بحسب وكالة رويترز : أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية عن ايقاف عملياته العسكرية باليمن منتصف ليل الاربعاء الموافق م 8/4/2020 إستجابة لدعوة أممية سابقة طالب خلالها الامين العام للامم المتحدة غويتروس اطراف النزاع في اليمن بضرورة وقف اطلاق النار والعمل على دعم جهود مواجهة وباء كورونا في البلد . المدة التي اعلن عنها في ايقاف اطلاق النار حددت باسبوعين قابلة للتمديد في اشارة الى امكانية البناء عليها في الدفع نحو العودة الى طاولة المفاوضات والوقف النهائي للمواجهات القتالية بين اطراف الازمة بما فيها عمليات التحالف العسكرية وهو توجه أشار اليه بوضوح نائب وزير الدفاع السعودي الامير خالد بن سلمان في تعليقه مباشرة على مبادرة التحالف وهي خطوة ذكية صنعها الامير جعلت من خلالها الجماعة الحوثية وقرارها السياسي في مواجهة المجتمع الدولي وخيار الظهور بمظهر الجماعة المسؤولة التي تبحث عن سبل السلام وتقديم المصلحة العليا للشعب قبل مصالحها الخاصة حال استجابتها بالبطبع او الظهور بصورة الاداة المرتهنة والطرف المعرقل لجهود إنهاء الازمة والصراع في حال عدم استجابتها او عبثية التزامها بوقف الاعمال القتالية بعيد الاعلان عن تلك المبادرة الانسانية .كما لا يجب ان نغفل عن الخطوة الاخرى التي اكدها الامير خالد والمتمثلة باعلان المملكة عن تخصيص مبلغ 500 مليون دولار كمساعدات انسانية فيما يخصص مبلغ 25 مليون دولار لمواجهة وباء كورونا. خطوة العرض المالي هذه من شأنها فتح شهية الحوثيين واعتبارها دفعة اولى تستحق التفكير خصوصا وان الجماعة لم تتوان في جميع اشتراطاتها عن تكرار نغمة التعويض المادي ومحو اثار الحرب التي سببتها ضربات التحالف لقواتها .. إذن نتحدث هنا عن حجة انسانية طارئة وعروض سياسية ومالية مغرية بهدف احتواء الجماعة الحوثية على اعتبار ان كافة الاطراف الاخرى المعنية بالصراع قد تم احتوائها وقولبة قرارها منذ مدة ..فهل احسنت رباعية الازمة التوقيت واستغلال الظرف جيدا هذه المرة؟ جيد ..وفي ظل التطورات والمعطيات التي حدثت خلال الاسابيع القليلة الماضية من عمر هذه الازمة أضافة الى احداث سبقت اشرنا الى دوافعها في اكثر من حديث .فإنه بات بالامكان القول ان طبخة الحل اضحت شبه ناضجة ولم يتبق سوى تأطيرها دوليا واعطاها الصبغة الاممية المعتادة في مثل هكذا نهايات وهذا يظل طرحا افتراضيا قويا يمتلك مؤشرات عدة تدعم امكانية قرب تطبيقه عمليا ولعل الكثير قد شاهد حالة الترحيب الدولي الواسعة التي حظيت بها تلك الخطوة مما يدفع بك بالاعتقاد وكأنك امام حالة من التنسيق المسبق لمستو عال من مشهد ترتيبات صناعة الفعل ورد الفعل .. عموما كانت لعبة قذرة بكل المقاييس اشتركت اطراف عدة في صنع مشاهدها طيلة سنوات ماضية ولربما لشهور متبقية وصولا لمشهدها الباهت وان تطلب تسخين صفيحة اظهاره بهذا الشكل الكثير من الارواح والعبث والمعارك المطاطية وحتى والتوظيف السياسي الرخيص لجائحة كورونا كما جاء في خطاب الامين العام للامم المتحدة اثناء دعوته الى ايقاف الحرب باليمن وحديثه عن امكانية استغلال هذا الظرف في دعم الاساسات لتسوية شاملة في حين عجزت دعوات سابقة أكدت جميعها فضاعة الازمة الانسانية باليمن وحجم الكارثة التي خلفت اكثر من مائة قتيل فضلا عن انهيار كامل للبنى التحتية بالبلد في إقناع اطراف الصراع بضرورة ايقافها او حتى الاستجابة الشكلية لنداءاتها المتكررة لتأتي اليوم وعلى غير العادة الاستجابة السريعة والتفاعل العاجل من الجميع مع دعوة توقف القتال وتوحيد الجهود لموجهة نازلة كورونا ..! ماهذه الانسانية وطفرة الشعور بالمسؤولية التي طرأت فجاة هكذا على أطراف الصراع؟ شخصيا توقعت مثل هكذا مسار منذ مدة للاسباب التي ذكرنا ..لكن يبقى السؤال : حقبة الكانتونات الجديدة التي يبدو انهم اتفقوا عليها كحل مقبول للخروج من مستنقع الاستنزاف الذي وضعوا فيه جميعا منذ البداية..هل ستكون بمثابة الحل الناجع والنهائي لمشكلات البلد وتناقضاته السياسية ام انها ليست سوى الاعلان فقط بدء مرحلة جديدة تدخلها الازمة بعنوان جديد؟ برأيي الشخصي ارى ان السيناريو الثاني هو الاقرب اي سيناريو المرحلة الجديدة وان بدا فعليا توالي البوادر لفرضية الكانتونات المؤطرة لكن هذا لا يمنع بان تكون تلك الفرضية مجرد الوعاء الطبيعي لواقع رخو لا يملك امكانية الاستمرار طويلا قبل الاكتشاف لاحقا انه لم يكون سوى منعطف اخر ينتظر الازمة اليمنية .. فالأزمة التي قلنا سابقا انها انزلقت في منحدر التدويل وتحولت فعليا الى ساحة لتصفية حسابات جيرانها وحتى قوى اخرى من خارج سياج الجيرة لا يمكن الجزم اليوم بأنها بلغت نقطة النهاية وتوقف اطرافها عن القتال كليا إذ من الصعب جدا حدوث ذلك الامر طالما وان خلافات الجوار والاقليم لازالت قائمة ولم تشهد تقدما ملحوظا في احتواءها حتى نتنبئ بامكانية احتواء ادواته وخلافاتها في الداخل اليمني .. وبالمقابل فإنه لايمكن اغلاق باب التكهنات بقرب التوصل الى رؤية مشتركة او قل صيغة أولية يتداولها المتصارعون تحت مسمى ( بث تجريبي ) ! وهنا هل يمكن القول ان مبادرة كتلك التي اعلان عنها التحالف العربي الاربعاء الماضي والاستجابة الخجولة لجماعة الحوثيين تجاهها ستكون بمثابة البدايات الاولى لنهاية الحرب اليمنية ؟ . للاشارة فقط ! ثمة فرق بين نهاية الحرب ونهاية الازمة ! الاولى ترتبط بمستقبل الصراع العسكري وحسب اما الثانية فهي اشمل وترتبط بتباينات وابعاد سياسية واقتصادية واستراتيجية فيما يظل العمل العسكري أحد اوجهها فقط .. كلمة أخيرة ! الازمة التي شهدت اعوامها السابقة عددا من الاتفاقات الهشة والمعومة وبات واقع استمرارها أمرا مكلفا وكابوسا مزعجا يقض مضجع الجميع. هل ستجد اليوم افضل من هكذا حجة وفرصة حقيقية لتمرير المشروع والرؤية التي تم التوافق عليها في الغرف المغلقة؟ وفي الحقيقة لم يتبق في سبيل تحقيق هذا الهدف سوى اشغال الشارع بالاعلان عن اكتشاف بضع اصابات بفيروس كورونا وتكتمل حينها شماعة الدواعي الانسانية ونبتلع القصة بلا مقبلات حتى.