كانت خطبة فريدة وخطيب مميز منذ عام وأكثر ربما لم أسمع كجمال طرحة وغزارة علمه وبساطة أسلوبه تنقل بين عناوين عدة ، تارة بالفصحى وأخرى يجمّلها باللهجة السودانية التي تضيف جمال آخر للإلقاء وسهولة للمستمع وسلاسة للإيصال. في كل دقيقة أحاول أن أحفظ كل معلومة قيمة حتى لا أنساها وأجرى بقية ما سيأتي به ، البعض يفرض عليك قوة التركيز ورغبة الأخذ والتلهف للمزيد أنتهت الخطبة. وحينما أمنّا وتقدم للصلاة ظهر أنه صوفي ببعض الطرق المختلفة في الصلاة وما بعدها أنسحبت تلك النشوة تلقائياً وكأن عقلي أيضا يريد أن يتخلى عن كل معلومة تلقاها واستفادتها من الخطبة مع أنها في غالب الأمر امور متفقة وليست في قضايا خلاف !! فعلاً تخليت عن تلك الدروس وعدت لأفكر عن هذه المعضلة التي تلازمنا في كثير من الأحيان ،شعرت أن هذا يحدث بتلقائية في كثير من المواقف والقضايا بمجرد أن نكتشف أن أولئك الأشخاص أو تلك الأشياء من جهة مختلفة لا تنتمي إليها أو تؤيدها أو لا تتفق مع أبجدياتها. ورطة البرمجة والأدلجة التي تسلبنا نقاء العقل أحياناً وتقيد مشاعرنا التي بدورها تتحكم بقبول الفوائد والحقائق والخلافات أو رفضها بتلقائية دون تفكير متجرد من هذه التأثيرات ، بل لأنها تحت تأثير العواطف والمشاعر ممزوج بالقناعات التي ترسخت فينا نظن أننا في الجانب الصائب دائماً بدون تردد. وأنا أتكلم عن خطبة جمعة فقط !! فضلا عن بقية تفاصيل الحياة التي نتعامل معها بنفس الأسلوب وعلى ذات الطريقة وبنفس التفكير والبرمجة.