تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    ما الذي يتذكره الجنوبيون عن تاريخ المجرم الهالك "حميد القشيبي"    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    الزندان أحرق أرشيف "شرطة كريتر" لأن ملفاتها تحوي مخازيه ومجونه    شاهد لحظة اختطاف الحوثيين للناشط "خالد العراسي" بصنعاء بسبب نشره عن فضيحة المبيدات المحظورة    الصين توجه رسالة حادة للحوثيين بشأن هجمات البحر الأحمر    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    بينما يذرف الدموع الكاذبة على نساء وأطفال غزة.. شاهد مجزرة عبدالملك الحوثي بحق نساء تعز    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    عملية تحرير "بانافع": شجاعة رجال الأمن تُعيد الأمل لأهالي شبوة.    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    مؤتمر برلمانيون لأجل القدس يطالب بدعم جهود محاكمة الاحتلال على جرائم الإبادة بغزة    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    الحكومة تدين اختطاف مليشيا الحوثي للصحفي العراسي على خلفية تناولاته لفضيحة المبيدات القاتلة    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توقيع الاتفاق.. هل يكون خطوة في طريق تطبيع الأوضاع بالعاصمة عدن؟
نشر في عدن الغد يوم 28 - 10 - 2019

بدا اتفاق الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، الذي تم التوقيع عليه بالحروف الأولى مساء الجمعة، وكأنه خطوة في طريق تطبيع الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن.
ولاقى الاتفاق قبولاً وردود فعل إيجابية من المتابعين، والمترقبين الذين رصدوا طيلة الشهرين الماضيين مجريات الاتفاق وتسريباته، ووصفوا فعالياته بالماراثونية.
غير أن هذا الاتفاق مرّ بمراحل مخاض مختلفة، وتعرض لأكثر من مرة لتوقفات متكررة، تارةً بسبب عدم تنفيذ مطالب أحد الأطراف، وتاراتٍ أخرى لدراسة نقاط وبنود الاتفاق.
وما يمكن أن يُلفت النظر والانتباه في الاتفاق أن اليمن سيدخل من خلاله مرحلة جديدة من مراحله الصعبة، التي مرّ بها خلال العشر السنوات الأخيرة، منذ 2011 وحتى الآن.
المرحلة المقبلة، مغايرة عما سبقها منذ التوقيع على المبادرة الخليجية أواخر عام 2011، وتفاوتت فيها الصعوبات والعقبات، إلا أن ثمة قاسم مشترك جميع بين كل تلك المراحل، ذلك العامل المشترك تمثل في تواجد المملكة العربية كلاعب فاعل في مختلف تلك المراحل.
الاتفاق الذي بدأ في جدة غربًا، وانتهى في الرياض وسط المملكة، مثّل بدايةً جديدةً من التواجد السعودي في اليمن، في ظل تقليص التواجد الإماراتي الذي كان ندًا أو لنقل موازيًا للتواجد السعودي.
ومن هنا قد يستاءل مراقبون ومهتمون، عن طبيعة الوضع في اليمن، وتحديدًا في الجنوب اليمني بعد الاتفاق الذي جاء بعد مسيرة من التوتر العنيف والمتبادل بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، فهل سيكون اليمن بعد اتفاق الرياض مختلفًا عما كان قبله؟

*بنود اتفاق الرياض*
الاتفاق لم يُعلن بشكل رسمي، غير أن كل ما يتوفر حاليًا هو عبارة عن تسريبات ومعلومات أولية كشفت عنها مصادر من كلا الطرفين لوسائل الإعلام أو العاملين في هذا المجال، "صحيفة عدن الغد" حصلت هي الأخرى على أبرز بنود اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي.
وسنستعرض فيما يلي بنود الاتفاق، ثم سنعرج على طبيعة كل بند من البنود وإمكانية تطبيقه وتنفيذه على أرض الواقع ومدى نجاحه، بما يساعدنا على معرفة مرحلة ما بعد الاتفاق، وفرص نجاحه.
وبحسب المصدر فإن أهم بنود الاتفاق تتمثل في إشراف المملكة العربية السعودية على تطبيق كافة بنود الاتفاق، وستقدم الدعم اللازم لإنجاحه.
ونص الاتفاق على عودة الحكومة اليمنية، التي كانت متواجدة في عدن ما قبل أحداث أغسطس الماضي إلى المدينة، خلال سبعة أيام من يوم التوقيع على الاتفاق، بالإضافة إلى عودة مؤسسات الدولة وكافة السلطات إلى العاصمة المؤقتة عدن.
كما يتضمن الاتفاق التزاماً من قبل الأطراف الموقعة عليه بالمرجعيات الثلاث ومقررات مؤتمر الرياض، ودمج كافة التشكيلات الأمنية والعسكرية في إطار وزارتي الداخلية والدفاع، وهي من أهم بنود الاتفاق.
وفي ذات المستوى من الأهمية يتواجد البند المتعلق بتشكيل حكومة كفاءات سياسية بمشاركة المجلس الانتقالي (والقوى الجنوبية الأخرى)، واشترط تنفيذ هذا البند عقب تنفيذ كافة الالتزامات الأمنية والعسكرية (خلال 45 يومًا).
بالإضافة إلى إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي في مفاوضات الحل الأخير في اليمن، مع المتمردين الحوثيين.
وتشمل الاتفاق أن تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستوري أمام فخامة الرئيس هادي في مدينة عدن، في اليوم التالي لإعلان تشكيل الحكومة.
ولم يغفل الاتفاق التأكيد على أن تتولى المملكة العربية السعودية تشكيل لجنة مستقلة للإشراف على تنفيذ الاتفاق.

*التحدي الكبير أمام السعودية*
أسباب الحرص السعودي على الوصول إلى اتفاق يهدئ الأوضاع في عدن، ويوجه بوصلة الفرقاء اليمنيين نحو أهداف الخلاص من الحوثيين، كانت واضحة وجلية.
حيث تتزايد الضغوط الدولية على الرياض نتيجة حربها في اليمن، وتدخلها الذي فتح عليها أبواب جهنم دولياً وإقليميًا، غير أن المملكة لم يكن لديها مفر من تدخلٍ كهذا اقتضته الضرورة الاستراتيجية والأمنية؛ نظرًا لمجاورتها إحدى أشد التنظيمات الطائفية المصنفة كآداة من أدوات إيران، العدو الأبرز للسعودية في المنطقة.
ويبدو أن الضغوط الدولية، والدعم الذي لم يتوقف من إيران لآداتها في اليمن، الحوثيين، والتهديدات التي نجح هذا الدعم في صناعتها، وما ترتب عليه من وصول التهديد الإيراني الحوثي إلى مواقع في العمق السعودي، دفع بالعديد من حلفاء الرياض، وبعضهم ضمن قوام التحالف العربي بتقليص دوره في هذا التحالف، أو حتى الكف عن تقديم المزيد من الدعم.
وكان ذلك جلياً في التفاهمات الإماراتية الإيرانية الأخيرة التي أعقبت أحداث (أرامكو) وانكشاف جبهة السعودية في اليمن بعد الانسحاب الإماراتي من عدد من الجبهات داخل اليمن.
كل تلك المعطيات دفعت بالمملكة نحو الإسراع في جمع كلمة اليمنيين وتقوية تواجد الحكومة اليمنية التي أعطت الرياض شرعية تدخلها في البلاد، وإنجاح الوصول إلى اتفاق يلم جبهة اليمنيين، تمهيدًا للحسم مع جبهة الحوثيين، إما بالقوة أو بالحل السلمي.
وهو أمرٌ يؤرق السعودية كثيرًا، فمن مصلحتها تصحيح مسار الداخل اليمني، باعتبارها المسئولية عما يحدث هناك، ولهذا تولت الرياض مسئولية الإشراف على الاتفاق والحرص على إنجاحه من خلال توفير الدعم اللازم الذي يحتاجه.
ومن المؤكد أن المملكة لن تألوا جهدًا في سبيل تحقيق نسخة ناجحة من الاتفاق، وتحمل تكلفة ما قامت به أبو ظبي من عبث في عدن والمحافظات الجنوبية، أدى بالأمور إلى أن تصل إلى ما وصلت إليه.
وعلى الرياض تدارك ما يمكن تدراكه من خلال الإشراف على الاتفاق وإنجاحه بأي طرق ووسائل للحفاظ على ماء وجهها في اليمن، وهروبًا من الضغوط الدولية، وهو تحدٍ كبير وضخم، ستحاول السعودية النجاح فيه.

*موقف الانتقالي من عودة الحكومة والخدمات*
بندٌ آخر من بنود الاتفاق قضى بعودة الحكومة اليمنية برئاسة الدكتور معين عبدالملك إلى مدينة عدن، حيث كانت متواجدةً فيها قبيل أحداث أغسطس الماضي.
وهذا البند الذي قد يصفه مراقبون بأنه هزيمة للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تعهد بطرد الحكومة، وأكدت قياداته أكثر من مرة على تمسكهم بعدم عودتها، وأراقوا في سبيل تحقيق ذلك دماء العديد من الجنود والشباب العدني والجنوبي واليمني عموماً، إلا أن هذا البند يبدو أنه لا مناص منه ولا بد، في ظل اتفاق الطرفين والتزامهما على تطبيع الأوضاع في المدينة، والجنوب عمومًا.
ولن يتحقق ذلك إلا من خلال عودة الحكومة ومؤسسات الدولة وكافة السلطات إلى العاصمة المؤقتة عدن، حتى تستطيع توفير الخدمات والاحتياجات التي عجز المجلس الانتقالي عن توفيرها، ووضع نفسه في ورطةٍ لم يستطع الفكاك منها إلا من خلال هذا الاتفاق.
ولعل أن هذا البند هو الوحيد الكفيل بإعادة الوضع إلى ما هو عليه، ومن خلال يستطيع المواطن استشعار أن الأمور عادت إلى طبيعتها، بعد نحو ثلاثة أشهر من الحياة غير الطبيعية في عدن.
ومن شأن التزام الرياض بدعم إنجاح الاتفاق أن تحصل الخدمات والاحتياجات العامة للمواطنين مزيدًا من الدعم السعودي حتى يظهر التغير اللازم على الأوضاع، ويحقق الاتفاق أهدافه.
وفي حقيقة الأمر.. فإن القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي غير قادرة على منع مثل هذه العودة، باعتبار أنها مليشيات منفلتة؛ وذلك لعدة أسباب.
أول تلك الأسباب أن القوات السعودية هي من ستتكفل بحماية وتنفيذ عودة الحكومة، كما أن القوات الإماراتية تلداعمة للانتقاليين لم يعد لها وجود فاعل على الأرض، بالإضافة إلى الانكشاف التام لمواقف الانتقالي أمام المواطنين وعجزهم عن توفير احتياجاتهم.

*الالتزام بالمرجعيات الثلاث*
تعثر اتفاق جدة أكثر من مرة خلال الشهرين الماضيين، بسبب معارضة وفد المجلس الانتقالي الجنوبي على حرص الحكومة اليمنية على إدراج نص في الاتفاق يقضي بالالتزام بالمرجعيات الثلاث، التي تتخذها الحكومة أساسًا لتفاوضاتها مع الإنقلابيين الحوثيين، فما هي هذه المرجعيات؟، ولماذا اعترض عليها الانتقالي؟
تنص المرجعيات الثلاث، على الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي الخاص باليمن رقم 2216، والمبادرة الخليجية عام 2011، ومخرجات الحوار الوطني الشامل 2104.
ويلخص القرار 2216، الصادر في 14 أبريل 2015، من مجلس الأمن، كافة خروقات الحوثيين، وعدم جديتهم في إنهاء الأزمة، بعدم التزامهم بمواده.
ويقضي القرار الدولي بوقف الاعتداءات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران ضد الشعب اليمني، والتهديدات التي تشكلها الصواريخ البالستية، والطائرات دون طيار على دول الجوار اليمني.
وفي مادته الخامسة، دعا القرار "جميع الأطراف اليمنية، لا سيما الحوثيين، إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن، وتسريع المفاوضات للتوصل إلى حل توافقي والتنفيذ الكامل للاتفاقات المبرمة والالتزامات التي تم التعهد بها لبلوغ هذا الهدف والتعجيل بوقف العنف.. كما طالب القرار بحظر توريد الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين.
فيما تُعرف المبادرة الخليجية بأنها هي من وضعت حدًا لحكم علي عبدالله صالح، وتحولها لنائبه عبد ربه منصور هادي، وبدء جلسات الحوار الوطني بين كافة فئات الشعب.
وكانت الخطة الخليجية تهدف إلى أن يؤدي الاتفاق الناتج عن الحوار الوطني إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وأن يلبي طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح، فضلا عن نقل السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني.
بينما حملت مخرجات الحوار الوطني تحويل اليمن إلى بلد اتحادي مكون من أقاليم، وصياغة دستور جديد، والعديد من المخرجات التي تمهد لحل الأزمة السياسية في البلاد، لولا انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية في 2014، والذين رفضوا تلك المخرجات.
وتُظهر أغلب تلك المرجعيات أن محتوياتها ضد الإنقلابيين الحوثيين، وهو ما يثير الاستغراب في أسباب رفض الانتقاليين لمثل تلك المرجعيات التي في معظمها قرارات ضد الحوثيين.
وهو ما يدفع ببعض المحللين إلى الإشارة لما يوحي بتنسيق خفي بين الحوثيين والمحلس الانتقالي، بدءًا بالإنقلاب على الحكومة في عدن، ووصولاً إلى تشبيه حوار جدة بأنه نسخة من اتفاق السلم والشراكة الذي وقعه الحوثيون في صنعاء 2014.
غير أن محللين رجحوا رفض الانتقاليين للبنود التي تتضمنها تلك المرجعيات الدولية والإقليمية والمحلية والتي تؤكد على وحدة أراضي اليمن وسلامتها، وتؤكد على خيار الأقاليم الستة التي يرفضها الانتقاليون.
ويعد إذعان المجلس الانتقالي انتصار جديد للشرعية التي التزمت بتلك المرجعيات، ربما بضغط سعودي، لتبقى تلك البنود "تفاصيل شيطانية"، قد تقود إلى مزيد من الارتباك، وربما عرقلة الاتفاق في المستقبل، إذا تمسك الانتقالي برفض تلك المرجعيات الثلاث.

*دمج التشكيلات العسكرية والأمنية*
اتفق المراقبون والمحللون لمفاوضات الحكومة والانتقالي في السعودية على أن أبرز البنود أو التقاط التي من الممكن أن تُشكل تحدٍ كبير وعقبة صعبة للتوصل إلى اتفاق هو عملية دمج التشكيلات الأمنية والعسكرية التابعة أو الموالية للمجلس الانتقالي، في مؤسسات الجيش اليمني ومؤسسات الأمن التابعة للحكومة اليمنية.
ومن المؤكد أن التطور الأخير الذي شهدته عدن مؤخرًا، بخروج القوات الإماراتية واستلام نظيراتها السعودية مهام إدارة المدينة، سرّع في التوصل إلى اتفاق.
ذلك أن الإمارات كانت هي الداعم الأول والأساسي لتلك التشكيلات، والمحرك الأول لها باعتبارها من أسستها، وجعلت ولاءها لصنيعتها المجلس الانتقالي.
وبالتالي فإن خروج كهذا جعل الموافقة على الدمج أمرًا ضروريًا، ولم يأخذ جهدًا من الحكومة أو حتى من السعوديين للضغط على الانتقالي للقبول بهذا الأمر.
كما أن على السلطات السعودية والحكومة اليمنية التعامل مع هذا الملف بكثير من الاهتمام، كونه ملف شائك، لأن التسريع في تحويل ولاءات عناصر هذه التشكيلات من الولاء المناطقي إلى الولاء للجيش والوطن، وتوجيهها نحو الحوثيين بدلاً من الاقتتال الداخلي سيعمل على إنهاء الصراعات وضمان نجاح تطبيع الأوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية اليمنية.


*حكومة بمشاركة أطياف المكونات الجنوبية*
ملفٌ آخر، كان الخوض في نقاشه تمهيدًا لفتح أبواب جهنم على الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي.
تمثل ذلك في الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات جديدة، تضم كافة أطياف ومكونات الجنوب، وهو ما نص عليه الاتفاق بالفعل.
غير أنه وبمجرد التلميح للتوصل إلى اتفاق بين طرفي المفاوضات حتى تدفقت طلبات الانضمام إلى الحكومة المنشودة، من قبل تيارات وفصائل جنوبية عديدة.
ورفضت المكونات الجنوبية الأخرى حصر تمثيل الجنوب في المجلس الانتقالي، وطالبت كل واحدة منها بالمشاركة، رغم تضمين اتفاق الرياض بندًا بذلك، إلا أن كل مكون يريد أن يختزل التضحيات والنضالات الجنوبية في شخصه ويقصي الآخرين، وهذا ما دلت عليه ردود الفعل المختلفة الصادرة عن تلك المكونات.
حيث أعلن مؤتمر حضرموت الجامع رفضه لمخرجات أي اتفاق سياسي سيوقع في مدينة جدة بخصوص انقلاب عدن في حال مالم يتم إشراك أبناء حضرموت في الاتفاق.
وقالت رئاسة مؤتمر حضرموت الجامع في بيان صادر عنها، تلقى "عدن للغد" نسخةً منه، أن تجاوز حضرموت التي تعتبر ركيزة محافظات الجنوب امر غير مقبول.
وأشارت رئاسة المؤتمر إلى أنها لاتعترف باي مخرجات أو اتفاق ينص على تجاوز حضرموت.. ودعت رئاسة إلى تمثيل حضرموت التمثيل العادل والحقيقي.
رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري في الجنوب اليمني، طالب هو الآخر في رسالة إلى الرئيس هادي، والأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي "مسؤول مشاورات جدة"، وطالب بعقد لقاء جامع للمكونات الجنوبية الوطنية، من أجل الوصول لاتفاق تتوافق عليه أغلب المكونات والفصائل.
وأشار الحراك الثوري إلى أن قضية الجنوب التي انطلقت عبر الحراك الجنوبي كان للمجلس الأعلى للحراك الثوري الفخر في المضي بها حتى وصولها لما وصلت إليه، وهي قضية وطنية وسياسية تهم أبناء الجنوب بكل مكوناتهم، والطريق الأمثل لوضع معالجات لا يجب حصرها في مكون بعينه، إنما يكون ذلك عبر مؤتمر جامع تضع النقاط فيه على الحروف.
وشدد المجلس على أن أي اتفاقات ثنائية تتصل بقضية الجنوب ومستقبله لن تهم الآخرين في شيء طالما لا يكون للجنوبيين كلمة موحدة ووجود وكيان جامع يسهل لهم الوصول لأهدافهم.
ويبدو أن مشاركة المكونات الجنوبية في الححومة المرتقبة بعد شهر ونصف من اتفاق جدة، سيشهد جولة ماراثونية وجدا واسع حول أحقية من يمثل الجنوب، ومع تأكيدات مشاركة الانتقالي، تبقى بقية المكونات الجنوبية الأخرى تجتهد لإيجاد موطئ قدم لها في الاتفاق وفي الحكومة القادمة.
وهذا الوضع قد يرشح الاتفاق للتعرض لبعض العراقيل إذا لم يصل الجنوبيون لصيغة مشتركة وموقف موحد يجمعهم، وهو أمر يصعب تحقيقه، على الأقل على المدى القريب.

*هل يتضمن الاتفاق انتصارًا ولو واحدًا للانتقالي؟*
يرى مراقبون أن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يفز بأي بند من بنود الاتفاق، وأن أغلبها كان عبارة عن انتصارات لمواقف الحكومة التي أصرت عليها، ليس فقك منذ بداية المشاورات، بل منذ بداية أحداث عدن في أغسطس الماضي.
غير أن محللين يؤكدون أن المجلس الانتقالي انتصر في أحد بنود الاتفاق من خلال فرض تواجده في مفاوضات الحل الأخير في اليمن، مع المتمردين الحوثيين.
وهو ما قد يراه مناصرو الانتقالي بأنه فرض لمكونهم كممثل عن الجنوب، كما روّج لذلك منذ تأسيسه، وبالتالي القدرة على فرض شروطه ومطالب الجنوبيين.
غير أن متابعين يشيرون أن هذا البند لا يعدو عن كونه مقعد من ضمن مقاعد وفد الحكومة اليمنية المفاوض، وممثل الانتقالي لن يخرج في النهاية عن إجماع ذلك الوفد الذي يمثل كل اليمن، وليس الجنوب فقط.

*إنهاء التوتر*
وعامةً.. فإن الاتفاق يعتبر خطوة نحو إعادة الأمور إلى نصابها، حيث وصفه إعلاميون ومتابعون بأنه ممتاز وإيجابي، واحتوت بنوده على العودة إلى مطالب الاستقرار وإنهاء أسباب التوتر الذي لم تعرفه عدن منذ 2015، على أمل أن ينتهي إلى الأبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.