أثبتت دراسات أجرتها مؤسسات غربية غير حكومية أن نسبة كبيرة من أبناء الأسر الفقيرة في الوطن العربي والتي تهتم برقابة أولادها – وهنا نشير إلى أن لفظة الأولاد تحمل معنى كلا الجنسين الذكور والإناث - وتحرص على دعمهم وتوجيههم بالنصح والإرشاد في الحياة والرقابة الدائمة يصبحون في وظائف مرموقة كأطباء ومهندسين ومهن وحرف مهمة ومكانة مجتمعية , وأكدت الدراسات أيضا التي أخذت عينات عشوائية من الدول العربية الأشد فقرا السودان ومصر واليمن أن أبناء الأسر الفقيرة التي تُفعّلُ الرقابة لا يميل أبناءها إلى الإرهاب والتطرف وتعاطي المخدرات وأوصت الحكومات والجهات المانحة التركيز على هذه الفئة لدعهما وتطوير قدراتها ونشر قصص نجاحها الذاتية ومشاركتها مع بقية فئات المجتمع. وهذا جانب فقط من الدراسة تم ترجمته إلى اللغة العربية والتي لفتت نظرنا بسبب أنها لامست واقعنا اليوم وقلّما نجد دراسات مثل هذه تبحث في السلوك الإنساني وتفسر الظواهر الدخيلة على المجتمعات الفقيرة محاولة علاجها من الداخل عبر قصص نجاح من المجتمعات نفسها لأشخاص يعيشون نفس الظروف القاسية ومع ذلك فهم يبدعون ويسطعون ويلمعون في أوساطهم وذلك ما أوجد أسباب النجاح لغيرهم وما قضى على أعذار الفئات التي تتحجج بالأوضاع وانعدام الأشغال ورفض التعليم ورمي أنفسهم في ساحات الفراغ القاتل. "ربوا أولادكم لزمان غير زمانكم" مقولة شهيرة لأحد أعظم الشخصيات العشر في التاريخ حسب المؤرخين الغربيين أنفسهم أنه علي ابن ابي طالب رضي الله عنه , إن الآباء وأرباب الأسر بشكل عام تقع على عاتقهم مسئوليات كبيرة في تفعيل دور الرقابة والتقييم لأبنائهم في ظل هذه الأوضاع العسيرة , وهذا ليس بالضرورة أن يتعارض مع خصوصياتهم طالما أنها لا تقوم على خدش الحياء أو تعاطي المخدرات أو الانقطاع عن التعليم وأن يصبحوا أشخاصا منتجين وفاعلين في المجتمع. "لقد عققت ولدك قبل أن يعقك !" , عزيزي الأب ورب الأسرة إن أخطار التغافل عن التربية أو التغاضي عن تصرفات الأبناء أو التمييز بينهم لها رود أفعال سيئة على الأسرة والمجتمع ككل وعلى الفرد نفسه فلكل فعل رد فعل مساوى له في القوة ومعاكس له في الاتجاه , كالجنح والجرائم والسمعة السيئة وفي حالات عديدة قد تؤدي إلى إهلاك النفس ودمار الأسر وبالتالي تفكك النسيج الاجتماعي الذي لم يعد يحتمل مزيدا من التصدعات والجراح , عزيزي الأب ورب الأسرة ليس عليك أن تبذل مجهودا كبيرا بالسؤال عن اهتمامات ولدك فلذة كبدك وتطلعاته وأحلامه ومعرفة أخلاق قرنائه , الأ تريد أن يطمئن قلبك وتستريح ويذهب جهدك وسعيك الدؤوب لجلب الرزق في مكانه ؟ , ما هو هدفك من إنجاب الأولاد أساسا ؟ . أحرص كل الحرص على رعايتهم والاهتمام بهم وتفريغ الأوقات لهم , لا أن تتركهم فرسة للذئاب البشرية في الشوارع بل يجب عليك العمل على غرس مبادئ الأخلاق ومكارم الأمور فيهم بما ينفعهم في الدنيا والآخرة. عزيزي الأب ورب الأسرة لن تفعك دمعة على قبر ميت ولا يضير سلخ جلد الشاه بعد ذبحها أو دعاءك على ولدك دعوة غضب تدمر بها حياته وحياتك , وأنت أنت المسائل عن هذه الأمانة أمام الله والناس , ولا يمكنك أبدا أن تتملص عنها تحت أي عذر وعبر أي مبرر . أن يأتي منك موقف تراجع فيه نفسك فأنك إن تصل متأخرا خير من ألا تأتي , فالشباب والشابات هم عماد أمتنا وعلى عاتقهم يقع حمل هم إصلاح أنفسهم وإصلاح البلاد والتخفيف من معاناة الآخرين هذا ما تتطلع إليه وما نرجوه نحن وما يريده المجتمع.