يتحدث الإيرانيون اليوم عن 13 خيارا للرد على الصفعة الاميركية التي هزت الشارع الايراني وحلفائه بالمنطقة ، وفي الاخير لن يأخذوا الا خيارا واحد ووحيدا وهو إستثمار مقتل سليماني سياسيا وترك جميع خيارات التصعيد العسكري جانبا. لانه ببساطة وكما قلناها سابقا ! إيران كدولة طامحة بالمنطقة ليست قطعا بذلك الغباء الذي يجعلها تدخل في مواجهة مباشرة وغير متكافئة مع خصم بحجم وإمكانيات الولاياتالمتحدةالأمريكية. عدا ان إشكالية إيران منذ اللحظة الاولى انها أخذت دور المشاكس بالمنطقة لذا كان من السهل تطويع دورها وتحويلها لاداة إستنزاف للنفوذ الاميركي بالمنطقة خدمة لدول عظمى باتت تسعى بقوة نحو إستعادة دورها التاريخي هناك .. عموما كان ذلك التصور بخصوص تعاطي القيادة المركزية في طهران مع المتغير الجديد ..لكن ماذا عن أذرع إيران بالمنطقة؟ هل سيدلف جميعها بهذا الاتجاه، اي نحو إستثمار ماحصل سياسيا؟ بالفعل يبدو اليوم ان أدوات إيران بالمنطقة قد شرعت بذلك العمل ولربما كانت البداية اكثر وضوحا من العراق وكيف كانت ادواتها المحلية والسياسية تحديدا السباقة هناك في كشف الرغبة الايرانية حين دشنت أولى مراحل التكسب السياسي من حادثة اغتيال سليماني عبر جلسة البرلمان العراقي التي ناقشت امكانية توجيه طلبا صريحا بمغادرة القوات الاميركية للبلد. ..وتعقيبا على التطور الأخير المتعلق باطلاق صواريخ إيرانية على قاعدتين اميركيتين احداهما في الانبار السنية والاخرى في اربيل الكردية فهي ليست اكثر من رسالة محدودة الأثر والتأثير يحاول من خلالها الايرانيون التأكيد لإدارة ترامب إستحالة القبول بإستبدال المكون الشيعي العراقي بنظيريه السني والكردي في الشراكة مع الاميركان بالعراق كما سيسعى الايرنيون من خلالها ايضا في تصوير ذلك القصف واعتباره بمثابة الرد الإيراني الخالص والمقبول لاستعادة صورة النظام وهيبته امام الداخل والخارج بطريقة خالفت توقعات الكثيرين اي دون الإستعاضة بادواتها هذه المرة في الرد .. بتنا الان بإنتظار خطوات مشابهة تقدمها نظيراتها من الادوات الاخرى بالمنطقة كلبنان واليمن في مقدمتها . بإعتقادي ان مسألة ذهاب الحوثيين نحو تصعيد عسكري مع السعودية والعودة الى مربع المواجهة المباشرة معها من جديد بات أمر وخيارا مستبعدا اليوم خصوصا بعد الشوط الكبير الذي قطعه الطرفان في محادثات ومفاوضات إنهاء الحرب، ناهيك عن رغبة وجهود حقيقية بذلتها وتبذلها بريطانيا وعمان لغرض إنهاء الصراع باليمن وهي من سيمنع اي إنهيار او تراجع لما تم التوصل اليه . إذن فالأداة الحوثية هي الاخرى ستسلك المسار السياسي كخيار أسلم وأمثل لها ولمستقبلها وأسوة ايضا بخيار المركز في طهران، ولم لا ؟.. بالعودة الى الضربات العسكرية التي توجهها الجماعة الحوثية موخرا وخصوصا في الضالع اظنها ليست أكثر من محاولة إستعراض أجوف لايرجئ منه اي منجز عسكري للجماعة،وقادتها يعلمون ذلك جيدا عدا ان الدافع لذلك الامر ربما هو لغرض التظاهر بالقوة والتماسك امام الجميع بغية إدراك وتحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية .. بمعنى ! السعي لرفع سقف الجماعة التفاوضي خصوصا وان الاشقاء بصدد إقحام طارق عفاش كطرف مؤثر في اي إستحقاق او تسوية تخص مستقبل الشمال السياسي.. السعودية تقريبا ضمنت مستقبلها في الجنوب بعد ان حسمت امره سياسيا عبر اتفاق الرياض كبوابة لتسوية سياسية مستدامة وما يحدث هنا ليس الا ملاطفة وهدهدة للاطراف فيه ريثما يكتمل المشهد مع أطراف الشمال ؛ كما ان التفاوض والحوار مع جماعة راديكالية تستقي قرارها السياسي بالكامل من طهران ليس بالامر السهل كما يؤكده السعوديون من خلال تباطؤهم في تطبيق اتفاق الرياض جنوبا وسعيهم نحو مزامنة بنوده بما يتوازى مع مؤشرات ومستقبل الحوار مع الحوثيين شمالا ؛ لولا ان المتغيرات الاخيرة ستدعم تقاربهما اكثر، فيضع الجميع حينها أولوية المصلحة المشتركة في توافقهما سياسيا واغلاق الملف بدلا من إستمرار الحرب بينهما بلا طائل . ووفقا لمؤشرات عدة تتصل بهذا الشأن ! سيبدو اننا بالفعل بتنا ننتظر أخبار وشيكة تؤكد مدى بلوغ الحوار السعودي الحوثي مستو اعلى من التفاهم والتقارب ، وهذه المرة ستكون على مستوى خارجية الطرفين وعلنيا ايضا ..