عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    رئاسة الحكومة من بحاح إلى بن مبارك    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    في حد يافع لا مجال للخذلان رجالها يكتبون التاريخ    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    مسلحون يحاصرون مستشفى بصنعاء والشرطة تنشر دورياتها في محيط المستشفى ومداخله    الطيران الأمريكي يجدد قصف ميناء نفطي غرب اليمن    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    هزتان ارضيتان تضربان محافظة ذمار    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير يرصد تراجع القوات الحكومية أمام الحوثيين في أهم معاقل الشرعية (سقوط الجوف أنموذجا)
نشر في عدن الغد يوم 02 - 03 - 2020

عد خمس سنوات حرب.. انهيار مفاجئ للجبهات الشمالية.. ما الذي يحدث؟!
القسم السياسي ب(عدن الغد):
يعلق اليمنيون- منذ خمس سنوات- آمالهم في الخلاص من مليشيات الحوثي
الانقلابية، ويحلمون منذ ذلك الحين في استقرار البلاد، والتفرغ لمستقبلهم
ومستقبل أولادهم.
ويتوقون للانعتاق من أسر الهموم المعيشية لواقعهم اليومي، ومكابدة
التداعيات الاقتصادية والخدمية للحرب والتي يبدو أنها لن تنتهي قريباً.
انتظر أبناء هذا الوطن كثيرًا في سبيل الفكاك من الحرب، ووضع حدٍ
لأوزارها، وعاماً بعد آخر كانوا يُمنون أنفسهم بالانتقال من خنادق ومتارس
الجبهات نحو البناء والتنمية.
لكن.. يبدو أن أحلام اليمنيين تلك ستنتظر طويلاً حتى تتحول إلى واقع
يلمسونه ويشاهدونه بأم أعينهم.
ما يدفعنا إلى قول ذلك ليس نظرتنا التشاؤمية بقدر رصدنا لواقع الحرب
اليوم بعد مرور خمس سنين من القتال الدامي.
ففي الوقت الذي كان أبناء اليمن ينتظرون تحقيق القوات الحكومية والمقاومة
تقدماً وكسرًا لشوكة الحوثيين الانقلابيين؛ يتفاجأ اليمنيون بأن هذه
الشوكة تقوى ويشتد عودها عاماً بعد آخر.
وهذا ما يقود الجميع ليقعوا ضحية الإحباط وهم يرون قواتهم المناهضة
للمليشيات تتراجع لصالح هذه الأخيرة، في أهم معاقل الحكومة الشرعية
وحصونها.
فخلال خمس سنوات، ما الذي حققته القوات المرابطة بالجوف ومأرب، وشرق
صنعاء؟، وما الذي يجعلها تتقهقر بهذه الطريقة المريبة؟، في ظل دعم
التحالف العربي؟.
وهل يمكن أن يكون الحوثي قد اشتدت قوته واستطاع قلب الطاولة وترجيح الكفة
لصالحه بعد أن كان محصورًا في مناطق سيطرته الضيقة؟.
أم أن الأمر لا يعدو عن كونه تقاعساً من القوات الحكومية، وخذلاناً منها
وتقصيرًا نتيجة الفساد والإهمال الضارب جذوره في كل مفاصل الحكومة
السياسية والعسكرية؟.
والأهم من كل ذلك.. ما هو موقف التحالف العربي من التطورات العسكرية التي
شهدتها جبهات شمال الشمال؟، ولماذا تنهار الشرعية في مأرب والجوف بعد خمس
سنوات من الحرب؟.
انهيار مفاجئ.. ما الذي يحدث؟
قبل شهرٍ من اليوم، تحدثنا عن انهيار قوات الشرعية على جبهات نهم، والجوف
أمام تقدم الحوثيين، وتحدثنا ملياً عن استغلال الانقلابيين لحالة
الانقسام في الجبهة المناوئة لهم.
لكن بعد تجدد هذا الانهيار اليوم، وتوسع رقعة الأرض التي خسرتها الشرعية،
ودخول الحوثيين، أمس الأحد، إلى حاضرة محافظة الجوف- إحدى معاقل الحكومة-
مدينة الحزم، كل ذلك يوحي بأن ثمة أمورا وعوامل أخرى.
كثير من تلك العوامل يعود إلى بداية الحرب، منذ خمس سنوات، وبعضها مرتبط
باستمرار أمدها واشتعال جذوتها التي تزداد عاماً بعد آخر.
وما حدث لا يمكن التقليل منه، واعتباره بأنه يأتي في إطار تكتيكات "الكر
والفر" المعمول بها في الحروب التقليدية؛ ذلك أنه بلغ أمدًا خطيراً ووصلت
جيوش الحوثيين وجحافلهم إلى أهم وأعتى حصون الشرعية المتبقية، وباتت
المليشيات على أعتاب مأرب والجوف.
وهذا التطور لا يهدد قوات الحكومة فحسب، بل يهدد وجود الحكومة الشرعية
ككيانٍ اعتباري، يمكن أن ينتهي بمجرد انتهاء وسقوط معاقلها الرئيسية
وقلاعها التي تتحصن خلفها.
ويبدو أن وقت مأرب والجوف قد حان، بعد أن خرجت الشرعية من عدن، وقبلها من صنعاء.
سوء إدارة.. أم تسويف؟!
ينظر محللون إلى واقع ومآلات الحرب في اليمن، بعد خمس سنوات من القتال،
بأنها نتيجة حتمية لتأخر أو بالأحرى "تأخير" الرغبة في الحسم.
ويُلقي معتنقو هذا الرأي باللائمة على الإدارة العسكرية للتحالف العربي
لدعم الشرعية في اليمن، والذي أدار الحرب بطريقة "سيئة"، وفق وصفهم؛ مما
أتاح المجال أمام الحوثيين للبناء على الأخطاء التي وقعت، واستغلالها
لصالحه.
فسوء إدارة الحرب، وعدم تقدير الوضع الميداني، وربما حتى "تسويف" الحسم
العسكري مت قبل التحالف نتيجة التقليل من قدرات الخصم، والركون إلى هذه
المعطيات سمح للطرف الآخر باللعب على عامل الوقت وإطالة أمد الحرب، بل
وكسب مظلوميتها لصالحه بعد أن كانت ضده.
ولا يمكن- بحسب محللين- إغفال هذه السياسة التي انتهجها التحالف العربي،
والتي بُنيت على أساس وضع الحوثيين قبل بدء "عاصفة الحزم"، ووضعهم بعد
انطلاق العاصفة بأشهر، وهو وضعٌ كان يشير إلى تلاشي القوة الحقيقة
لمليشيا الحوثي، غير أن تأخير الحسم قاد الأمور إلى نتيجة عكسية.
فما نشاهده اليوم، من تصاعد قوة الحوثي، مقابل تراجع قوى خصومه على
الأرض، هو النتيجة الحتمية التي تسبب بها سوء إدارة الحرب، وتسويف الحسم،
حين كان الحوثي في أضعف حالاته.
وها نحن اليوم أمام واقع مرعب، يهدد بعودة المليشيات إلى المناطق
المحررة، بعد تعاظم قواهم العسكرية، رغم الحصار البري والبحري والحظر
الجوي.
غياب الرئيس والحكومة
قضية أخرى متعلقة بالتحالف العربي، أو على الأقل بعض أركانه، تتمثل في
المسئولية عن غياب رئيس الجمهورية عن المشهد الداخلي، وبالتالي غيابهم عن
إدارة شئون الحرب، وتسيير أمور الخدمات والحياة العامة للمواطنين.
فرئيس الجمهورية لم يعد إلى الداخل اليمني منذ سنوات، كما أن الحكومة
الشرعية غائبة هي الأخرى، وإن عادت فما تلبث أن تغادر تحت ضغوطات عسكرية
واحتجاجية، ترغمها على العودة للمهجر.
ووفق خبراء عسكريين فإن إدارة المعارك الميدانية تحتاج إلى تواجد قائد
عام للقوات المسلحة قريبا من مسرح العلميات لتوجيه دفتها، واتخاذ
القرارات التي يمكن أن تُفضي لترجيح كفة طرف على آخر.
وهذا ما ينقص القوات الحكومية التي تقاتل بقادة عسكريين من الصف الثاني
والثالث يتواجدون في الميدان، بينما قادة الصف الأول منغمسون في فنادق
الرياض.
ويرى مراقبون أنه لا يوجد ما يبرر بقاء وزراء الحكومة اليمنية في الخارج،
خاصةً القادة العسكريين منهم، بينما بمقدورهم العودة إلى الداخل وممارسة
مهامهم القتالية والخدمية.
حتى وإن لم يستطع أولئك القادة العودة إلى عدن بحكم ظروفها الأمنية
والعسكرية، فبمقدورهم الاستقرار في مأرب أو عتق، أو حتى سيئون؛ حتى
يستشعر المواطن البسيط والمقاتل المتمترس خلف خندقه على جبهات القتال أن
هناك من يشاطره الهموم وتحمل المسئولية.
وزراء الفنادق.. وجنود الخنادق
غياب المسئولين ليس مقتصرا على القادة العسكريين، بل يتعلق أيضاً
بالقيادات السياسية والمعنيين بالخدمات العامة وإدارة شئون البلاد
الداخلية، وبالتالي فإن غيابهم في فنادق الرياض خلق نوعاً من عدم الدعم
الجماهيري انعكس ربما على المقاتلين في الجبهات.
فالحالة المعنوية للجمهور الداخلي والمواطنين تنعكس على وضع الجيوش
والمقاتلين، وتؤثر على ثباتهم في الجبهات، وتنفيذ أوامر القادة
العسكريين.
ولا يمكن لجندي محروم من أبسط حقوقه، هو وعائلته البعيدة عن جبهات
القتال، أن يستميت ويصمد في ظل حرمانه، وتمتع قادته بكل ترف وبذخ ورغد
العيش!.
شتان بين الوضعين، فرغم أن كثيرا من المقاتلين في الميدان يحمل قضيةً
وطنية دفعته للالتحاق بجبهات القتال، ومستعد للتضحية بحياته؛ إلا أن
رؤيته للقادة العسكريين المترفين في فنادق المهجر يفت في عضده، ويقلل
حماسه.
لهذا يطالب كثيرون بعودة القادة العسكريين، والمسئولين والوزراء الخدميين
وعلى رأسهم رئيس الجمهورية إلى الداخل اليمني، وتركيز الجهود وتوحيدها
نحو العدو الحوثي، عسكرياً وتنموياً وخدمياً.
فالجندي الذي لا يحظى براتبٍ منتظم يُطعم أولاده وأسرته التي تفتقر
للخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وغيرها، لا يمكن أن يُبلي بلاءً حسناً
في المعركة، وقد يصمد.. لكن ليس طويلاً.
وهذا هو الربط الحقيقي لوزراء وحكومة الفنادق وتأثيرهم على سير المعارك
العسكرية وتراجع جبهات الشرعية.
فساد عسكري.. وجيش وهمي
تطورات الأوضاع العسكرية في الجوف ومأرب، وما آلت إليه الأوضاع من تراجع
لقوات الحكومة يقود إلى تساؤلٍ طالما تمت إثارته إعلامياً.
ويتمثل هذا التساؤل في مصير الجيش الذي تقوده الحكومة الشرعية من مختلف
أبناء المناطق الخاضعة لسيطرة هذه الحكومة، نصفهم من أبناء محافظات جنوب
اليمن، وهل هو جيش حقيقي، أم مجرد جيش وهمي من ورق، لا يتواجد إلا في
كشوفات المرتبات الشهرية؟.
هذا الوضع لم يعد خافياً على أحد، فالفساد العسكري فاحت روائحه، وتأكد
للجميع- بحسب مراقبين- انتهاج العديد من القادة العسكريين سياسة الترقيم
الوهمي للجنود، في سبيل مصادرة رواتب تلك الأسماء الوهمية إلى جيوب
القادة والشخصيات العسكرية المنتمية للحكومة.
فآلاف المقاتلين المسجلين في سجلات المرتبات غير متواجدين على الجبهات،
ولا حتى في المعسكرات، لهذا نجد حال القوات الحكومية في تراجع، نتيجة ضعف
معنويات من تبقى من الجنود الذين يقاتلون بدافعٍ ذاتي ووطني بمنأى عن أي
حسابات مادية.
وهنا ربما تكمن المفارقة المؤلمة من هذه التصرفات، حيث تمنع أو يتم إيقاف
مرتبات من هم على الجبهات، من المقاتلين الحقيقيين، بينما تُصرف مرتبات
الأسماء الوهمية وتذهب إلى حسابات قادة المؤسسة العسكرية.
فكيف يمكن أن تستفتح أبواب السماء، ويستنزل النصر، وواقعنا المعاش بهذه
الحالة من البؤس والألم والفساد المالي والعسكري؟!.
جزء من الحقيقة
جميع تلك العوامل والمعطيات لا بد لها أن تقودنا إلى النتيجة الكارثية،
والانهيار المفاجئ للقوات الحكومية على مختلف جبهات القتال.
وهذا أيضاً لا يعفي التحالف العربي من مسئولية النتيجة التي وصلت إليها
الأمور، كونه المتحكم بالوضع العام داخل اليمن، كما أن بإمكانه فرض عودة
القادة السياسيين والعسكريين وعلى رأسهم الرئيس والحكومة إلى الداخل
وإدارة شئون البلاد.
وهذا التحليل لا يقدم الحقيقة كاملةً، وإن كان يقدم جزءا كبيراً منها،
إلا أن هناك عديد عوامل لعبت دوراً هاماً ومحورياً فيما وصلت إليه
الأوضاع العسكرية والأمنية في مناطق الحكومة إلى هذا المستوى من التراجع.
قد تتحمل الحكومة ورموزها وسياسيوها، وقادتها العسكريون تحديدًا، مسئولية
كبيرة، وهذا حقيقي، وربما يكون التحالف العربي مرتبطا بجزء من تلك
المسئولية، لكن ثمة لاعبين دوليين مؤثرين على ما وصلت إليه الأوضاع.
أسباب أخرى
ثمة من يرى أن القرارات العسكرية الأخيرة الصادرة عن رئيس الجمهورية، هي
من تقف خلف انهيار جبهات القتال في معاقل الشرعية بالجوف ومأرب.
ذلك أن بعض القائمين على جبهات القتال يرفضون تلك القرارات بحكم تضمنها
تعيين رموز عسكرية تنتمي لنظام علي عبدالله صالح، وكانت ذات يوم تقاتل
إلى جانب الحوثيين حين كان تحالف (صالح - الحوثي) قائماً.
ونكايةً بتلك القرارات عمد القادة العسكريون إلى الانسحاب دون قتال من
مواقع حساسة مما سهل سيطرة الحوثيين عليها.
وهو رأيٌ رجحه محللون، يتهمون إحدى القوى السياسية والحزبية بتبنيه بعد
رفضها قرارات تسهم في إعادة رجالات صالح إلى المشهد العسكري والسياسي من
جديد.
مؤامرة دولية
يذهب كثير من المحللين إلى طرح فرضية "المؤامرة" التي تستهدف الأطراف
الداخلية والمعنية بالشأن اليمني، وهو طرح قد يبدو هروباً من تحمل
المسئولية الذاتية والشخصية، لكن لو أمعنا النظر جيداً قد نرى ملامح
منها.
ويمكننا تلمس ملامح تلك المؤامرة بمجرد رصدنا لتطورات الأوضاع الدولية
والإقليمية، فمن قائل أن ثمة تداعيا دوليا للوقوف في وجه التحالف العربي،
ومنعه من تحقيق أهدافه المتجسدة في (عاصفة الحزم) حين انطلقت قبل خمس
سنوات.
ويبرر طارحو هذا الرأي بأن التحالف العربي ومن خلفه الحكومة الشرعية
يتعرضون يومياً لكمٍ هائل من الضغوطات لمنع دخول صنعاء مثلاً، أو حسم
الأمور العسكرية لصالحهم.
وهذه الضغوطات تمثلت في وقف تقدم قوات الجيش اليمني والتحالف قبل ما يزيد
على عام نحو مدينة الحديدة ومينائها، من خلال اتفاقٍ رعته الأمم المتحدة،
ودول عظمى.
كما أن هدف هذه المؤامرة يتمثل في الاستفادة من مأساة اليمنيين
الإنسانية، والكوارث التي ترافق استمرار الحرب، وجني العديد من الفوائد
المالية، وربما ابتزاز دول التحالف مادياً.
وهي قضية كشفت عنها تقارير صحفية، أشارت بأصابع الاتهام إلى تورط عدد من
المنظمات الإنسانية والأممية في استغلال الوضع الإنساني للحرب اليمنية
والحصول على امتيازات ومكاسب على حساب اليمنيين المتضررين المباشرين.
وهذه المؤامرة لا تقف عند حد الجانب الإنساني، والابتزاز المالي المتعلق
به، بل تتعداها لتصل إلى التواطؤ مع المليشيات الحوثية ودعمها بالمال
والسلاح لاستمرار الحرب وإطالة أمدها.
وهو أمر ليس بخافٍ على الجميع، فالدعم الذي يتلقاه الحوثيون متعدد
الوجهات، ولا يأتي فقط من إيران الحليف الرئيسي للمليشيات، بل إنه يصل
إليهم عبر طرق عديدة ومتنوعة.
فرغم الحصار البري والجوي إلا أن المساعدات الإغاثية ما زالت تتدفق على
ميناء الحديدة المحمي باتفاقية ستوكهولم.
وربما قد يكون هذا تلميحاً لأحد التصريحات التي أدلى بها مسئول حكومي في
الشرعية، والذي أشار إلى تواطؤ أممي ودولي مع الحوثيين، ودعمهم مالياً
وبالأسلحة والعتاد عبر طرق سرية وغير سرية.
فقبل عام ونصف تقريباً، أعلنت الأمم المتحدة عن توريد ملايين الدولارات
نظير رسوم واستقطاعات غير قانونية يفرضها الحوثيون على منظماتها العاملة
في مناطق سيطرة المليشيات.
وهو ما أكده قبل أسابيع تقرير لوكالة أسوشييتد برس الأمريكية، كاشفاً عن
تواطؤ أممي واستسلام لتوجيهات الحوثيين الابتزازية.
ومن شأن هذه الملايين أن تغري الحوثيين باستجلاب مزيد من الأسلحة
والصواريخ، وشراء ذمم مسئولين دوليين ومحليين لتسهيل عمليات تهريب
الأسلحة إلى مناطق سيطرتهم، واستخدامها في تهديد دول التحالف العربي،
وقتل اليمنيين، وإطالة أمد الحرب.
ويمكن إضافة الأخبار والتقارير الدولية حول تهريب شحنات من الأسلحة،
والصواريخ المفككة عبر البحر إلى سفن حوثية تنتظرها قبالة سواحل الحديدة،
رغم تواجد عشرات السفن الدولية والقطع البحرية والبوارج الرابضة فوق
المياه الإقليمية لليمن، وكل ذلك يؤكد على استمرار الدعم الدولي
للحوثيين.
حتى ما يتم كشفه أو ضبطه من عمليات التهريب لا يعدو عن كونه 10 % من حجم
التهريب الذي يمر دون رقابة ويصل إلى أيدي المليشيات الحوثية.
متى تضع الحرب أوزارها؟
وبغض النظر عن تعدد أسباب انهيار جبهات القتال في معاقل الشرعية، والتي
ستؤثر بطبيعة الحال على الخريطة العسكرية الميدانية لسيطرة كل طرف، فإن
اليمنيين لا يهمهم سوى وضع حد لهذه الحرب التي أجلت أحلامهم.
فكلما استبشرنا بقرب انتهاء القتال على مختلف الجبهات والقضاء على
المليشيات المتسببة بإشعالها، عادت الأمور إلى المربع الأول.
لهذا يتمنى اليمنيون أن تضع هذه الحرب أوزارها لينطلق كل منهم نحو
مستقبله، بدلاً من الانكفاء على معالجة وتجاوز المعاناة المعيشية
والخدمية والتفكير بها حد الانغماس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.