تعد الصحافة الالكترونية اليوم من أهم الوسائل الإعلامية المقروءة في عالم الصحافة الحرة على مستوى الفضاء الالكتروني العالمي الواسع، وقد أثبتت الصحافة الالكترونية اليمنية في فترة قصيرة أنها الأكثر تأثيرا والأكثر متابعه من القارئ اليمني بل لا نبالغ إذا قلنا أن التصفح اليومي لقراءة بعض المواقع الحيوية والمتجددة تشعر القارئ بأنه أمام وسيلة إعلامية تفاعلية خاصة إذا كانت هذه المواقع تتيح للقارئ حرية أوسع للتعليق المباشر على الأخبار أو الآراء المكتوبة... وتنقسم الصحافة الالكترونية في بلادنا والتي تتناول الشأن اليمني من وجهه نظري إلى اتجاهات متعددة، الاتجاه الأول والاهم تمثله المواقع الوطنية والتي يمكن القول أنها تحقق قدر عالي من المهنية التي تؤمن بحرية الكلمة والرأي والرأي الآخر وتؤمن أيضا بان العمل الصحفي رسالة نبيلة لنشر الحقيقة والمعرفة والمعلومة الصحيحة... والصحافة الحرة لا تعني الحرية المطلقة بل الحرية الموضوعية والمسئولة التي تنمي درجة الوعي الثقافي وتعمق الولاء الوطني خاصة أثناء الأحداث وهي الصحافة التي تتبنى طرح القضايا الوطنية المختلفة بشكل بناء وبكل شفافية وحرية مسئوله شعارها المصداقية والحيادية و الطرح الموضوعي وصياغة الخبر بمهنية عالية وهو الشعار الذي يضئ لها خطها الإعلامي المهني. وهذه المواقع بقدر الحاجة الملحة للساحة الإعلامية لها ولتعددها إلا أن الواقع الذي المسه كقارئ ومتابع جيد للكثير من المواقع اليمنية يقول أنها للأسف الشديد محدودة العدد والتنوع وهذه وجهة نظر شخصية بحسب اطلاعي ومفهومي الشخصي الذي أؤمن به من مسألة الصحافة الوطنية الحرة..... العجيب في الأمر أن معظم المواقع اليمنية الإخبارية إن لم نقل كلها تؤكد دائما أنها حريصة على الوطن ومصالح الوطن عند تناولها للأخبار والآراء وأنها تؤمن بحرية الصحافة وإظهار الحقائق بمهنية متجردة من كل الانتماءات ولكن من يغوص في مضمون (( بعض )) هذه المواقع عبر الكتابات والتحاليل والتقارير الإخبارية المختلفة يصل إلى نتيجة تثبت عكس ذلك الادعاء تماما!! وبعض هذه المواقع تعلنها وبكل صراحة وجرأة أنها " كيان" إعلامي انفصالي مشوه مهمته الأساسية نشر ثقافة الكراهية في المجتمع عبر التحريض السياسي البائس الذي تمارسه عن طريق بعض الكتابات مدفوعة الأجر التي يكتبها بعض من فقدوا مصالحهم الشخصية في فترات تاريخية مختلفة ويعيشون اليوم على أرصفة السفارات المعادية للوطن أو عن طريق تأليفها لأخبار مزيفة وأحداث مصطنعة من نهج خيالها والتي تقترب من الكتابات المسرحية الهزلية أكثر من اقترابها من الحقيقية أو الصياغة الخبرية المهنية المجردة. وهذه المواقع رغم حجب معظمها إلا أنها تعيش وهم كبير يسيطر عليها وعلى سياستها الخبرية وعلى القائمين عليها هذا الوهم المركب يغذيه فقط كل من يضمر الحقد الأعمى لليمن ووحدته أرضا وإنسانا سواء من كان في الداخل أو الخارج وقد تحولت هذه المواقع خاصة في الآونة الأخيرة إلى أبواق انفصالية مقيتة مهمتها الأساسية فقط إفراغ الأحقاد الدفينة والأمراض السياسية والنفسية المتراكمة لتصب في سلة صحفية واحدة وكأنك تقرأ موقع واحد بالرغم من تعدد أسمائها... وتأثير هذه المواقع لا يتعدى في اعتقادي الحبر الالكتروني الذي يكتبه القائمون على إدارتها، وهناك " بعض" المواقع الالكترونية التي تدعي "استقلاليتها " ولكن من يتابع خطها المهني من خلال التقارير الإخبارية الصحفية التي تنشرها أو الكتابات التي تحتويها صفحات مواقعها يدرك للوهلة الأولى انه أمام موقع حزبي بامتياز... فبعض هذه المواقع على سبيل المثال تتبنى بل و ترحب بكل الكتابات التي تنتقد السلطة بحق وبدون حق وعندما يقوم كاتب ما بإرسال مقال إلى بعضها ينتقد فيه على سبيل المثال سياسة أحزاب اللقاء المشترك تجاه بعض القضايا الوطنية يضيق صدرها أي هذه المواقع وكأنك تنتقد شئ مقدس أو انك تتعدى خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها!! وهنا تبرز الصورة الحقيقية لهذه المواقع وموقفها الحقيقي من حرية الرأي والرأي الآخر!! ولكي نكون موضوعيين في طرحنا هذا هناك أيضا " بعض" المواقع المحسوبة على السلطة تمارس للأسف الشديد نفس هذه السياسة ولكن بطريقه معاكسه أي أن نقد السلطة حتى وان كان نقدا موضوعيا وبناءا يمثل أيضا بالنسبة لسياسة هذه المواقع خط احمر لا يمكن تعديه من قبل أي كاتب رأي وبذلك نستطيع القول أن هذه المواقع " الحزبية " والتي تسمي نفسها زورا مواقع "مستقلة" لا تختلف في سياستها المهنية عن أي صحيفة أو موقع حزبي موجه لا يقبل إلا رأي واحد هو رأي الحزب الذي تمثله..... ختاما نقول ونؤكد إن رسالة الصحافة في عصرنا هذا عصر الحرية والديمقراطية والشفافية المعلوماتية تمثل في مفهومها الكلي رسالة مهنية نبيلة يؤمن بها كل صحفي شريف وكل كاتب حر وهي بالفعل تمثل سلطة رابعة إلى جانب سلطات الأنظمة الديمقراطية الثلاث.... والصحافة في اليمن سواء كانت تقليدية أو الكترونية لا تزال من وجهة نظري في مراحلها الأولى من النضج الديمقراطي والمهني ولم تصل بعد إلى مقام هذه السلطة الرابعة التي يمكن الوثوق بها وبدورها التغييري في المجتمع وهذا لا يعني خلو الساحة الصحفية من الصحف والمواقع الالكترونية المرموقة التي تنتهج بالفعل العمل المهني الصادق والراقي والمضمون الصحفي المسئول.... وحرية العمل الصحفي "المسؤل" خطوة أساسية لبناء قاعدة صلبه ترتكز عليها أسس ومبادئ هذه السلطة التي نتمنى ترسيخ مفهومها الديمقراطي الواسع لتعم الصحافة اليمنية بفرعيها في ظل تجربتنا الديمقراطية الناشئة.