"تُظهر لنا القراءة المُمتعة للتاريخ أنه لم يستطع رجل أن ينجح في القيادة دون أن يُقنع أتباعه بأنه قد وضعهم في المقام الأول وقبل كل شيء...يقول الكاتب الفرنسي "أنطوان اكسوبيري " "إذا أردت أنْ تبني سفينة؛لاتدفع الناس لجمْع الأخشاب ولا تبدأ في توزيع المهام والأعمال؛بل الأفضل أن تُعلمهم أن يتوقوا إلى اتساع البحر اللانهائي"...في حين سُئل نابليون كيف استطعت أن تولد الثقه في نفوس أفراد جيشك؟ فأجاب: كنتُ أرد ثلاث على ثلاث...من قال لا أقدر قلتُ له حاول، ومن قال لا أعرف قلتُ له تعلم، ومن قال مستحيل قلتُ له جرّب. إنني إذ أكتبُ عن أزمة القائد فإنني هُنا لا أنتقدُ أحدا ؛ولكنّني أصرخُ من أعماق حُنجرتي بأننا نُعاني من أزمة القائد؛وأنّ استمرارنا في الثورة دون اختيار قيادة حقيقية سوف يفضي إلى كوارث لايُحمد عقباها...القادةُ ينقسمون إلى نمطين "المُستبد والديموقراطي" وأنا سوف أعطيكم صفات كُل واحد منهما وعليكم أن تُسقطوها على من يقودنا في هذه المرحله؛وسوف تعرفون من أي نوع هو...فالمستبد"الأوتوقراطي"يقوم هذا النوع من القادة بصنع كل القرارات ويهتم بالعمل ويركز على النتائج؛لذلك تجده ممتازاً في عمله ومستوى إنتاجه؛لكنّه ضعيف في العلاقات وكيفية إقناع الآخرين وجذبهم إلى المشروع الذي يحمله؛أما النوع الثاني فهو "الديموقراطي" الذي يهتم بتوضيح المُشكلة لفريقه ويساعدهم في إيجاد الحلول؛ لذلك تجده مهتماَ بالعلاقات والعمل بروح الفريق الواحد. إن القائد الذي أحلمُ به والذي يحلم به كافة الشعب هو ذلك الشخص الذي يُعلّم غيره ويُدربهم على كل شيء ؛ثم ينتقل بهم الى التمرين و التدريب على الممارسة؛ حتى تكون لديهم القدرة على الأداء بمفردهم؛كذلك يحرص على صُحبة الناس في الأعمال المطلوبة وتحفيزهم ومساندتهم؛أما الخطوه الاخيرة للقائد البارع هي "التفويض" عندما يتاكد من قدرتهم على العمل بمفردهم فإنه يكون مطمئنا لانه صار لديه القدرة على تفويض أي أحد؛فكل فريقه جاهز وكلهم قادة حقيقيون...من السهل جدا إشعال ثورة ؛لكن أن تُحدّد مسارَها وتُسيطر على توجهها فهذا يُعتبر من أصعب مراحل الثورة؛ لأن الجَماهير تتجّه تلقائيا والعاطفة دائما تحكمهم؛وبالتالي ظهور القائد وسط هذا الزخم الثوري الكبير أمر لامفر منه؛فهو يحفظ للثورة عنفوانها؛وفي نفس الوقت يُنظم إتجاه الثورة؛ويضمنُ عدم استنساخ مشاريع صغيرة؛لاتشبه المشروع الكبير الذي خرج من أجله الشعب. كُلنا نتفق في أن مسألة اختيار القائد ليست بالسهلة،ولكن لا أسهل من البحث عن قائد يكون مرغوب لدى الجماهير؛ويكون ذات كفائة عالية؛بالإضافة إلى أنه يملك الحس القيادي؛ إذن الهدف واضح والحماس موجود والجماهير موجودة وما ينقصنا هو القائد؟فكروا جيّدا فالقائد موجودٌ بيننا؛وكل مانحتاجهُ هو أنْ نُقرر...فالقرار أيضا قرارنا.