في العادة تجري الحكومات دراسات فعالية كلفة (Cost effectiveness) لمعرفة جدوى تكاليف تنفيذ قرار اي مشروع ،حتى قرارات الحرب، يتم مقارنه قيمة ماستحققه الحرب بتكاليف خوضها، بلغة الارقام اي بتحويل كل شي الى رقم مالي، حتى حياة العسكري الذي قد نخسره يتحول ضمن الدراسة الى رقم، وسمعة الدولة الذي قد تتعرض للضعف تحسب كرقم وإضرار تأثيرها النفسي والتعليمي والصحي على المجتمع ، ناهيك عن القيم المادية البحتة التي ستخسرها نتيجة توقف النشاط الاقتصادي خلال الفترة التي ستستغرقها الحرب وتغير قيمة العملة الوطنية وانخفاض حجم الاستثمار والدمار الذي سيلحق بالبنية التحتية للبلد وعتادها العسكري ...الخ. *فهل سمعنا من الحكومة الشرعية اليمنية والدول الحليفة لها في حربها لاستعادة السلطة للحكومة الشرعية اليمنية ولو تقريرا تقويمي يبين تقديرا لحجم خسائر اربع سنوات من الحرب، ومقارنته بقيمة مستوى ما انجز من أهداف هذه الحرب، لنستند اليه في اتخاذ قرارات مواصلة المراحل القادمة من الحرب،* ام ان التكوين السيكولوجي للإنسان العربي يجعله يتجنب اعلان نتائج تقويم ادائه ويعتبر مراجعة جدوى استراتيجياته المستخدمة اشبه مايكون بالاعتراف بالهزيمة وان الانتحار بالنسبة للقبيلي العربي اهون له من ان يعيد النظر في قراراته ويغير مسار استراتيجياته. ان من يخطط لحرب غير مضمونه النتائج يفترض ان يدرس كل الاحتمالات التي قد تفرضها الحرب على الواقع، والقرارات التي يمكن له اتخاذها مع تحقق كل احتمال ايجابي ومع تحقق كل احتمال سلبي، والتوقيت الذي يجب ان تتخذ فيه تلك القرارات اي تحديد ماهية المؤشرات التي عند اكتمال ظهورها نتخذ القرار (س) او القرار (ص). ان في لحظة شعورك بعدم جدوى استراتيجياتك المستخدمة في اي معركة او نشاط في الحياة في دفعك نحو السير قدما تجاه اهداف معركتك لايعني ان عليك في تلك اللحظة اعلان استسلامك بل ان عليك مراجعة استراتيجياتك وتغييرها باستراتيجيات اكثر كفاية وفعالية بالبحث عن الإستراتيجية التي تحقق لك اكثر تقدم نحو أهدافك باقل تكاليف. *واذا كانت استراتيجيات الحلول الدبلوماسية للنزاعات هي البديل للحلول العسكرية،* فان هناك مدى طويل متدرج لهذه الحلول الدبلوماسية يعتمد موقع توافق الخصمين على الالقاء على هذا التدريج على مستوى شعور كل طرف بحجم الخسارة التي يتوقع ان تلحقها به الحلول العسكرية وليس حجم المكاسب لان المواجهة العسكرية لايخرج منها منتصر بل قد يكون اللجوء اليها في بعض الاوقات ضرورة فقط لإرغام الخصم على القبول بتوافق دبلوماسي اكثر ملائمة. واذا كانت الخلافات الايديولوجية المذهبية في النزاع الدائر في اليمن قد أضافت تعقيدا لذلك النزاع السياسي، فجعلت من الحلول الدبلوماسية بعيدة المنال، فمستوى شدة الشحن الايديولوجي المذهبي جعل من الخلاف اكثر ضراوة من لو كان مجرد صراع احزاب متباينة ايديولوجيا على السلطة يمكن حله دبلوماسيا عن طريق توافق محاصصة ولكن مستوى التباين الخطير في الشحن المذهبي المغذي للنزاع السياسي قد زاد من حجم تنافر اقطاب النزاع وعدم تقبلها للتشارك في بيئة سياسية واحدة، وهو ما جعل الخيار الدبلوماسي الوحيد في الحل مع شدة هذا التنافر والتدني لمستوى ثقافة التعايش الاجتماعي والسياسي، *يتمثل في اعادة تخطيط الشكل الفيدرالي للدولة بالجمع بين معايير الأقلمة الاقتصادية ومعايير الأقلمة الاجتماعية التي تعطي اعتبار للتباين الثقافي والمذهبي وتنفيذه وفق منحى ديمقراطي يتيح لكل فئات المجتمع المشاركة في تحديد شكل الدولة وبما يضمن الحفاظ على التعايش و السلم الاجتماعي.* ان استمرار عدم التقبل لصورة هذا التوافق ومقاومته من قبل اطراف الخلاف المحلية والدولية لن يقود الا الى مضاعفة خسائر استمرار التضاد ومضاعفة تعميق الانقسامات وتزايد حجم التكتلات الدولية الموازية لهذا الانقسام الذي اوشك ان يوسع نطاق اشتعال حرب شاملة تهدد استقرار المنطقة ومصالح كل دول العالم المرتبطة بها بشكل مباشر وغير مباشر. لقد باتت الحاجة اليوم اكثر الحاحا من اي وقت سابق للتحول نحو الخيار الدبلوماسي لتسوية هذه الأزمة التي القت بظلالها القاتم على ليس على الانسان اليمني فحسب بل على الإنسانية برمتها. وبات على مجلس الامن ضرورة تحويل خيار الحل الدبلوماسي الى برنامج عملي واضح المعالم الإجراءات قابل للتنفيذ في اسرع وقت لإنقاذ الإنسانية من هذه تصاعد وتعقد هذه التهديدات للسلام العالمي.