احمد بوصالح يعتبر الإعلام بكافة وسائلة المقروءة والمسموعة والمرئية من أهم وأبرز الوسائل الحديثة في مخاطبة المجتمعات البشرية وترجمة توجهاتها بمختلف مشاربها الفكرية وتفعيل حراكها السياسي ونقل صورة كاملة عن مشهدها الثقافي والحضاري ونتاجها الفكري والإبداعي وإيضاح ما تتميز به من قدرات فائقة في العمل والإنتاج والتأثير كذلك من خلال مواكبة الحدث وتوضيح تفاصيله وحيثياته التي عادة ما يتم تغييبها عن أذن وعين المتلقي .
وفي ظل التطور النوعي والتقني والمعلوماتي المتسارع يعتبر للإعلام دور وأهمية كبيرين في التأثير على سلوكيات الآخرين وبالتالي تغيير نظرتهم تجاه هذا المجتمع أو ذاك عما كانت عليه في السابق.
نحن هناء في الجنوب نشاهد بزهو وفخر عاليين نجاح ثورة شعبنا على المستوىين الجماهيري والميداني من خلال تواصل مسيرة الثورة وارتفاع وتيرتها يوما عن آخر وأتساع رقعة النضال وكبر مساحة الحراك الجنوبي وارتفاع منسوب الالتفاف الجماهيري الجنوبي حول ثورته الشعبية السلمية التحررية فصوت الجنوب اليوم أصبح مدويا محدثا صدى في كافة الإرجاء أكثر مما كان عليه قبل سنوات قلائل مضت وكل ذلك يؤكد بما لا يدعي مجالا للشك إن الجانب الشعبي والميداني للثورة الجنوبية ناجحا بكل المقاييس .
ولكن هذا النجاح الذي لم يتحقق إلا بفضل تضحيات شعب الجنوب الجسيمة المتمثلة في الآلاف الشهداء وضعفهم من الجرحى والآلاف المعتقلين والإسراء من أبناء الجنوب لم تقابله نجاحات على المستويات والجوانب الأخرى التي تعتبر مكمله وكفيلة بنجاح الثورة وتحقيق أهدافها السامية والمشروعة .
فعلى المستوى السياسي مثلا تشعرك مجريات بعض مراحله بأمل النجاح المأمول ولكن سرعان ما تختفي بوادر الأمل تلك وتبدد وتتحول إلى يأس وإحباط عندما تشاهد وتقرأ وتسمع هدير كلمات التخوين ودفر سيل الاختلافات بين القادة المفترضين للفعل الثوري المتقد في ساحات وميادين الجنوب من أقصاه إلى أقصاه.
في خضم هذا النجاح وذاك التعثر أن لم أقل الفشل يبقى الجناح الحامل لقضية الشعب وحراك الثورة إلى خارج الحدود غائبا بكل أسف غيابا أثر بشكل كبير على مجريات تعاطي الخارج مع ثورتنا وبالتالي تغييب عامل الدعم الخارجي بكافة فروعه السياسي والإنساني والحقوقي عن المشهد الثوري الجنوبي ناهيك عن تسببه في إبعاد الطرف الآخر (الجاني) عن مقصلة الضغط الخارجي وبمنأى عن المسائلة الدولية .
حقيقة ما قدمه الأعلام الجنوبي بتواضع أمكانياتة ومحدودية تأثيره للثورة السلمية ليس قليلا بل بذل الزملاء الإعلاميين من أبناء الجنوب جهودا جبارة تحدوا معها كافة الظروف وتجاوزوا كل المعوقات ليصلوا صوت شعبهم إلى البعيد ولكن يبقى مستوى التأثير لا يرتقي إلى مستوى الطموح بدليل تواضع النتائج التي بعبر عنها مدى التفاعل الخارجي المبني عليه التعاطي مع قضيتنا العادلة وتأكيد أحقيتنا في تحقيق أهداف ثورتنا ونيل مطالبنا المشروعة في التحرير والاستقلال واستعادة دولتنا . أهمية تفعيل دور الأعلام الجنوبي يدفع بها وبشدة التجاهل الإعلامي العربي المتعمد لقضيتنا العادلة ولثورة شعبنا الأبية بل ومحاولات التضليل المسيس على ما يجري منذ عدة سنوات في حياض الجنوب وتغييب حقيقته عن عين وأذن المتلقي العربي والأجنبي .
فمع احترامي الشديد المرفق به قليلا من التحفظ الممزوج بالعتاب لقناة عدن لايف ولقناة المصير الفضائيتين وما يقمن به ويبذلنه من جهد فهن لم يستطعن حتى الآن من عمل ما كان وما هو مرجو منهن في هذا السياق فغياب الوجه الاحترافي الإعلامي في أدائهن المواكب لتطور الوسائل التي اتخذت جانب الخصومة من قضيتنا وثورتنا يبدو واضحا بجلاء .
لهذا فلا بد من إشعال ثورة إعلامية قادرة على إبراز ما يقوم به شعب الجنوب من عمل ثوري ميداني يومي ووضعه أمام الآخرين كحقائق غير قابلة للتكذيب والتحريف والتزييف الذي يحدث اليوم وإيصال صوت المواطن الجنوبي الصادح في سماء الكون طلبا للحرية والكرامة إلى كافة المسامع في المحيطين العربي والدولي وكشف ممارسات صنعاء وتعريتها وتعرية منفذوها أمام العالم أجمع .
طبعا ذلك لم يتحقق إلا بوجود رجالا من بني شعبنا آمنوا بقضية وأحقية ومشروعية ثورة شعبهم ، رجالا وهبهم الله من المال ما يستطيعون بشي يسير منه إنشاء قنوات ووكالات ومؤسسات إعلامية جنوبية تدار بأيادي وعقول كوادر وكفاءات إعلامية جنوبية وما أكثرها . طبعا أقصد بما تناولت التأثير الإعلامي على المستوى الخارجي إما داخليا فدور إعلاميي الجنوب ليس في حاجة شهادتي فقد نجح نجاحا منقطع النظير في شحذ همم شعب الجنوب وتأصيل وغرس مبدأ النضال السلمي التحرري في قلب كل طفل وشاب وعجوز وامرأة في الجنوب كافة. *عدن الغد