قالت الشرطة ومصادر طبية إن ثمانية قتلوا وأصيب عشرات في العراق يوم السبت خلال اشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن في اليوم الثاني لاحتجاجات ضد حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. وتأتي الاضطرابات بعد يوم من وقوع احتجاجات عنيفة يوم الجمعة شهدت مقتل 52 شخصا على الأقل في أنحاء العراق وذلك في ظل شعور المحتجين بالإحباط من النخب السياسية التي يقولون إنها فشلت في تحسين أحوالهم المعيشية بعد سنوات من الصراع والمصاعب الاقتصادية. وفي بغداد، أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز لتفريق المحتجين بميدان التحرير. وذكرت مصادر أمنية وطبية أن أربعة أشخاص قتلوا بعدما أصيبوا بقنابل الغاز في رؤوسهم مباشرة. ويرقد شخصان في حالة حرجة جراء إصابات مماثلة. وقتل أربعة محتجين وأصيب 17 آخرون في فوضى بمدينة الناصرية بجنوب البلاد حيث خرج المتظاهرون بالآلاف رغم الوجود الأمني المكثف. وقالت الشرطة إن مجموعة من المحتجين خرجت من تجمع يضم الآلاف في وسط المدينة لاقتحام منزل مسؤول محلي مضيفة أن الحراس فتحوا النار علي تلك المجموعة بعدما أضرمت النار في المبنى. وهذه ثاني موجة عنف كبرى هذا الشهر. وخلفت سلسلة من الاشتباكات قبل أسبوعين بين المحتجين وقوات الأمن 157 قتيلا وما يربو على 6000 جريح. وأنهت الاضطرابات استقرارا نسبيا استمر نحو عامين في العراق الذي شهد احتلالا أجنبيا في الفترة بين عامي 2003 و2017 وحربا أهلية وصعود تنظيم الدولة الإسلامية. ومع تردد أصداء صفارات الإنذار ومسارعة عربات التوك توك لنقل المصابين للمستشفيات، عبر آخرون عن غضبهم من مؤسسة سياسية مستعدة للجوء للعنف. وقال المتظاهر سلوان علي (33 عاما) إن الأحزاب السياسية لم تقم بعد 16 عاما سوى بالسرقة والنهب. وأضاف ”مظاهرتنا سلمية ما شايلين غير العلم وبوتلات المي (زجاجات الماء). قاعدين يضربوا علينا قنابل، يضربوا علينا مسيل للدموع. شر سوينا إحنا؟ كل سلاح ما شايلين. شر اللي سوينا؟“ * تصاعد العنف ولمح الجيش ووزارة الداخلية العراقيان في بيانين يوم السبت إلى أنهما ينويان الرد على الاحتجاجات بشكل أكثر صرامة. ورغم أن قوات الأمن لا تستخدم قنابل الغاز إلا لصد المحتجين الذين يقتربون من المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد إلا أنها استخدمتها ضد المحتجين في ميدان التحرير يوم السبت. وقال مراسل لرويترز إن قنابل الغاز تطلق على الحشود كل 15 دقيقة تقريبا. وكان المحتجون أفضل استعدادا يوم السبت حيث وزعوا أقنعة وحملوا معهم إسعافات منزلية الصنع لتساعدهم في الوقاية من قنابل الغاز. ووزع آخرون أغذية ومياه. وصب المتظاهرون غضبهم يوم الجمعة على الساسة والفصائل المسلحة الشيعية المدعومة من إيران. وأطلق أعضاء في فصيل عصائب الحق القوي المسلح النار على المحتجين في الناصرية وعمارة مما أسفر عن مقتل عشرات. واشتبكت عصائب الحق أيضا مع فصيل آخر مسلح يحظى بنفوذ ويوالي رجل الدين مقتدى الصدر. ورغم الحظر ونشر قوات لمكافحة الشغب من بغداد إلا أن آلافا احتشدوا في عدة مدن بالجنوب. واستمر المحتجون في إشعال النيران بمكاتب الأحزاب السياسية الرئيسية والجماعات المسلحة وأبنية الحكومة المحلية. ومع حلول الظلام، عبر مسؤولون عن قلقهم المتزايد مع احتمال اتساع نطاق العنف. وقال أحد المحتجين طالبا عدم نشر اسمه ”هذه مو تظاهرات هذه ثورة“. * ”تسرق منا“ وكان من المقرر للبرلمان الاجتماع يوم السبت في جلسة طارئة لبحث مطالب المحتجين لكن وفي ظل ابتعاد كثير من الساسة عن الانظار منذ انطلاق الاحتجاجات فقد فشل المجلس في الوصول للنصاب القانوني مما أسفر عن إلغاء الجلسة. وقال شاب طلب عدم ذكر اسمه ”الحكومة تسرق منا من 15 سنة. صدام رحل واختبأ ألف صدام في المنطقة الخضراء“ في إشارة لصدام حسين. وأشادت وزارة الداخلية بما وصفته بضبط النفس الذي أظهرته قواتها يوم الجمعة. وذكرت الوزارة في بيان يوم السبت ”قامت القوات الأمنية بتأمين حماية المتظاهرين ومواقع التظاهرات بكل مسؤولية وضبط عال للنفس، وذلك بعدم استخدام السلاح الناري أو القوة المفرطة تجاه المتظاهرين إطلاقا“. لكن وفي ظل المخاوف من انتشار العنف بالجنوب، قالت قوات الأمن إنها لن تتردد في استخدام القوة لكبح الاحتجاجات. وفي البصرة، قالت الشرطة إنها ستحاكم محتجين وفقا لقانون مكافحة الإرهاب بعدما هاجموا قوات الأمن وممتلكات عامة وخاصة.