تهل علينا الذكرى 57 لثورة 26 سبتمبر في ظل ضروف بالغة الحساسية والتعقيد تعيد الى الأذهان تلك الصورة القاتمة التي كان عليها وضع البلد شمالاً وجنوباً إبان فترة الحكم الإمامي الكهنوتي والإحتلال البريطاني، ففي الشمال كان هناك البطش والتنكيل وإنتشار الجهل والخرافة والعصبية السلالية، وفي الجنوب كان المستعمر ينتهب الخيرات والثروات ليسخرها في بناء إمبراطوريته العظمى بينما يرزح أبناء شعب الجنوب المحتل تحت وطأة الفقر والبؤس والمعاناة. وما أشبه الليلة بالبارحة وكأن التاريخ يعيد نفسه اليوم وبعد مرور 57 عام على قيام ثورة 26 سبتمبر تلك الثورة التي سطر ملاحمها خيرة رجال هذا الوطن وامتزجت فيه دماء المناضلين الشرفاء من أبناء الجنوب والشمال لتصنع ذلك التحول التاريخ في حياة الشعب اليمني وتخرجه من ظلمات الجهل والتخلف والظلم والإستبداد الى آفاق جديدة وحياة مختلفة كل الإختلاف عن سابقتها، حياة يسودها العدل والمساواة والحرية، حياة ينير العلم جنباتها ويقوم الحكم فيها على مبدئ الديمقراطية والشورى والتداول السلمي للسطة مهما شاب تلك التجربة من قصور وأخطاء لكن مع ذلك لايمكن مقارنتها بأي حال مع حياة ماقبل الثورة، تلك الحياة التي تسعى قوى التخلف والعمالة أن تعيدنا اليها مرة أخرى وبصور ومسميات مختلفة لكنها تنتمي الى نفس المدرسة الظلامية السابقة، ففي الشمال نجد هناك الميليشيات الحوثية المنقلبة على السلطة الشرعية والتي هي إمتداد مشؤوم للسلالة الإمامية بمنهجها الطائفي المذهبي المنحرف وممارساتها القمعية الإستبدادية، بينما هناك جنوباً المليشيات الموالية للحاكم الإماراتي والمنقلبة مؤخراً على السلطة والتي سلكت نفس منهج المليشيات الحوثية من خلال قيامها بالتنكيل بالمعارضين وإقتحام منازلهم ونهب ممتلكاتهم والإعتداء على الحرمات وترويع الساكنين المسالمين من النساء والشيوخ والاطفال وإزاء أوضاع كهذه وجب على كل الشرفاء والأحرار من أبناء هذا الوطن شمالاً وجنوباً النهوض في وجه تلك المليشيات والتصدي لمظالمها وإفشال مخططاتها وعدم الرضوخ والإستكانة لها تأسياً بما فعله الثوار الأوائل والذين حطموا قيود الخوف والهوان واستطاعوا أن يفجروا براكين الثورة في وجه أئمة الظلم والإستبداد واساطين العمالة والإرتزاق والمرتهنين في أحضان أعداء الوطن وناهبي ثرواته وخيراته.. فأن لم نقتدي بأمثال أولئك الأحرار ونفعل كما فعلوا فلا ننتظر الا مزيداً من صنوف الإذلال والبطش والنهب والسلب وسنطيل يومها وبعد فوات الآوان عض أصابع الندم