كان أبناء العم سبأ بن أبي السعود بن زريع ومحمد بن أبي الغارات يعيشان في عدن في بداية القرن السادس الهجري وكانا يتقاسمان خراجها فكان للاول ما يجبى من برها وللاخرما يجبى من بحرها وعاشوا في رخاء ورغد من العيش ومن المعلوم أن عدن لا تمتلك أي موارد طبيعية تذكر ولكن موقعها بين مصر والهند جعلها ذات اهمية كبيرة لوقوعها في طريق التجارة القديم واشتهرت عدن كسوق تجاري كبير مما جعلها بمثابة حلقة الوصل بين قارات العالم القديم فكانت عدن مرفأ لمراكب تجار الهند وبلدة التجار، ويحمل إليها متاع الهند والسند والصين والحبشة وفارس والعراق، ومن حكمها جرت الاموال والخزائن بين يديه من حيث لا يعلم ومن دخلها فقيرا خرج بأموال وتجارات حتى أن البعض كان يخشى على نفسه فتنة الدنيا والمال وأستمر حال أولاد العم وهم في خير الى ان دب الخلاف وحصل الشقاق وغلب عليهم الطمع وتنافسا وتقاتلا على ما يدخل وما يخرج منها واليها وقد جري بين جباة سبأ بن أبي السعود بن زريع ومحمد بن أبي الغارات نزاع على ما يدخل إلى عدن من الماء والحطب في مكان يعرف ب (السائلة). وكان سبأ يجبي ما دخل من البر وله حصن (التعكر)، وابن أبي الغارات يجبي ما دخل من البحر وله حصن (الخضراء) وحكم المدينة.. فبقوا على هذا الحال زمناً وهم في خلاف ونزاع وصراع على الاموال وجيش كل منهم ما إستطاع للغدر بالاخر والاستئثار بالاموال والسلطة ولو أنهم اتفقوا لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ولكن الطمع قد اعمى أبصارهم إلى أن غزاهم صاحب جزيرة قيس في عدد من السفن وجزيرة قيس كما ذكر ابن المجاور في تاريخه.أنها جزيرة في الخليج العربي استوطنتها قبائل عربية، أغلبها من الأزد، واشتغلوا بصيد السمك واللؤلؤ، ثم اشتغلوا بنقل البضائع بين موانئ الخليج العربي وكل من الهند وشرق إفريقيا، كبحارة وأصحاب سفن، واشترك بعضهم بالتجارة.وهي الان تتبع إيران وقد كان هناك تنافس بين جزيرة قيس التي كانت تخدم الدولة العباسية( سنية)وعدن كانت تخدم الدولة الفاطمية في مصر( شيعية). فلما أرست السفن في الميناء بعث رئيس جزيرة قيس إلى ولاة عدن بالتسليم أو الحرب. فبعث: صاحب حصن التعكرإلى ابن عمه صاحب حصن الخضراء يقول (غلطنا في الكيل فشرد منا الحيل): فأجابه ماذا نصنع وهذا العدو قد داهمنا فقال: انزل عن (الخضراء) وأنا أكفيك شرهم. فنزل وسلم له صاحب التعكر فبعث هذا إلى قيس يقول إن البلد بلده يولي،الحصن إلى ابن عمه فيها من يشاء. فلما سمعوا نزلوا من السفن وفرحوا فبعث إليهم اليهم بطعام وشراب كثير فانشغلوا بالأكل والشرب حتى غلبهم السكر. فلما رأى رئيس قيس فعل أصحابه صاح فيهم. كفوا عما أنتم عاكفون. ولا شك أنها حيلة لهلاككم: لكنهم لم يصغوا اليه. فنزل صاحب (التعكر) مع جماعة من أصحابه وأعمل في (قيس) السيف، فلم يسلم منهم إلا طويل العمر. وبقيت جماجمهم تملأ المكان الذي نزلوا فيه، فكان إذا أشكل على رجل من أهل عدن موضع سأل: أين من الجماجم؟ فعرف الموضع بالجماجم الذي نزلوا فيه. انتصر جنود صاحب قيس بتوحدهم رغم قلتهم وانهزم ابناء العم بتفرقهم رغم كثرتهم.. وها هو التاريخ يعيد نفسه اليوم في اليمن .. فهاهم ابناء العم رغم كثرتهم لكنهم في فرقة وتمزق وبغض وتحاسد وتصارع على السلطة فهل يعي ابناء العم انهم بفرقتهم هذه وتمزقهم يضعفون أنفسهم ويخسرون الكثير بينما في المقابل أعدائهم وهم قلة إلا انهم انتصروا بتوحدهم وتوحد قيادتهم فكلما تعددت القيادات تمزق الصف وتوزع القرار وانهزم الناس فمتى يعي أبناء العم (المؤتمر والاصلاح والجنوبيين والمستقلين ) أن تفرقهم وصراعهم لن يجلب لهم إلا شتاتا أكبر وتمزق وان عليهم ان يعلموا أن وحدة الصف والقيادة من اسباب النصر والتمكين فإذا استمر الصراع بين أبناء العم بهذا الشكل فلا نلوم بعد ذلك عندما نرى حلفاء ايران يتمددون كل يوم في مكان ثم نقول كيف سقطت صنعاء وكيف سقطت الجوف وكيف وكيف وووو وكيف انتصر الحوثيون علينا وهم قلة فقد انتصروا بتوحدهم وهم قلة واإنهزمنا بتفرقنا ونحن كثرة.