قناة الجزيرة تجربة عربية رائدة، ساهمت في إخراج الإعلام العربي من "كلاسيكيته" نموذجه القديم. الجزيرة تكذب وتزور كغيرها، وتخلط السم في العسل. لعلها في ذلك تأتي في المرتبة الأولى عربيا، وهذا ما اقصد بالريادة. لديها خبراء محترفين بدرجة عالية، وهنا الخطورة. يمكنها التأثير على عقول ليس فقط البسطاء في الفكر والعلم، بل حتى بدرجة كبيرة المتعلمين، وربما بعض من يوصفون بالنخب، وتغير وتوجيه قناعتهم نحو سياق معين. العربية والحدث منافس جيد للجزيرة، تملك قدرات عالية في هذا المسار الجديد لا تقل كثيراً عن الجزيرة. هناك قنوات عربية "متخلفة" في فن الكذب الإعلامي. سذاجة وسطحية بعيداً عن الاحترافية، لايمكن أن تمرر إلا على البسطاء. لا نتهم ولا نظلم إعلامنا العربي، ليس هو في المقدمة في هذا المجال، إعلام الكذب والتظليل. إعلامنا يتعلم من الإعلام العالمي وبخاصة الغربي. مثلا تجد قنوات توصف بأنها محافظة مثل فوكس نيوز، بينما السي إن إن ليبراليه، لهذا يلاحظ في بعض التصريحات للرئيس ترامب كيف تنقل وتفسر بشكل احيانا مغاير تماما بين القناتين. فما يوصف بنجاحات لترامب قد يوصف باخفاقات في القناة الأخرى. ولاهمية منطقتنا العربية، العديد من الدول الكبرى عالميا وإقليميا أنشأت قنوات بالعربية. منافس قوي لقنواتنا العربية في حكاية الكذب والتظليل. وكلا يغني على ليلاه. وما ادراك ما ليلاهم. فأهلا بكم إلى ميدان "الحرب الناعمة"، إلى حكايات إعلام الكذب والتزوير والتظليل العالمية والاقليمية. أهدافه أبعد من الدعاية السياسية. إنها حكاية لاستعمار من نوع جديد. عزاءنا للشعوب التي وقعت في مصيدة "جهالة القرن الواحد والعشرون". الذين لا يمكنهم تمييز الكذب والتظليل، كما ذكر المفكر البارز البرفسور الفين توفلر. فأين موقعنا كيمنين بين الإعلام الجديد، وجهالة القرن الواحد والعشرون ؟ إلى اللقاء في حكاية جديدة... ولكل حكاية مغزى ومعنى.