نهاية الانقلاب الحوثي تقترب.. حدثان مفصليان من مارب وعدن وترتيبات حاسمة لقلب الطاولة على المليشيات    الأحزاب والمكونات السياسية بتعز تطالب بتسريع عملية التحرير واستعادة مؤسسات الدولة    لحظة إصابة سفينة "سيكلاديز" اليونانية في البحر الأحمر بطائرة مسيرة حوثية (فيديو)    شركة شحن حاويات تتحدى الحوثيين: توقع انتهاء أزمة البحر الأحمر رغم هجماتهم"    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    يوم تاريخي.. مصور يمني يفوز بالمركز الأول عالميا بجوائز الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في برشلونة (شاهد اللقطة)    تشافي لا يريد جواو فيليكس    مركز الملك سلمان يمكن اقتصاديا 50 أسرة نازحة فقدت معيلها في الجوف    تفجير ات في مأرب لا تقتل ولا تجرح كما يحصل في الجنوب العربي يوميا    للزنداني 8 أبناء لم يستشهد أو يجرح أحد منهم في جبهات الجهاد التي أشعلها    عودة الكهرباء تدريجياً إلى مارب عقب ساعات من التوقف بسبب عمل تخريبي    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    هجوم جديد على سفينة قبالة جزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندي    رئيس جامعة إب يطالب الأكاديميين الدفع بأبنائهم إلى دورات طائفية ويهدد الرافضين    نابولي يصدّ محاولات برشلونة لضم كفاراتسخيليا    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    عقب العثور على الجثة .. شرطة حضرموت تكشف تفاصيل جريمة قتل بشعة بعد ضبط متهمين جدد .. وتحدد هوية الضحية (الاسم)    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    اتحاد كرة القدم يعلن عن إقامة معسكر داخلي للمنتخب الأول في سيئون    شاهد.. مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا في حادث بشع بعمران .. الجثث ملقاة على الأرض والضحايا يصرخون (فيديو)    وزارة الداخلية تعلن ضبط متهم بمقاومة السلطات شرقي البلاد    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    ريمة سَّكاب اليمن !    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير يرصد أسباب وخلفيات الصراع والتهديدات المحدقة بمدينة مأرب
نشر في عدن الغد يوم 05 - 02 - 2020

- ما الذي يحدث في مأرب؟
- هل يمكن أن تسقط مأرب بيد الحوثي خصوصاً بعد هجومه الأخير؟
- أين قيادات الإصلاح.. وهل هم فعلاً متخاذلون؟
- ما حقيقة الصفقة الدولية للتخلص من الإصلاح؟
- كيف أثرت انقسامات الشرعية على سير المعارك في مأرب؟
- هل حانت لحظة المدينة.. أم أنها أزمة عابرة سترتد على الحوثيين؟
- أين التحالف والشرعية مما يحدث في مأرب؟
- هل ما يحدث هو بسبب التحالف.. أم أنه قام بكل ما يستطيع وقدم كل شيء؟
مأرب.. آخر معاقل الشرعية
القسم السياسي ب(عدن الغد):
عُرفت مدينة مأرب (وسط اليمن)، بأنها معقل القوى التقليدية في البلاد منذ
ثورة سبتمبر مطلع ستينيات القرن الماضي.
وكثيرًا ما كانت هذه البقعة المتواجدة شرق الدولة الوليدة في الشطر
الشمالي من اليمن، خارج نطاق الجمهورية الفتية.
كان ذلك نتيجة العديد من الأسباب؛ على رأسها انتشار القبائل هناك
وإمساكها بزمام الأمور، وربما لتمسكها بالسلطة التقليدية التي تداولت على
حكم اليمن لنحو عشرة قرون.
فكان من الصعب ترويض مأرب وقبائلها واستقطابها في صفوف الجمهورية، وظلت
لعقودٍ طويلة بعيدةً عن تدخلات الدولة، وهو وضعٌ لم تكن مأرب تتميز به
بمفردها، ولكنه كان طابعاً عاماً لكل المحيط القبلي الذي يُطوّق عاصمة
الجمهورية الفتية في شمال اليمن حتى يومنا هذا.
وفي الواقع فإن الدولة هي ذاتها لم تكن متحمسةً لاقتحام تلك البيئة
القبلية المغلقة، درءً لأية مشكلات أو أزمات أو تداعيات قد تتسبب بها تلك
التوجهات، غير أن هذه الحالة لم تستمر طويلاً، ولم تلتزم بها الأنظمة
المتعاقبة بشكلٍ كلي.
فقد حاولت الأنظمة الأخيرة بكل جهودها احتضان مأرب، وإخراجها من عزلتها
وضمها إلى الدولة، وبدأت تلك المحاولات في منتصف ثمانينيات القرن الماضي،
الذي لم يكن لينتهي إلا وقد أصبحت مأرب مدينةً نفطية وغازية بامتياز؛
بفضل التنقيبات الحكومية.
هنا فقط بدأت مأرب تجد لها موطئ قدم في الاهتمامات الحكومية، وبدأت
بالفعل تنغمس وتشارك في الدولة والجمهورية والنظام العام.
معقل الجمهورية والشرعية
غير أن الأحداث التي مرت بها البلاد خلال السنوات الخمس أو الست الماضية
كشفت تغيرًا جذرياً في فكر أهالي مأرب وقبائلها، وأوضحت تلك التغيرات مدى
التحول في توجهات وانتماءات وميول المأربيين، الذين لم تعد القبيلة-
بانتماءاتها الضيقة- تؤثر على انتمائهم الواسع للوطن الكبير.
كان ذلك جلياً وواضحاً في فترة ما بعد سقوط صنعاء في سبتمبر 2014، حيث
كانت محاولات الحوثيين وقوات حليفهم صالح حينها، تنصدم بصمود قبائل مأرب
ودفاعهم عن "الجمهورية"، هذه الجمهورية التي أخذت وقتاً طويلاً للولوج
إلى قناعاتهم وأفكارهم.
لم تخضع قبائل مأرب حينها لهجمات الحوثيين ومقاومتها، ومنعتهم من دخول
المحافظة، وقاتلت جميع القبائل هناك في صف الجمهورية والحكومة الشرعية.
بل حتى أنها احتضنت رموز الدولة والجمهورية ممن نزحوا إليها فرارًا من
بطش واقتحامات واعتقالات الحوثيين.
وباتت مأرب، بفضل هذا التوجه والالتزام بالانتماء والولاء للوطن
والجمهورية أحد أهم معاقل الحكومة الحالية التي تقاوم وتواجه مشروع
الحوثيين.
وفي حقيقة الأمر فإن الناظر إلى واقع الأوضاع الراهنة المشتعلة، يتأكد له
أن مأرب هي الحصن الأخير لحكومة الشرعية، خاصةً بعد سيطرة قوات المجلس
الانتقالي على عاصمة الشرعية المؤقتة عدن، وخنق الحوثيين وحصارهم لمدينة
تعز.
ما الذي يحدث في مأرب؟
عطفاً على ما استعرضناه سلفاً من تاريخ مأرب الماضي وواقعها الراهن،
يمكننا أن نستشف ونسبر أغوار ما يحدث في المدينة والمحافظة التي وقفت
لسنوات في وجه الحوثيين، غير أن أسوارها اليوم يبدو أنها تتهاوى أمام
ضربات المليشيات الانقلابية.
وهو وضعٌ يدعو للريبة والاستغراب، ويمكن للمحللين والمراقبين أن يربطوه
بالعديد من المواقف والأحداث التي شهدتها الفترة الماضية بين أهم
اللاعبين المؤثرين في الشأن اليمني.
فالقوات التي انطلقت من مأرب في 2015 بعد صد هجمات الحوثيين ودحرهم،
انطلقت في طريقها صوب صنعاء، وظلت قريبةً من تخوم العاصمة ومهددةً معقل
الحوثيين الرئيسي، دون أن يخطر في ذهنها أن الحوثي يمكن له أن ينقلب على
هذا الوضع ويهدد معقل الجمهورية والشرعية في مأرب.
لكن.. وعلى الأرض تم ذلك بالفعل، فالحوثي الذي عجز طيلة أربعة أعوام
ماضية عن زحزحة قوات الشرعية الرابضة على أعتاب صنعاء، ها هو اليوم يهدد
ويقف على مقربةٍ من حصون مأرب وأسوارها التي باتت في المتناول، على ما
يبدو.
صواريخ تقذف بها راجمات الانقلابيين الحوثيين مواقع عسكرية وأمنية في
غاية الحساسية والأهمية، دون أن تكون هناك ردة فعل مناسبة ومساوية.
تقهقر للجبهات الموالية للشرعية، ليس في مأرب فقط بل حتى في الجوف،
تعلنها المليشيات بفخرٍ واعتزاز، في ظل تعميم وضبابية من إعلام الشرعية
عن حقيقة ما يجري هناك.
وما يزيد تلك الضبابية والحيرة، الصمت المعلن من قبل التحالف العربي إزاء
ما يدور من أحداثٍ ومستجدات ميدانية وعسكرية.
مأرب الإخوانية.. هل هي حقاً كذلك؟
تتلقى مدينة مأربٍ وقبائلها اتهاماتٌ بموالاتها لجماعة الإخوان المسلمين،
ويقول البعض إن حزب الإصلاح اليمني يمثلهم في اليمن.
وهي اتهاماتٌ نسمعها كثيرًا من إعلام المتمردين الحوثيين، وكل خصوم
الإصلاح، ويبدو أن هذه الصفة التي تتصف بها مأرب تجعل من استهدافها
"مبرراً" في نظر كثيرين.
في المقابل يحاول أهالي مأرب وحتى من الموالين للإصلاح نفي تلك التهم،
والاكتفاء بأنهم فقط يعملون من أجل الوطن ودحر خطر المليشيات الحوثية
الإيرانية عن مأرب وسواها من المدن اليمنية.
ويرون أن تلك الاتهامات ترتبط بوجود الكثير من القيادات السياسية
الموالية للحزب في قلب الحكومة اليمنية الشرعية، وهو ما ينظر إليه البعض
بأنه سيطرة حزبية إخوانية على الحكومة.
ولأن أغلب قيادات الحكومة، العسكرية منها على وجه الخصوص، تتخذ من مأرب
مقراً لها؛ فإن أعداء الحكومة الشرعية قد وجدوا لهم مدخلاً للقضاء عليها،
تحت مبرر القضاء على الإخوان، وفق وجهة النظر تلك.
وبغض النظر عن المبررات؛ إلا أن تلك التهم شكلت وبالاً على مدينة مأرب،
وجعلت استهدافها أمرًا يجتمع حوله أعداء الشرعية وأعداء الإخوان وأعداء
الانتقالي حتى.
فالباحث عن الدمار والانتقام والخراب قد لا يعدمه المبرر في حالة إصراره
على استهداف جهة أو طرفٍ ما، وهو حال الحوثيين اليوم.
ما حقيقة تخاذل قيادات الإصلاح؟
رغم كل ما ذكرناه عن الاتهامات المتبادلة في وقوع مأرب تحت رحمة الإخوان
من عدمه، إلا أن هناك العديد من الرؤى تتحدث عن وجود تخاذلٍ من قبل
قياداتٍ إصلاحية في الجيش الوطني المدافع عن مأرب.
وتشير تلك الرؤى إلى أن تلك القيادات قد لا تنتمي إلى مأرب، لكنها منخرطة
في القوات المسلحة، كاشفةً عن ما أسمته "صفقات مع الحوثيين"، لتسليم
جبهات غرب مأرب للمليشيات الانقلابية.
وهو ما نقله أحد قادة المليشيات عبر تصريحاتٍ إعلامية، أشار فيها إلى
لقاءاتٍ وتنسيقٍ مع قادةٍ في الجيش وآخرين من القادة السياسيين والمحليين
في مأرب، على رأسهم محافظ المحافظة سلطان العرادة، والذي نفى كل تلك
المعلومات ووصفها بأنها "فبركات" إعلامية يقوم بها الحوثيون لتغطية
تراجعهم الميداني.
ويرى متبنو هذا الرأي أن الإصلاحيين وقواتهم في نهم ومأرب والجوف يقومون
بعملية ابتزاز للتحالف العربي الذي فتح ذراعيه لقوات "حراس الجمهورية"،
وقائدها العميد طارق صالح.
وهو ما يؤكده توقيت تحريك جبهات القتال في نهم وغيرها، والذي تزامن وأعقب
لقاءاتٍ عقدها طارق صالح مع قيادات سعودية في الرياض.
التخلص من الإخوان والإصلاح
وعلى الجهة الأخرى يقول إعلاميون إصلاحيون: إن هناك توافقا وتنسيقا من
جميع الأطراف السياسية والعسكرية والفاعلين في الشأن اليمني للتخلص من
جماعة الإخوان في اليمن، ممثلاً بحزب الإصلاح.
ويرى أولئك أن هذا التوافق ليس بمنأى عن ضوء أخضر دولي للتخلص من كل ما
له علاقة بالإسلام السياسي، خاصةً بعد العديد من التطورات والمستجدات
السياسية والعسكرية على مستوى العالم والمنطقة.
وأكدوا أن التسوية الجديدة التي يتم التحضير لها و"طباختها"، حد وصفهم،
تقتضي إخراج حزب الإصلاح من المشهد، من خلال ضرب تواجده في أهم جبهات
القتال في اليمن، والمتمثلة بجبهة شرق صنعاء.
ويعتقد أصحاب وجهة النظر هذه أن هذا التوافق يعتبر خطأً استراتيجياً وقع
فيه الجميع، خاصةً وأن قوات الإصلاح هي من تقود المعارك ضد الحوثيين في
مختلف جبهات القتال مع الحوثيين.
وأن محاربة الإصلاح والتخلص من قواته، سيجعل ظهور الشرعية والتحالف معاً
مكشوفةً لتقدم الحوثي وقواته في جميع الجبهات.
الحوثيون يستغلون انقسام الشرعية
يهدد الحوثيون باقتحام معقل الحكومة الشرعية في مأرب، فبعد وصولهم إلى
تخومها الغربية، واستيلائهم على معسكرات ضخمة واستعادتها من أيدي قوات
الشرعية كمعسكر فرضة نهم ومقر المنطقة العسكرية السابعة، تبدو مأرب في
المتناول.
لكن.. ما حقيقة الرغبة الحوثية في دخول مأرب؟، وهل باستطاعتهم فعل ذلك؟،
خاصةً في ظل الأنباء الأخيرة عن تعاظم قوة الحوثيين مؤخرًا، وتحديدًا
فيما يتعلق بقوتهم الصاروخية.
ويؤكد محللون عسكريون موالون للحوثي أن قواتهم لم تكن بأفضل حالاً مما هي
عليه اليوم، ويبدو أن بيئة الحرب التي عاشتها الجماعة المتمردة خلال
السنوات الماضية انعكست على تعزيز قواتها.
في المقابل، يعتقد متابعون أن الحوثيين ليسوا أقوياء بقدر الضعف
والانقسام الموجود في الجانب الآخر، والمتمثل في الشرعية وداعميها، وأن
هذا الضعف ساعد الحوثيين وأعطاهم الجرأة على "التنمر"، والاستقواء.
فالناظر إلى واقع الشرعية يجد أن الصراعات تفتك بها، على مستوى العلاقات
بينها وبين دول التحالف العربي، وبينها وبين مكونات كان يمكن أن تستميلها
وتستقطبها في الداخل اليمني، وخاصةً في محافظات جنوب البلاد.
وهذه الانقسامات والتناقضات في أوساط مكونات الشرعية؛ استغلها الحوثيون
وبنوا عليها ومضوا نحو تحقيق أهدافهم وصناعة انتصاراتٍ حتى وإن كانت
وهمية، إلا أنها وجدت من يروّج لها من بين صفوف الشرعية.
هل حان وقت سقوط مأرب بالفعل؟
بحسب رؤى لخبراء عسكريين فإن سقوط مدينة كمأرب ظلت لسنوات معقلاً للجيش
اليمني، وخلفيةً داعمةً لتواجده في مناطق ذات أبعاد استراتيجية عسكرية،
يبدو صعباً للغاية.
فالمعنى الوجداني والعسكري للكثير من القيادات العسكرية والمحاربين
والمخلصين لفكرة مواجهة "المد الإيراني" لن يسمح بذلك.
كما أن دور التحالف العربي- وإن تأخر- لن يكون بسيطاً ضد محاولات إسقاط
معقل الحكومة التي يدعمها والتي كانت سبباً في تواجده وتدخله.
لهذا.. يحاول عدد من الباحثين والمحللين تسويق رؤيةٍ تبدو مغايرة، مفادها
أن الحوثيين لا يسعون إلى إسقاط مأرب المدينة، بقدر حرصهم وسعيهم لتحقيق
انتصارات حقيقية على جبهة ذات أبعاد استراتيجية كالجبهة الشرقية لصنعاء،
تأميناً وتمهيداً لأي تسويةٍ قادمة، تظهر بوادرها في الأفق.
فالحوثيون يرون أنهم لا بد أن يؤمّنوا ظهورهم من جهة مأرب وجبهة نهم التي
تهدد تواجدهم في عاصمتهم صنعاء، وهذا التأمين الذي يسعون إليه ربما كان
أحد شروط موافقتهم على الانخراط في أي عملية تسوية تبدو جاهزة، وفق
محللين.
وبناءً على ذلك، فإن تحركات الحوثيين صوب مأرب لا تعدو عن كونها الوصول
إلى موقع قوة يمكنهم من التفاوض والحوار والظهور بمظهر المتماسك والثابت
على الأرض.
أين التحالف والشرعية؟
وسط كل تلك المعمعة، يستغرب مراقبون من الصمت الذي يعتري مواقف المعنيين
الرئيسيين تجاه المواجهات والتهديدات التي تعيشها مأرب منذ أسابيع.
فاللاعبون الأساسيون المتمثلون في التحالف والحكومة، غائبون عن المشهد،
ولا تتبادر إلى المسامع أية معلومات عن مواقفهم وتحركاتهم المضادة، في
مواجهة مواقف وتحركات الحوثيين.
ويظن مراقبون أن التحالف العربي والحكومة الشرعية لم يكونوا على مستوى
الأحداث الجسيمة التي ضربت جبهات مأرب ونهم، وأن احتمالات التقهقر
والتراجع عن كل ما تم تحقيقه خلال أعوام لن يكون في صالح أيٍ منهما، ما
لم يسارعا في التحرك والتصرف ودعم الجبهات.
بل إن البعض يذهب بعيدًا حين يحمل التحالف والشرعية مسئولية ما حدث ويحدث
في مأرب ونهم والجوف، وجبهات أخرى عديدة.
في الوقت الذي يعتقد آخرون أن التحالف العربي وقواته لم يدخر جهدًا في
دعم الجبهات في مختلف المحافظات، عسكرياً وسياسياً منذ اللحظة الأولى
لعاصفة الحزم، غير أن الضغوط الخارجية والتغير في السياسات الدولية حالت
دون استمرار تلك الجهود.
فالشيء المتوقع أن تقف قوات التحالف بتشكيلاته الجوية أولاً، خلف
المتصدين لتقدم الحوثيين، بينما ينتظر المراقبون من الشرعية أن تتحرك
لرفد الجبهات بالمقاتلين واختيار الشخصيات المحلية والعسكرية الفاعلة
لمواصلة سياسة المقاومة.
كما أن الاكتفاء بأدوار المقاومة والدفاع لم تعد مجدية حالياً في ظل ظروف
متدهورة ساعد في ترديها استمرار الحرب، وعليه لا بد من التفكير في رؤية
استراتيجية مغايرة، يتبناها التحالف والشرعية تركز على الهجوم واستعادة
العاصمة صنعاء، لإنهاء مأساة الحرب، التي يتاجر بها الكثيرون.
ربَّ ضارةٍ نافعة
يعتقد متابعون أن الأحداث التي شهدتها مأرب، والتهديدات التي تواجهها في
ظل قصور من قبل بعض الجهات، وتكالب أطراف أخرى؛ تمثل تهديدًا على مستقبل
البلاد برمتها.
وذلك يعود إلى أن أية تراجع في مدينة مثل مأرب قد ينعكس سلباً على سير
المعارك مع المليشيات الحوثية لصالح هذه الجماعة، كما أنه سينعكس على
جدية الأطراف الداعمة للشرعية، وسيكشف تخاذل الحكومة الشرعية نفسها.
ولهذا يرى مراقبون أن الحل الوحيد لمنع حدوث مثل هذه الغاية التي يسعى
إليها الحوثي وأعوانه، هو توحيد الجبهات ونبذ الانقسامات، وترميم الصف
الداخلي لمواجهة هذا الخطر الحوثي الإيراني المتعاظم.
وربما قد تكون الهجمات الأخيرة على مأرب جرس إنذار لتنبيه الجميع، ورص
صفوفهم وإعادة تأهيلها لمواجهة جديدة مع المليشيات، و"رب ضارةٍ نافعة"
تعود بالخير والنصر على البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.