تقديم الأهم على المهم قاعدة منطقية يمكن إدراجها ضمن المبدأ الذي يقول إن المصلحة الوطنية العليا مقدمة على أي مصلحة أخرى وبالتالي لو تفاءلنا خيرا وقلنا أن المسائل أو القضايا الأساسية المطروحة على الساحة الوطنية قد حلت جلها خلال مدة لا تتجاوز العام من فترة التأجيل المتفق عليها بين طرفي المعادلة السياسية فأننا بذلك قد تجاوزنا الخطوة الأهم للسير بالوطن في الطريق الصحيح مع أنه إذا وجدت الإرادة الحقيقية وغلبت المصلحة الوطنية العامة على أي مصلحة أخرى واستشعر الجميع مسؤولياتهم الوطنية لخرجنا بحلول عملية لمعظم المشاكل السياسية والأمنية الملحة في مدة أقل مما نأمل. وهذه المشاكل التي أشرت إليها في الجزء الأول من هذا الطرح الذي يعبر فقط عن وجهه نظر شخصية قد يتفق معي البعض في طريقه طرحها أو العكس وما هي إلا كلمة أعتقد أنه من الواجب طرحها لتعكس أيماننا الحقيقي برسالة الصحافة وحرية الرأي والرأي الآخر , أقول هذه المشاكل التي تسمى عند البعض قضايا أعتقد أنه يتوجب على الجميع الوقوف أمامها بمسؤولية وطنية بحتة مجردة من أي انتماءات ضيقة أو مشاريع حزبية صغيرة، وبالتالي بعد أن ننتهي من هذه المشاكل في إطار حكومة وحدة وطنية تضم الجميع لتطرح حلول عملية قائمة على الإجماع والتوافق الوطني استنادا إلى ثوابت الشعب ومواد الدستور ونص وروح الشرع والقانون ومبادئ الحكمة اليمنية التي لابد من تفعيلها في حياتنا السياسية حتى نجعلها بحق نبراسا يضيء طريقنا وآمالنا بحياة كريمة ومستقبل مشرق للشعب قاطبة.
بعد ذلك يمكن أن تبدأ الأحزاب فيما تبقى من فترة السنتين لمناقشة المساءل السياسية الخلافية التي تتعلق بموضوع الانتخابات النيابية القادمة بعد أن هيئت الأجواء المناسبة والصحية لحوار مسئول يبتعد عن الأنا وتغليب المصالح الحزبية الضيقة ويقترب من المصلحة العامة ومصلحة جميع الأطراف في ديمقراطية ناضجة ديمقراطية فاعلة ديمقراطية حقيقية نستطيع من خلالها بناء أسس متينة لاستقرار سياسي حقيقي لذلك فليكن هذا الحوار حوارا وطنيا مسئولا يضع الحلول التوافقية التي تنتصر في النهاية للوطن ككل وللديمقراطية بشكل خاص. وللوصول إلى هذه الحلول لابد من خلق أرضية صالحة من الطرح الموضوعي الصادق تسبقه النوايا الحسنة والعمل السياسي البناء، وليتنازل كل طرف للأخر تنازل موضوعي وعملي وواقعي قائم على القاعدة المبدئية التي تقول "لا غالب ولا مغلوب" على أن تكون مرجعية الجميع دستور الجمهورية اليمنية وقانون انتخابات متفق علية من جميع الأحزاب والقوى السياسية في البلد على أن يحقق هذا القانون أعلى قدر من الشفافية لكي لا تجعله بعض الأحزاب حجتها في المستقبل القريب أو البعيد للطعن في العملية الانتخابية برمتها ولكي لا نعيد إنتاج وصنع الأزمات السياسية مع كل عملية انتخابية تجرى سواء كانت نيابية أو محلية أو رئاسية..
قد يذهب بعض المراقبين إلى التشاؤم أحيانا والقول بأن هناك بوادر لخلاف واختلاف متجدد وقادم في هذه المسألة يمكن أن يبرز بشكل أكبر في موضوعي النظام الانتخابي الذي تصر أحزاب المعارضة على اعتماد نظام القائمة النسبية ويرى الطرف الآخر أي السلطة أنة نظام غير مناسب لواقعنا السياسي أو الاجتماعي أو حتى الثقافي كون المجتمع اليمني في الغالب مجتمع ريفي ومسألة الديمقراطية والثقافة الديمقراطية مسألة جديدة علية ومستوى الوعي السياسي والديمقراطي في هذا المجتمع لازال مستوى ضعيف للغاية وبالتالي تغيير النظام الانتخابي بصورة كلية قد يؤثر بالسلب على العملية الديمقراطية برمتها. وقد سمعنا فيما يتعلق بهذه المسألة بعد هذا الاتفاق الأخير للتأجيل بأن هناك توافق مبدئي من قبل السلطة والمعارضة على اعتماد نظام انتخابي "مختلط " وهذا في اعتقادي لن يحل المشكلة كليا إلا أذا أعدنا دراسة الواقع السياسي والاجتماعي بتعمق أكبر من منظور وطني ومهني بعيدا عن التأثيرات السياسية أو المصالح الحزبية الضيقة، ولكن إذا صح هذا الاتفاق فأننا من "حيث المبدأ" أمام حلول يمكن أن نقول أنها تقترب من الحلول الوسطية وتبشر بتوافق معقول يبتعد مسافات عن المواقف المتصلبة التي تعود الطرفين عليها خاصة أحزاب المعارضة ونرجو فقط أن تتحقق النظرة الايجابية للحلول الوسطية في كل المساءل الخلافية بناء على المصلحة العليا للوطن ومصلحة التطور المرحلي للنهج الديمقراطي الذي لابد نسلكه ونؤمن به جميعا قولا وعملا إذا أردنا بالفعل إصلاح سياسي حقيقي. المسألة الخلافية الأخرى التي ستطرح على طاولة النقاش وستعمق في اعتقادي من الخلاف خاصة إذا تمسك كل طرف بموقفة هي مسألة مشاركة أبناء القوات المسلحة والأمن في العمليات الانتخابية فالمعارضة تريد تحييد هذه الفئة الوطنية من العملية الانتخابية لأنها تعتقد ظنا بأن هذه الفئة من المجتمع اليمني "تنتمي" وبشكل غير معلن إلى خيارات السلطة وتوجهاتها وبالتالي هذه السلطة تمتلك سلفا كل أصواتها بل وتجيرها لصالحها بصورة أو بأخرى!! وهذه في اعتقادي نظرة ظالمة من قبل المعارضة ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك بل إنها نظرة غير دقيقه وتصور غير موضوعي خاصة إذا علمنا أن أفراد الجيش والأمن هم في الأول والأخير مواطنين يحق لهم ما يحق لغيرهم ثم إنهم بفعل القانون والدستور مواطنين لهم الحقوق الكاملة مثلهم مثل أي مواطن بل إنهم بحسب الدستور ينتمون إلى مؤسسة وطنية محايدة تحرم الحزبية بين صفوفها ثم كيف لنا التأكد اليقيني من أن أمر ما "عسكري" على سبيل المثال قد يفرض على ذلك الجندي أو الفرد هنا أو هناك فيدفعه عنوة لانتخاب ما أمر به بل كيف سيتسنى لأي مسئول أو مراقب التأكد من تنفيذ هذا الأمر الافتراضي خاصة وصناديق الانتخاب خاضعة للرقابة الداخلية من الأحزاب نفسها ورقابة خارجية محايدة من المنظمات والمعاهد الدولية!! أعتقد أن الوقت لم يعد كاف للمزايدات أو المغالطات أو وضع العراقيل هنا أو هناك وصنع الأزمات فيكفي ما ضاع من وقت سابق وجهد وأموال طائلة ذهبت جلها أدراج الرياح بفعل المماحكات والمناكفات التي لا تفيد أي طرف لذلك أقولها في ختام هذا الطرح بصدق و احترام حقيقي لكل الأطراف في الساحة الحزبية ومن مواطن يمني مستقل حريص على مصلحة الجميع وبالدرجة الأولى مصلحة الوطن ككل ليتجرد الجميع من انتماءاتهم الضيقة وليجعلوا بحق انتمائهم الوطني هو القاعدة التي تبنى عليها كل المشاريع الضيقة لتصب كلها في قالب واحد هو المشروع الوطني اليمني الذي يحقق الشعب به كل طموحاته وآماله المشروعة بحياة كريمة وبغد أفضل. للإطلاع: ما بعد التأجيل.. (1)