كل مدن العالم تهطل الأمطار غزيرة ولأيامٍ وشهور متتالية دون انقطاع ولم يسبق أن سمعنا أو قرأنا أي شكوى أو تخوف من ذلك الغيث الذي يبعث الحياة حيثما هطل .. فقد شُقّتْ لها القنوات والمجاري وجُهِزَتْ طرقاتها وأبنيتها لذات الغرض لما لأهمية التعامل مع الظروف المناخية المتعاقبة لتلك البلدان . وكما هو الحال ، فقد كانت مدينة عدن مجهزة لمثل تلك الظروف ، بل أنه قد تم الاستفادة القصوى من مواسم الأمطار ومياهها ، وخير دليل بناء صهاريج عدن التاريخية منذ ألوف السنين ، وجهزت قنوات مائية للفائض من تلك الخزانات الطبيعية للجريان في ممرات منتظمة وبهندسة محكمة لتصل إلى البحر مجنبةً بذلك أية مخاطر للمدينة وأبنيتها وطرقاتها وساكنيها ..
وفي فترة قريبة ماضية تم إعادة النظر في تلك القنوات الخاصة بالأمطار – أبان فترة تولي الدكتور يحيى الشعيبي قيادة المحافظة – وتم تأهيلها بالكامل في مختلف المديريات لمواجهة أي ظرف طارئ لا سيما وأنه قد حدثت مثل تلك الانهيارات لأبنية ومساكن ، وغرقت الشوارع بمن فيها نتيجة تعثر جريان المياه في طرقاتها الطبيعية للوصول إلى البحر ..
وهاهي الظاهرة تتكرر .. فهطول الأمطار عدة مرات في الفترة القريبة الماضية كان كارثياً بمعنى الكلمة ، حيث أغلقت الطرقات الرئيسية تماماً ، وجرفت السيول الأتربة من الجبال المجاورة نحو الطرقات ، وانقطاعات طويلة في مختلف المناطق للكهرباء ، وحُوصِرَ عدد كبير من الناس في مساكنهم جراء ذلك .. وغيرها من مظاهر توقف الحياة الطبيعية بشكل شبه كامل أبان هطول الأمطار وما يليها من زمن لانتظار التخلص من البحيرات المتكونة في كل مكان ..
ومع ذلك لم نجد أي خطوة مطلقاً للبدء في معالجة مشكلة الأمطار والسيول في عدن سوى إرسال سيارات الشفط ( التي لا تتجاوز أصابع اليد ) لمحافظة كاملة بطولها وعرضها وعدد سكانها الهائل والمتزايد ، لشفط ما يتراكم في بعض الطرقات الرئيسة ، يرافق ذلك التقاط الصور التذكارية لمدراء المديريات وبعض المنظمات لنشرها هنا وهناك !
لماذا لا يتم إعادة فتح قنوات المياه ومجاريها التي كانت في تلك الطرقات الرئيسة والهامة وفتح منافذ جديدة ودائمة لمياه الأمطار نحو البحر ؟
أليس من المعيب أن لا يتجرأ مدراء المديريات والمكتب التنفيذي للمحافظة في اتخاذ خطوة هامة كهذه ؟؟
فكلما تلقينا تحذيراً من الأرصاد الجوي أو أي نشرة للطقس باحتمال هطول الأمطار ازدادت مخاوفنا ومتاعبنا حينما تبدأ السحب بالتراكم فوق سماء المدينة ..
أننا نتوجه بتكرار الرجاء لقيادة المحافظة ومدراء المديريات بأخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار وبأهمية لا يستعان بها تفادياً للنتائج الكارثية التي قد تواجه عدن وساكنيها في أي وقت ودون سابق إنذار .. وأظن ذلك لن يحتاج للكثير سوى تكاثف الجهود والبدء في إعادة فتح تلك القنوات المائية وإضافة بعض المنافذ الجديدة الهامة في الطرقات الرئيسة ، وخاصة مواقع تراكم المياه ، والجميع على دراية بها ويمكن الاستفادة من ذوي الاختصاص في هذا الجانب .