معلومٌ بالتجربة وبإجماع المؤرخين أن ثورة الشعوب لا تقهر ومهما أمتلك المستعمر من قوة وعدةٍ وعتاد ، ومهما مارس من أساليب السطوة والظلم والطغيان بحق الشعوب إلا أنه ينحي في النهاية مذعناً استسلامه أمام إرادة الشعوب الحرة والرافضة للظلم والعبودية، وكما قال الشاعر العربي إقبال: إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
وقد أثبت شعب الجنوب العربي شدة بأسه، وقوة إرادتة الفولاذية التي لا تنكسر أو تلين مع مرور الحقب والسنين تحت بطش المستعمر البريطاني في مدةٍ زمنيةٍ قاربت لقرن ونصف من الزمان حتى إنتصرت لترحل عن أراضيها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
ومع ذالك ينبغي علينا كشعب جنوبي يتوق لنيل حريتة من براثن محتل يمني غاصب مقدماً في سبيل ذالك سيلاً من الدماء والتضحيات الجسام ومازال إلى يومنا هذا، ينبغي أن ندرك متغيرات الزمان والمكان وتداعيات المشهد السياسي الداخلي وإرتباطة بمعترك الصراع الإقليمي والدولي في المنطقة بشكل عام ، وينبغي كذالك أن نعي وجه الشبة والإختلاف في مسار النضال التحرري لنيل الإستقلال الأول وبين مسار نضال شعبناء الثاني اليوم ، ففي الماضي لم تكن هنالك عوائق أو أطماع إستعمارية أخرى تقف في طريق ثورة الشعب الجنوبي وحينها حضيت الثورة بدعم حقيقي من الشقيقة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر وقد كان بالفعل ناصراً لقضاياء الشعوب العربية في حركة أحرار قومية العرب ولم يضع في حسبانه جملة المصالح التي ستستفيد منها دولة مصر لنفسها من جراء مواجهتها لأعتى وأقوى دول العالم الاستعمارية وهكذا فقد كُتِب للثورة النصر والنجاح ، اليوم كذالك يخوض شعبناء معركة حقيقية هي أشد تعقيداً في مسار نضالة التحرري من الإحتلال اليمني الخبيث والذي صادف في طريقة مشهد صراع إقليمي جعل من أرض الجنوب وما تمتلكة من موقع إستراتيجي هام في المنطقة أحد أهدافة الرئيسية في الإنتصار على الخصم الآخر ولم ينتهي المقام عند ذالك فحسب بل إمتد بعيداً شرقاً وغرباً متمثلاً في دعم أطراف الصراع في الداخل لوجستياً من ناحية ودبلوماسياً من خلال فرض القرارات الدولية والإسفاف والمماطلة في حل القضية بطرق سلمية عبر مبعوثوا الأممالمتحدة في مشهد يؤكد لنا عدم صدق الأممالمتحدة ودعمها لوضع حلول منصفة وعادلة لجميع أطراف الصراع الداخلي وتبنيها سلوكاً واضحاً للعيان يهدف إلى إطالة أمد الصراع وإستثمارة إلى مالا نهاية.
هذه الضروف الاستثنائية والمتغيرات الآنية والضغوط الإقليمية والدولية هي من تقف عائقاً للحيلولة دون استعادة أرضنا وإعلان التحرير الثاني في الوقت الحاضر، مع ما أصبحت تمتلكه قضية شعبناء من قوة ومن معطيات سياسية وعسكرية وسيطرة على الأرض إلّا أنها ما زالت تحتاج إلى التأييد الصادق من الدول الشقيقة والصديقة ،وحتى اللحظة لم نلتمس هذا الدعم والتأييد بشكل علني، وعليه فقيادتنا السياسية ممثلةً بالمجلس الانتقالي الجنوبي تدرك ذالك الأمر وتخوض معتركاً سياسياً ودبلوماسياً من أجل أن تحضى بهذا الدعم والتأييد والذي لن يتأتئ من السهولة بمكان ، ونحن كشعب جنوبي مؤمن بالله ثم بعدالة مطلبه نراهن على عدالة الله أولاً ثم على صدق وإخلاص ووفاء قيادتنا السياسية وعلى إرادة شعبناء الجنوبي الحر التي لن تنكسر أو تلين، وليس لاحد منّا الحق بان يتعجل قطاف ثمرة النضال أو الاتهام والتخوين والتململ والخنوع ، فالنضال مستمر والقضية أكبر واشد تعقيداً مما يتوقعه الشخص السطحي والعادي وبإذن الله ستنتصر إرادة شعب الجنوب .