حينما اعود الى المنزل … من كل مساء أحترف مواعيدي مع الصمت بحذرٍ شديد.. تخلع اغنيتي ابتسامتها المعتادة؛..تتمدد قصائدي ثاويةً على طول السطور.. تكنس مشاعري الحزينة ورواياتي المأساوية بقايا النور المتبعثرة على حيطان قميصي..يتوشح الظلام دياجيرهُ فاقعا فاه في كل الزوايا.. هذيان.. تمتمات..شرود.. وانا مستلقيا امام شاشة التلفاز، تمر الاشباح كأنها رؤوس الشياطين غارسةً اسنانها في اجسادنا.. بكل سرور.. الكل.. نعم. حكاية المساء الكليم تدندن من جديد عاهرةٌ على صفحات المرايا.. لتبدأ في ترتيب الأحداث... الحدث الأول هذه الليلة: شهر العسل بين الجلاد والضحية.. على سبيل العشق اللمنوع.. حلال.. !
إما حدثها التالي.. عبارة عن أشلاء مبعثرة في أسفل الركام، بينما أنات الصغار تنزف -بعمق- للأعلى. هكذا….!
أمنيةٌ في في عمر الزهور ، تلون ببقايا دمائها شريط الخبر العاجل ... !
صغيرتي أريج تقاطعني حاملةً رضاعتها الخاوية على عروشها تسأل رشفةً من الحليب.. معذرةً صغيرتي.. رميت الريمونت من يدي... علا الصياح حتى اصم الجدران الواهية.. القسام.. لقد اخذت كسرة الخبز من يدي.. ردي اليه كسرت خبزة.. صغيرتي سرور.. أبي: لازلتُ جائعة.. ! هل لدينا كسرة خبزا اخرى.. !!؟ لايوجد.. كل ما حصلت عليه كسرة خبز منذ ثلاثة ايام قسمتها بينهما..! فاصل اعلاني لاحدى الوجبات الشهية.. أبي متى سنأكل مثل هذا… ؟! في الجنة يا صغيري..!
أبي خذنا إلى الجنة كي لا نتضارب انا وسرور على كسر الخبز اليابسة.. براءة.. ! قريبا يا ابني.. قد يبعثنا الاشباح دفعةً واحدة.. إجرام.. آآآه.. يا الله.. يقاطعني صوتها من جديد.. يسبق خطواتها البطيئة.. المطر يخترق كل نقطة في سقف بيتنا المترهل.. لنجمع الأواني ونفرشها في ارجاء المنزل.. اليوم بإمكانها ان تتخلص من رتابة البطالة الكئيبة . على اصوات حبات المطر الواقعة في الاواني الفارغة، نتبادل النظرات أنا.. ورفاق عمري.. الفقر - البؤس - الألم - الخوف . هكذا يالله.. اعيش ..ثم أن هنالك جرحا آخر ولدت به ولم يندمل بعد.. انا ممزق ..هنا وهناك.. والمقدسيون يقفون على باب الرحمة.. يا الله ؟