على منابر الإعلام الخارجي لتتقيأ حقدها على الوطن ومكاسبه الاستراتيجية. ومهما يكن الأمر فلا شك أن الأيام القادمة ستحمل في طياتها مفاجآت عديدة، وستكون بمثابة الكشف عن الهوية لبعض المتربصين بأمن الوطن والذي سيظل حاضراً في سدرة الشموخ لا يناله سوى العز والكبرياء، وستظل الوحدة اليمنية تجري في دمائنا إلى أن تقوم الساعة. emad [email protected]