قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    مأساة في ذمار .. انهيار منزل على رؤوس ساكنيه بسبب الأمطار ووفاة أم وطفليها    أول جهة تتبنى إسقاط طائرة أمريكية في سماء مارب    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نداء التجار الشماليين في حضرموت باطل يراد به حق
نشر في عدن الغد يوم 14 - 04 - 2013

ورد في العدد (2962) من صحيفة أخبار اليوم الصادرة بتاريخ 10ابريل 2013 م موضوع بعنوان " التجار من أبناء المحافظات الشمالية يستغيثون ويناشدون انقاذهم " وتقول أخبار اليوم " رفع عدد من التجار ، من أبناء المحافظات الشمالية بمحافظة حضرموت ، المتضررين جراء الاحداث والاعتداءات المتكررة من قبل المسلحين ، رفعوا نداء استغاثة لرئيس الجمهورية، ورئيس حكومة الوفاق ، ووزير الداخلية ، ووزارة حقوق الانسان ، ورئيس وأعضاء مؤتمر الحوار الوطني . وقالوا إنهم يتعرضون في بلدهم لأبشع أنواع القهر والتنكيل ونهب ممتلكاتهم من قبل عصابة ما يسمى بالحراك في محافظة حضرموت مؤكدين نهب ممتلكاتهم واحراق محلاتهم التجارية بالكامل وإنهم أصبحوا فقراء" بعد أن كانوا يمتلكوا الملايين " وأن المجلس المحلي وإدارة أمن المحافظة لم تفعل لهم شيئا ! .

تعاطفت كثيرا مع هذا النداء وتصورت إن جميع إخواننا التجار من المحافظات الشمالية في حضرموت على " كف عفريت " كما يقال . فذهبت أتفقد الوضع فوجدت المئات من التجار الوافدين من المحافظات الشمالية يمارسون نشاطهم التجاري بشكل طبيعي في جميع الأسواق والمجالات التجارية ، دون تعرضهم لأي من الممارسات الواردة في هذا النداء . كما وجدت إن سوق العمل يكتظ بالآلاف من العمالة الماهرة والغير ماهرة ، يكسبون رزقهم من عملهم بجد واقتدار ،يبادلون السكان المحليين الوفاء بالوفاء والاحترام بالاحترام ، يقدرون أعرافهم وتقاليدهم ، ويحترمون مناسباتهم ، ويحافظون على سكينة حياتهم .

سألت عن مصدر نداء الاستغاثة هذا ! فجاءني الجواب بأنه :قد يكون من بعض إخواننا باعة الارصفة والعربيات المتحركة والمفارش والخيم الزرقاء والأكشاك المستحدثة الغير رسمية والذي زادت ، في الفترة الأخيرة ، مضايقاتهم لحركة المرور والمشاة والمواطنين والتجار الرسميين الذين لم يعودوا يحتملوا ممارسة وشعارات المتطرفين منهم فتكررت الاحتكاكات في ما بينهم لذا قررت السلطات المحلية إعادة تموضعهم في أماكن أخرى تضمن ممارستهم لعملهم بشكل آمن ونظيف مع ضمان حقوق الآخرين .

إن المضايقات من بعض صغار الباعة – وليس من الكل - ليس من اليوم ، بل هو منذ وقت مبكر ، إلا إن جميع محاولات الاحتجاج ومقترحات التنظيم كانت تخبو وتبوء بالفشل بسبب الاستعلاء والاستقواء العسكري الذي كان يتمتع به مثل هذه الفئة من الباعة ودعمهم من قبل الجهات الأمنية السابقة لتغليبهم على السكان المحليين . لقد كان هذا الاستعلاء والاستقواء يستفز مشاعرالعديد من المواطنين المحليين الشباب ، ولذا كانت تحصل بين فترة وأخرى مشادات كلامية تنتهي بأن يخرج البائع الشمالي سلاحه الآلي من تحت المفرش واطلاق النارلاستعراض القوة المسلحة وكثيرا ما كانت تحصل إصابات يتم على إثرها استدعاء الامن الذي يقوم على التو باحتجاز الشباب لمحاولة ردعهم .

في مناشدة الاستغاثة ، موضوع هذا المقال ،يبدو ان كاتبها - باسم صغار الباعة – لا زال يتخاطب باللهجة السابقة ، لهجة الاستعلاء والاستقواء والمغالطة ، وأجزم بأن هذا الكاتب له مآرب أخرى من كتابة هذا المقال غير صغار الباعه المستهدفين . فلننظر لما يقول: يقول إنهم "يتعرضون في بلدهم لأبشع أنواع القهر والتنكيل ونهب ممتلكاتهم من قبل عصابة ما يسمى بالحراك في محافظة حضرموت " .... يقول : إن حضرموت بلدهم. لا ، لا ، لا ! ، إنها ليست بلدهم . بل إنها بلد الجميع ، وبلد من يعيش عليها ويحترمها ويحافظ على سكينة أهلها ، ويتكيف مع عاداتهم وأعرافهم وتقاليدهم وطباعهم - وهكذا هي حضرموت دائما وابدا - . يقول :عصابة ما يسمى بالحراك في محافظة حضرموت ، أنظروا !! ، أنه للأسف لا يعترف بالحراك حتى الآن ، يقول ما يسمى بالحراك ويطلق عليه عصابة مسلحة . الا يدل ذلك على اصراره على الاستعلاء والغرور ! إن هذا المغرور يصف الحراك بأنه عصابة مسلحة ، كأنه في موقع الأسد السوري المغرور أيضا والذي يصف الثوار بأنهم عصابه مسلحة . لقد تم اختتام هذا النداء الذي يشبه البيانات الحربية بالتهديد والوعيد قائلا بأن " هذا النداء هو صرخة مدوية لالتماس الانصاف وبأقصى سرعة ممكنة حتى لا تذهب الأمور الى المجهول أو يحصل ما لا يحمد عقباه " . ألا يدل ذلك على الغرور والشعور بالاستقواء ؟ . إلا إن الشئ الذي يشكر عليه كاتب البيان هو عدم تعميمه للبيان وتخصيصه بأنه " صادر عن التجار الشماليين في محافظة حضرموت المتضررين " . وهذا يعني إن هذا البيان يخص فقط التجار المتضررين ليس إلا !! . وهم بلا شك قليلون جدا ، وأجزم بأن مثل هؤلاء قد فرضوا أنفسهم على التجارة فرضا دون الالمام بآداب وأخلاق ومفاهيم واصول التجارة ، أما الغالبية العظمى من التجار الحقيقيين وبقية القوى العاملة الشمالية في حضرموت فلا يعنيهم هذا البيان قط ، لا من بعيد ولا من قريب ، ولهؤلاء أقول مرحبا بكم في حضرموت ، إننا إخوة ، تطبعوا بطباع وبنمط حياة أهلها ،اثبتوا حبكم لأرضها وسمائها وبيئتها فتكسبوا ود مواطنيها ،وحضرموت هي دائماحضن دافئ لمن يخلص في حبه لها.

قد تكون قد حدثت بالفعل بعض الأعمال العدوانية المشار لها ضدقلة من الباعة من المحافظات الشمالية وذلك بسبب احتكاكهم المباشر واستفزازهم لمشاعر بعض الشباب المتقدين حماسا ، الغيورين على أهلهم والمعتزين بتاريخهم وبنمط حياتهم ، لكن ليس بنفس المبالغةالواردة في الخبر ، وقد يكون بعضها مفتعل . إلا إنه في نفس الوقت هناك الآلاف من الباعة الصغار الذين قدموا الى حضرموت من أجل الكسب الحلال بطريقة محترمة لم يمس أحد منهم بأذى ، ولم يفكر أحد قط الحاق الضرر بهم لأنهم أناس يتعاملون بصدق وبروح الاخاء والاحترام المتبادل ، هذا علاوة على وجود المئات إن لم يكن الآلاف من التجار الحقيقيين الرسميين على جميع الاصعدة يمارسون عملهم بشكل طبيعي ويكسبون احترام الناس لأهليتهم للتجارة والتزامهم بالشروط والاعراف التجارية المتعارف عليها والتنافس الشريف .

لقد أجبرت أجواء عسكرة الحياة المدنية المفروضة على حضرموت خاصة ، والجنوب عامة ، أن يترعرع الشباب في الوقت الراهن على مفاهيم العنف والعنف المضاد والفعل ورد الفعل واصبحوا يتباهون بحيازتهم الاسلحةالنارية ويتزينون بحملها وجل حديثهم عن أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة ، البنادق الآلية ، المسدسات ، كواتم الصوت ، القنابل ، الألغام ، أنواع الذخيرة ، مداها ، فعاليتها ، الخطط الأمنية ونصب الكمائن ، الهجوم ، الدفاع ، الانسحاب ....الخ ، وبذا تشربوا مفاهيم الحياة العسكرية وأصبحوا يواجهون التهديد بالتهديد والتحدي بالتحدي والفعل برد الفعل ، في حين ترعرع شباب الجيل السابق في حضرموت على التباهى بعدد الكتب التي يقتنيها كل منهم والتي قرأها أيا منهم ،وبسرد تفاصيل السيرة النبوية، الغزوات ، الفتوحات الاسلامية ، الخلافات الراشدة ، ويستعرضون في جلساتهم الحصيلة الثقافية التي جنوها من القراءة ، يعددون الشخصيات الاسلامية ، الفلاسفة ،المفكرين ، المبدعين ، المخترعين .... ، يتبادلون قراءة الكتب الاسلامية والروايات العالمية والكتب الفلسفية والثقافية الأخرى ....وا أسفاه على التغيير الجذري الذي حصل في التفكير والاهتمامات ومفردات التربية التي فرضتها الأجواء العسكرية على مجتمعنا المدني المتحضر ، فكم من السنين نحتاج الى استعادة عافيتنا المدنية؟ .

الاقتراب أكثر من موقع الحدث أوضح إن أصحاب هذا النداءالأساسيين هم باعة المنطقة التي يطلق عليها الكبس في مدينة المكلا وبائعي القات في مدينة غيل با وزير- مركز الاشعاع العلمي المبكر في حضرموت. ومنطقة الكبس هي أحد واجهات المكلا الحضارية ، وهي شريط طولي جميل مرصوف بالحجارة بعناية فائقة. يقع على الجانب الجبلي منه المحلات التجارية والفنادق الكبيرة بأضوائها الليلية الهادئة،وفي جانبه الآخر بحر المكلا المتلاطم الأمواج المعزول عن اليابسة بحاجز حجري ضخم ، يقع فوقه كورنيش طويل للتنزه ، يتمتع المتنزه عليه من موقع مرتفع بمنظر البحروأمواجه المتلاطمة وبواخره الراسية في الأعماق الهادئة وقوارب الصيد المتأرجحة على انكسارات الأمواج المتلاشية .بين المحلات التجارية وحاجز الكورنيش المرتفع رصيف وثلاثة شوارع للسيارات يفصلها عن بعضها جزيرتان طوليتان مشجرتان وبإضاءة ليلية باهرة.على طول الطريق من الجهةالبحرية تقع ساحات ومواقف منظمة تنظيما جيدا ومريحا للسيارات . تشكل مكونات منطقة الكبس هذه لوحة فنية رائعة تمتد بطول حوالي واحد ونصف كيلو متر تبدأ من نهاية جسر خور المكلا الشهير الملاصق للقصر السلطاني الذي أصبح متحفا وطنيا يجاور مكتبة وحديقة الطفل في طرف حي السلام .أما الطرف الآخر من شارع الكبس فيمر تحت سفينة السلامة ، وسفينة السلامة هي مطاعم راقية جميلة على شكل سفينة تطل على البحر الممتد الى الافق والمنتهي بالقوارب المتأرجحة . أما نهاية شارع الكبس فتتلاقي مع سكة يعقوب التاريخية .تتوسط منطقة الكبس الجميلة مساحات وسطية مزروعة بعشب متجانس النمو ينتصب على جزء منها النصب التذكاري وعلى جزء آخر نموذج قارب للاصطياد كرمز للبحر والبحارة .

في المنطقة الوسطية الجميلةهذه وعلى جزء من مواقف السيارات وبعضا من أرصفتها افترش بعض الباعة القادمينمن المحافظات الشمالية ، منذ وقت مبكر ،الارض ليبيعوا عليها . ارتفعت منذ أيام إلى المحافظ الخولاني– طيب الله ذكره - أصوات المواطنين المحليين محتجين على تشويه منظر مدينتهم ، فكان رد الفعل المستقوي بالوضع الأمني آنذاك ، هو زيادة عدد المفترشين . شكا المواطنون للسلطة الوضع الغير حضاري المضايق للناس ، فقام كل مفترش بدق أوتاد على حدود فرشته للدلالةعلى فرض الأمر الواقع بالقوة . زادت احتجاجات وشكاوي المواطنين فتطورات المفارش الى خيام زرقاء بجوار بعضها البعض على شكل صفين طويلين بينهما ممشى لحركة المتسوقين . بالرغم من عدم وجود إحساس لدى هؤلاء الباعة الشماليون بارتكابهم شئ مخالف، واصرارهم إن عملهم هذا هو عمل مشروع للحصول على لقمة عيشهم ، إلا إن أيا من الباعة المحليين لم يفعل فعلتهم في حين كان في وسعهم الاقتداء بهم ، إنها التربية . هكذا أصبح هذا الجزء من منطقة الكبس الجميل حي سكني تجاري ، كما يقال ، من الخيام الزرقاء. تحتها يتم البيع والشراء ، وأمامها يتناول الباعة طعامهم ، وبداخلها ينامون ليلا . شوهت هذه الخيام الزرقاء المنظر الجمالي لهذا الموقع ، وتسببت في تراكم المخلفات والنفايات وبقايا الطعام وفي مضايقة المارة واصحاب السيارات وفي اقلاق سكينة أهلها المسالمين ، وأخير أصبحت مصدر احتكاك مباشر بين أصحابها وبين الشباب.

وفي الوقت الذي نصب فيه بعض الباعة الشماليين الخيام الزرقاء على الأرصفة للبيع والشراء ، هناك أيضا المئات من إخواننا التجارالوافدين من المحافظات الشمالية مناستأجر محلات تجارية في منطقة الكبس نفسها ، جنبا الى جنب مع التجار المحليين ، وصغارهماحتلوا مواقع جانبية وركنية متميزة . هؤلاء هم التجار الحقيقيين المستمرين في ممارسةأعمالهم التجارية بمهنية عالية ويبادلوا المواطنين الاحترام ، لهم ما للتجار الآخرين من حقوق وعليهم ما عليهم من واجبات .

ولمن لا يعرف المكلا فان هذه المنطقة سميت بالكبس ، لانها كانت شاطئا لبحر هائج تم كبسه منذ ما قبل الوحدة لمنع ارتطام أمواج البحر الهائج بالمنازل والمحلات المحاذية للشاطئ . يبلغ عرض الكبس الى داخل البحر حوالي 150 متر ، وتم كبسه قبل الوحدة بفضل تظافر الجهود الرسمية والشعبية والقطاع الخاص لإبعاد أمواج البحر عن المباني السكنية والتجارية . وعلى الكبس تم انشاء طرق ومواقف السيارات وساحات للهو واللعب ، إلا إن منطقة الكبس هذه شهدت بعد مرحلة إنشائها قبل الوحدة مراحل مختلفةمن التطوير حتى وصلت الى وضعها الحالي .

أجمعت جميع الأطر الرسمية والشعبية في المكلا على أهمية إخلاء المنطقة من الباعة الذين أصبحوا مصدر قلق للجميع وتوزيعهم على مواقع أخرى . عندما بدأالتواصل الرسمي مع هؤلاء الباعة لإشعارهم بالقرار وبمواقعهم الجديدة ، رفع بعضهم السلاح على رجال الأمن وأطلق بعضهم النار على المواطنين مما تسبب فى حدوث وفيات وإصابات عديدة . احتج بعضهم بأن لديهم موافقة من المحافظ السابق الخولاني بافتراش هذا المكان ، وآخرون ادعوا بأن المحافظ السابق هلال هو الذي أجاز لهم هذا المكان . لكن هذه المرة لا يوجد من يستقوون به ، لقد أنتهى وقت الاستقواء والغرور ، لذا ما كان عليهم إلا الانصياع لتفكيك خيامهم وحمل أمتعتهم الى مواقعهم المخططة الجديدة . أما ما حصل في غيل باوزير فكان بسبب عدم الاستجابة المتكررة الى طلب المواطنين بعدم إدخال القات الى منطقتهم ولعدم الاستجابة الى هذا المطلب الشعبي المتكرراستغل المواطنون موجة من العنف ضدهم وقاموا بإحراق المفارش التي يتم بيع القات فيها . ولانتهاء زمن الاستقواء الأمني ، غادر الباعة غيل باوزير الى المدن الأخرى في حضرموت . أما نداء الاستغاثة لرئيس الجمهورية ، ورئيس حكومة الوفاق ، ووزير الداخلية ، ووزيرة حقوق الانسان ، ورئيس وأعضاء مؤتمر الحوار الوطني ، ما هو إلا لذر الرماد على العيون .

قد تعاني مدن ومناطق أخرى من المحافظات الجنوبية من نفس التشويه المصطنع بسبب حمى تجارة الارصفة والمفارش والعربيات المتحركة بعد الوحدة دون تمييز أو مراعات لما قد تتسبب فيه من تشويه للمخططات الحضرية واللامبالاة عند مضايقة المشاة وحركة السيارات ومواقفها ومضايقة اصحاب المحلات التجارية الرسمية و تشويه الأسواق وتراكم المخلفات . لقد عمت الفوضى والعشوائية قطاع البيع والشراء ، فلأول مرة تجد في أكبر الأسواق البضائع تمتد أمام المحل التجاري وسط الشارع لمسافة أكثر من ضعفي طول المحل المستأجر ، ولأول مرة تجد تنوع كبير من السلع تباع في السوق واحد ، فتجد الخضار والصيد والقات يباع على مفارش في سوق الملبوسات والعطور والذهب . هالني لأول مرة منظربائعي صيد طازج يفترشون أرصفة في سوق الزعفران في عدن أمام محلات بيع الذهب والعطور وبقايا الصيد تلطخ الرصيف ، وآخرون يبيعون القات أمام المساجد والمطاعم ومرافق العمل وفي الحارات والأزقة بعيدا عن اسواق القات المتعارف عليها .

إن وظيفة الأرصفة والطرقات والشوارع والمواقف هي للاستخدام العام وحق لجميع الناس ، وليس من حق أحد مصادرة هذا الحق بالاستيلاء عليه للتجارة . فللتجارة محلات تجارية وظيفها البيع والشراء من داخلها ، والمستأجر يستأجر عادة المحل وليس الرصيف أو الساحة التي أمامه والتي هي ملكا لكل الناس . هذا ما عهدناه من تنظيم للأسواق وحركة البيع والشراء في المحافظات الجنوبية قبل الوحدة ، كما كان هناك تخصيص للأسواق ، سوق خضار ، سوق صيد ، سوق ملبوسات ، سوق قات ، سوق ذهب ، سوق .... ، سوق .... ولا يمكن الحصول على أي سلعة إلا في سوقها ، إلا إن الفوضى التجارية اجتاحت هذا التنظيم التسويقي فاختلط الحابل بالنابل .

لقد قاوم المواطنين المحليين في جميع المحافظات الجنوبية هذه الممارسات الفوضوية الدخيلة وحاولوا الاعتراض عليها ومنعها ، وحصلت في كثير من المناطق مشادات ومواجهات مباشرة إلا إنهم لم يفلحوا بسبب استقواء هؤلاء الفوضويين بالآلية العسكرية الممسكة بالبلاد آنذاك .

قال أحد التجار الجنوبيين يجب أن تكون هذه القضية ضمن المفردات الاساسية للقضية الجنوبية ، حيث تم تدمير النواحي الايجابية في تنظيم الاسواق وتم الاعتداء على آداب التسويق والبيع والشراء التي كانت موجودة في المحافظات الجنوبية واستبدالها بالممارسات والعادات والأساليب السيئة الموجودة في المحافظات الشمالية قبل الوحدة . كما تم بواسطة الاستقواء والغرور فرض واقع لا زال الجنوبيين يرفضونه رفضا تاما . أفرز هذا الواقع المفروض مخرجات تمثلت في انتشار عشوائية الاستحداثات وفوضى البيع والشراء والتنافس الغير الشريف وسد الطرقات والمنافذ وازدحام الاسواق وتكسير الارصفة والطرقات وصعوبة تنظيفها وصيانتها وانتشار الأمراض ومضايقة الأهالي وتعطيل حركة المرور .... الخ . ونتج عن تلك المخرجات السيئة زعزعة السلم والتعايش الاجتماعي بين الناس وايجاد بؤر صراع كامنة قابلة للانفجار في أي لحظة . ولذا يجب أن نعمل جادين ، إذا أردنا نبني سلما اجتماعيا دائما ، على نزع فتيل الصراع الكامن قبل أن ينفجر، واعادة الثقة بين المواطنين ، وبذا سيتم إتاحة الفرصة لتأسيس حياة مدنية اقتصادية/اجتماعية جديدة كفؤة ، منظمة ومقننة تسود فيها المواطنة المتساوية والتنافس الشريف وروح المحبة والاخاء بين أعضاء الاسرة اليمنية الواحدة دون تمييز .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.