من خلال الموضوعات التي تشرفت بكتابتها عبر هذا المنبر الحر قد يتهمني البعض باني امثل وجهة نظر السلطة أو إنني كما ذكر بعض الإخوة المعلقين احد (المطبلين) الذين يكتبون من اجل منفعة شخصية وخلافه.. هذه الحالة الصحية للرأي والرأي الآخر- وان خرجت أحيانا عن أدب الحوار- دفعتني للكتابة في هذا الموضوع الهام، لا كرد فعل للاتهامات سالفة الذكر أو للدفاع عن قلمي، ولكن للدفاع أولا وأخيرا عن الكلمة الحرة التي مهما اختلفنا في تفسير محتواها فإنها لا تخرج عن المبدأ المهني للكتابة الصحفية الذي يتوجب على الجميع الإيمان به في ظل المناخ الديمقراطي وحرية الرأي والرأي الآخر الذي تعيشه صحافتنا اليوم. ليس كل من يتحدث بموضوعية عن منجز تنموي أو سياسي قد تحقق بالضرورة ينتمي إلى السلطة حتى أولئك الذين يتناولون موضوع المعارضة بالنقد الموضوعي لان هدفهم في النهاية دفع المعارضة لان تكون بالفعل الوجه الآخر للحكم في البلد، لان انعكاس ذلك قطعا سيكون لصالح الوطن والشعب والتجربة الديمقراطية التي يتوجب على الجميع سلطة ومعارضة ترسيخ قواعدها للوصول إلى الغاية المرجوة منها وهي التداول السلمي للحكم، إيمانا وعملا، وبالمقابل ليس كل من يتحدث عن الإخفاقات هنا أو هناك، أو عن الفساد المستشري في البلد أو عن مشاكل المجتمع وسلبيات السلطة بالضرورة ينتمي إلى المعارضة لان هناك كتاب كثر يقولون الحقيقة ويكتبون منها وفي إطارها سواء كانوا محسوبين على السلطة أو المعارضة وهؤلاء هم أصحاب الكلمة الحرة محور حديثنا. الكلمة الحرة الصادقة ليس لها انتماء حزبي ضيق، حتى وان صدرت من متحزب ينتمي إلى سلطة أو معارضة لأنها تعبر في الأخير عن انتماء أوسع من التحزب الضيق هو (الانتماء الوطني) وهذه الكلمة إن خرجت عن هذا الانتماء الأوسع تصبح كلمة مقيدة بأدبيات وبرامج وتوجهات الأحزاب، وبالتالي تفقد جزء كبير من مصداقيتها؛ حتى أولئك الذين يكتبون في القضايا الخاصة بأحزابهم يجب أن لا تخرج كتاباتهم- من وجهة نظري- عن الإطار والمضمون الأوسع، لان الأحزاب السياسية تكتسب مشروعيتها فقط من انتمائها الوطني, وهذه الأحزاب كما نعلم جميعا شرع وجودها في إطار النظام السياسي للبلد، والذي حدده دستور دوله الوحدة لتعمل في إطار هذا الانتماء الكبير للوطن وليس العكس. الكلمة الحرة يجب أن تسبح في جو الحرية- سواء اتفقنا أو اختلفنا معها- فالاختلاف في الرؤى والتوجهات والسياسات (رحمة)، وهذه الكلمة لا تفسد للود قضية- كما يقال دائما, والكلمة الحرة أيضا لا تعني الحرية المطلقة التي قد يتصورها البعض، فالخروج عن القيم الدينية والأخلاقية والثوابت الوطنية خط احمر يتوجب على الكل عدم تخطية بأي صورة من الصور لان هذه الكلمة إن تخطت هذا المبدأ العام ستصبح كلمة غير معترف أو مرحب بها من أصحاب الانتماء الأوسع للوطن وهم الشعب وبالتالي تفقد مشروعيتها. الانتماء الحزبي مشروع، والكتابة في إطار هذا الانتماء مشروعة أيضا بشرط أن لا تخرج- كما أسلفنا- عن الإطار الأوسع لان هذه الكتابة إن خرجت عن هذا الإطار ستصبح كلمة منقوصة وضيقة الأفق أو المحتوى. والاختلاف في الرؤى في إطار الحزب الواحد ظاهرة صحية تعبر عن ديمقراطية حقيقية داخل أي حزب سياسي يتبنى هذا الاختلاف ويعيشه وبالتالي الإقصاء لمجرد الاختلاف في الرأي أو التوجه أو الطرح يعبر عن ديكتاتورية داخلية يعيشها أي حزب سياسي يتبنى هذا السلوك أو الفكر. ختاما هذه خطوط عريضة نؤمن بها كمفهوم للكلمة الحرة داخل الانتماء الحزبي أو خارجه، وقد يختلف أو يتفق معي الكثير في هذه النظرة بناء على المفهوم الواسع لحرية الرأي والرأي الآخر. تمني: متى سيأتي اليوم الذي نشاهد فيه أصحاب الكلمة الحرة يكتبون بكل حرية وشفافية في كافة الصحف الحزبية أو المواقع الالكترونية، سواء كانت محسوبة على السلطة أو المعارضة؟ وبمعنى آخر متى سنرى مؤتمري يعقب أو ينتقد بموضوعيه بناءه مقال لزميل له في الكلمة في صحف أو مواقع الاشتراكي والإصلاح والوحدوي..الخ؟ ومتى سنرى اشتراكي أو إصلاحي أو ناصري أو حتى مستقل يمارس حريته في التعقيب أو النقد الموضوعي البناء أيضا في الصحف أو المواقع المحسوبة على المؤتمر؟؟ اعتقد إن اليوم الذي سنصل فيه إلى هذه الممارسة الحقيقية لحرية الكلمة سنتفاخر عندئذ أمام العالم بان اليمن أصبح فيه أحزاب سياسية تمارس ديمقراطية حقيقية من داخلها وفي تكوينها الفكري.. الموضوع هام ومتشعب ويحتاج إلى إثراء عميق وموضوعي من أصحاب الكلمة الحرة زملاء الرأي والرأي الآخر لكي تترسخ في الوطن سلطة رابعة بحق وحقيقة. ** تنويه: لمن يتساءلون عن انتمائي الحزبي أقول لهم أنا لا انتمي إلى أي حزب سياسي لأني مستقل بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، حتى وان دلت بعض كتاباتي على عكس ذلك كما يتصوره البعض.