تقدم مؤسسة وثاق تقريرها الثاني عن اكثر الجرائم الخطرة التي تُرتكب بحق المدنيين الأبرياء في احدى مديريات محافظة حجة مأساوية: مديرية "كُشر" ( 241 ) كم شمال صنعاء – العاصمة . الموت المزروع في وديان وتباب مديرية "كُشر" يحصد ارواح المدنيين بلا رحمة. حتى الان هناك (37) شخصاً قتلوا بالألغام بينهم اربعة اطفال احدهم لم يكمل عامه الخامس بعد . وهناك (45) شخصاً اصيبوا وبُترت اطرافهم (7) إعاقتهم دائمة .(لاحظ الجداول ادناه) ثم بإمكانكم الاطلاع على كشف اسماء الضحايا واسماء المعاقين في التقرير . اولاً القتلى: الإجمالي: 37 الأطفال 4 اليافعين: 33 الإناث: 0
تعتبر مديرية "كُشر" ،الواقعة الى الشمال من محافظة حجة مديرية منكوبة . وهذه المديرية ذات الطبيعة الرعوية والاجتماعية الاكثر بؤساً ، تحولت الى مزرعة كبيرة لألغام جماعة "الحوثي" .لم تكن هذه المديرية ، مسرحاً للعمليات القتالية في سنوات الحرب الست ، بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي ، ولكن بعد الحرب السادسة ، صارت "كُشر" وجارتها مديرية "مُستبا" التابعتين لمحافظة حجة ، هدفاً توسعياً لمقاتلي الحوثيين ، الذين ينشطون في ظروف السلم ويحاولون بسط نفوذهم ، أكثر منهم في زمن الحرب وفي مايو2011 ، استغلت الجماعة (جماعة الحوثي) حالة الارباك التي حصلت للجيش ، واحداث الثورة في صنعاء ، وبدأ مقاتلوا الجماعة يغيرون على مديرية "مستبا" بكثافة. فقد بدأ يوسف إسماعيل المداني ، وهو احد القادة الميدانيين للجماعة ، ومعزز بمئات المسلحين ينفذ طلعات ميدانية باتجاه الغرب ، بحجه امتلاك والدة بيتاً في مديرية مستبا .
امضى المداني ثلاثة اشهر يتردد على تلك المديرية البائسين اهلها والفقراء ، ثم قررت الجماعة بعد ذلك السيطرة الكاملة على مديرية مساحتها ( 87 )كم، والبالغ عدد سكانها ( 42531 ) نسمة .وبما ان مواطنوا مستبا ، مسالمون ولا يمتهنون القتال والحرب ، فلم تكلف هذه المديرية جماعة الحوثي الكثير من الجهد ، حيث لم يواجه مقاتلوا الجماعة اية مقاومة من السكان المحليين ، ولذلك عين الحوثي احد اتباعه عاملاً على مديرية مستبا(مديراً ) . لكن مهمة الحوثي لم تتوقف ، ففي 6نوفمبر 2011، الذي صادف عيد الاضحى لعام 1432ه هاجم مقاتلوه مديرية كُشر المجاورة لمستبا من جهة الشرق ، واغار مئات المسلحين على مديرية كُشر يوم عيد الاضحى و استولوا على عدد من الجبال والمواقع المهمة ثم احكموا قبضتهم على المراكز الحكومية والطرقات وعلى سوق عاهم .وبخلاف مستبا قاوم السكان المحليون هذا الغزوا وسقط اول قتيل من المواطنين واسمه منصور علي جبهان ، ثم دارت مواجهات بين ابناء المنطقة ومقاتلي الحوثي القادمين من محافظة صعدة ، ليسقط العديد من القتلى والجرحى من الجانبين .
وبعد هذه المواجهات الضارية تدخلت وساطة قبلية وعقدت بين الطرفين صلحاً في7ديسمبر 2011، أي بعد شهر تماماً من المعارك ، إلا ان هذا الصلح لم يصمد طويلاً ، لتندلع المواجهات من جديد. وفي 27يناير 2012 تدخلت احزاب المشترك وقادت صلحاً قضى بانسحاب الحوثيين الى خارج مديرية" كُشر" ، فتراجع مقاتلوا الحوثي الى الخلف ولكن ليتمركزوا في الجبال المطلة على الطرقات ونصبوا نقاط لتفتيش المواطنين على اطراف المديرية وبين فترة ال20 يوماً ، من 7/12- 27/1/2012 ، عندما شعر الحوثيين ان التراجع امراً لابد منه ، عمدوا الى زراعة الالغام وبشكل مكثف داخل العزل والمناطق التي قرروا الانسحاب منها ، وفي هذه المناطق تحديداً بات الموت المزروع تحت التراب يحصد الكثير من الابرياء.والالغام المزروعة ، محلية الصنع (تصنع بواسطة جماعة الحوثي) ، وهي لا تستهدف القوات العسكرية ، والتي لا وجود لها في كُشر ، وانما زرعت خصيصاً لحصد ارواح البشر والحيوان ايضاً .ومنذ ذلك التاريخ ، وحتى اليوم وقع 37شخصاً ضحايا لتلك الالغام ، وجرح اكثر من 45شخصاص بينهم نساء واطفال ومسنين في حوادث الالغام .
مؤسسة "وثاق" رصدت كل تلك الحوادث، ووثقتها بالصور ، وهي إذ تقدم إليكم حصيلة إجمالية بعدد الضحايا ،وتنشر أسماء القتلى والجرحى بالاسم وبنوع الإعاقة وزمن وقوع الحادثة. وطبقاً للجنة الوساطة ، فان اللجنة طلبت من الحوثيين "نزع الالغام " او إعطاء الخارطة التي تم زراعة الالغام فيها واسماء المناطق المزروعة فيها ، غير ان الجماعة اعتذرت ، بحُجة ان الذي زرع الالغام قد قُتل " وليس لديهم واحدة منها" .وبسبب تلك المخاطر فإن مزيد من الضحايا سيسقطون بفعل تلك الالغام المزروعة عشوائياً في كثير من وادي وسهل وعلى اكثر من طريق .
السير في "كُشر" محفوف بالمخاطر والمجازفات ، ونتيجة لذلك الوضع ، لم تستطع مئات -الذين غادروا "كشر" الى مخيمات التهجير القسري- العودة الى بيوتهم خوفاً على حياتهم من الألغام التي حصدت ارواح العشرات ، وبالتالي فإن العديد من المدارس مغلقة ، والعديد من القرى باتت خالية من السكان .
لا وجود للدولة في "كُشر" والمرجح ان اكثر الألغام مزروعة في هذه القرى :قرية الخطوة، المركز الامني ، المعهد المهني ، جبل الجرابي، الجرايب ، الحازة ، البياضة ، الكولة السوداء ، السواعد ، وعاهم ، التي تعتبر المركز الرئيسي لمديرية "كُشر" .هناك العشرات من الجرحى والمصابين وذوو الاعاقات الدائمة ، لا يتلقون العلاج على نفقات الدولة ، بل على نفقات أُسرهم المعدمة ، لدرجة ان بعضهم استسلم للاعاقة ، وقعد في البيت بفعل الفقر والعوز .يفتقر هؤلاء الناس الى مسئولية الدولة ، ويفتقدون الى الامان الشخصي والسلامة الجسدية ، وهي حقوق طبيعية وعلى الحكومات تجاه مواطنيها .