يعد زحف الكثبان الرملية من أكبر التهديدات التي يتعرض لها التنوع الوراثي والطبيعي في اليمن. وقد أثر على النباتات الغابوية (الغابات) بشكل كبير جداً. ونتيجة ذلك تحولت العديد من مناطق الوديان الخصبة في اليمن وتحديداً في سهل تهامة، وحضرموت، وشبوة، ولحج، وأبين. إلى أراضي فقيرة وصحراوية، وجافة وصخرية. وتشير الإدارة العامة للغابات والتصحر في وزارة الزراعة اليمنية، إلى أن حجم الأراضي المتصحرة في اليمن بلغت نسبة 90 % حتى العام 2014. وهي مقسمة بين أراض رملية صحراوية، وساحلية وقارية وجبال وأراض سكنية وطرق. ولكي ينجح اليمن في الحد من تهديد اتساع رقعة التصحر وتدهور الأراضي في البلاد. ينبغي على الحكومة والجهات المختصة البدء في تنفيذ عدد من الخطوات العاجلة التي خلصنا لها في منصة حلم أخضر (صوت البيئة في اليمن) والتي نعتقد أن بمقدورها صنع فارق للحد من هذه الظاهرة. إن هذه الخطوات العملية هي ما يحتاجه اليمن الآن في ظل اتساع الكارثة التي يفاقمها تغير المناخ. إذ تزداد المخاطر المترتبة عنها على الموارد الطبيعية والغذاء، وعلى سبل كسب العيش لدى السكان، وعلى السلام والاستقرار على حد سواء. تتمثل خطوات مكافحة التصحر في اليمن، كالتالي:
1- اطلاق حملة وطنية للتشجير وغرس 3 ملايين شجرة:
تبدو الحاجة مُلحة اليوم نحو البدء بالتشجير في اليمن. مرت حتى اليوم قرابة 40 سنة على انطلاق آخر حملة وطنية لغرس الاشجار في اليمن والتي كانت في منتصف السبيعنات، وزرعت اليمن حينها 6 ملايين شجرة في 3 سنوات. اليوم ونظراً للظرف الحرج الذي تمر به اليمن، يمكن للسلطات توحيد الجهود من أجل زراعة وغرس 3 ملايين شجرة في السنة الواحدة، وإطلاق حملات التشجير الوطنية لمدة 3 سنوات متتالية. تبدأ من منتصف العام 2020 حتى منتصف العام 2022. لتكون الحصيلة 9 مليون شجرة يتم غرسها حتى العام 2022.
2- إيقاف الحفر العشوائي لآبار المياه الجوفية وتفعيل القوانين: في العام 2007، قدرت هيئة الموارد المائية عدد آبار المياه الجوفية في اليمن بنحو 93 ألف بئر. وفي العام 2019 أصبح عدد آبار المياه المحفورة حوالي 110 ألف بئر. تكمن الكارثة، في أن عدد حفارات المياه التي أدخلت الى اليمن بحوالي 900 حفار، وقد تم إدخال غالبيتها للبلد بصورة مخالفة للقانون، ومعظمها تتبع نافذين ومقاولين. مما استنزف مخزون المياه الجوفية بشكل خطير. في ظل عدم وجود رقابة رسمية من قبل السلطات.
إن قانون المياه لسنة 2002 ينص على أن “الآبار لا يمكن حفرها إلا بموافقة الحكومة”. وفي دول العالم، تظل حفارات المياه مملوكة للدولة، كي لا يتم العبث بالمياه باعتبارها ثروة وطنية. إن الأمن المائي أصبح في صميم الأمن القومي لكل بلدان العالم، كونه يضعها عرضة للتهديد والمخاطر. لذلك يجب الوقف الفوري لحفر الابار. وتفعيل القوانين النافذة لمنع ذلك.
3– حماية الغابات والمحميات الطبيعية: ينبغي على وزارتي المياه والبيئة، ووزارة الزراعة الري، التنسيق في خطة عمل لمواجهة عملية الهدر والتدمير الذي تتعرض له الغابات والتي تتطلب من تلك الجهات رفع وتيرة الحماية للغابات والمحميات الطبيعية وبقية مناطق الأحراج في اليمن. إن مساحة مناطق الغابات في اليمن تتقلص يشكل مستمر، وهي وفق تقدير التقرير الوطني للغابات للعام 2012، لا تتعدى نسبة 10% من مساحة اليمن الاجمالية. إن حماية المصادر الوراثية في مواقعها الطبيعية، هي الطريقة المثلى في الحفاظ على ما تبقى من التنوع البيئي النباتي والحيواني في اليمن.
4– وقف الاحتطاب ومنع قطع الأشجار: ينبغي وقف عمليات الاحتطاب واقتلاع الاشجار وخصوصاُ في سهل تهامة بدرجة رئيسية كونها مصدر الحطب للمحافظات الوسطى والشمالية، وكذلك وقف الاحتطاب في بقية المناطق الحرجية الأكثر ضعفاً في البلاد. ولتحقيق ذلك ينبغي على الحكومة العمل على توفير مادة الغاز المنزلي للمخابز والافران، والمطاعم في عواصمالمحافظات الخمس الكبرى الاكثر استهلاكاً للحطب كوقود بديل لانعدام الغاز المنزلي. وهي: العاصمة صنعاء، الحديدة، عدن، تعز، حضرموت. 5- تقليل الاعتماد على استخدام المبيدات، والعمل على تطوير تقنيات الزراعة الجافة:
ينبغي على وزارة الزراعة، الاستفادة من توصيات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، حول إتباع النهج المتكامل لإدارة الآفات باستخدام مبيدات الآفات منخفضة المخاطر كملجأ أخير. ومن بين مجموعة المبيدات منخفضة المخاطر، تعتبر المبيدات الحيوية هي الخيار الأفضل، بحسب منظمة الفاو. كما يتطلب الامر وضع خط عمل حول تطوير تقنيات الزراعة الجافة. ومن المؤشرات الجيدة لتحقيق ذلك، هو أن اليمن تملك أكثر من 500 باحث زراعي يعملون لدى مؤسسات البحوث والإرشاد الزراعي ولدى الجهات الحكومية. ويمكن لهذا الكادر المتخصص ان يقوم بالكثير في هذا المضمار.
6- صيانة المدرجات الزراعية في الريف اليمني: وفق الموسوعة العربية للزراعة في سوريا، فان المدرجات الزراعية وجدت في اليمن منذ فترة ما قبل الميلاد. ومنذ 3 عقود فائتة، كانت المدرجات الزراعية اليمنية مصدر دخل غالبية سكان البلاد. إذ تمدهم، بخيراتها من مختلف أنواع الحبوب، والبن اليمن. وخلال العقد الأخير تدهورت المدرجات الزراعية في كثير من المناطق المحلية نظراً لتدهور الظرف المعيشي لسكان الريف، وتغير المناخ وقلة الامطار وهجرة شباب الريف للمدن. أصبحت اليوم الحاجة ماسة لصيانة هذه المدرجات، كونها تعمل على حماية التربة من الانجراف، والتدهور، والتملح وتردي الخصوبة. ولعل إعادة تأهيل المدرجات الزراعية تتطلب العمل بالتنسيق مع برامج التدخلات للمنظمات الدولية والاغاثية، من أجل تحسين الري التكميلي وكذلك تحسين الغطاء النباتي. وهناك برامج لتجارب ناجحة يقوم بها الصندوق الدنماركي لللاجئين في صيانة المدرجات في حجة وصعدة. وكذلك برامج الصندوق الاجتماعي للتنمية. وهذا مدخل للاستفادة من خبرات الصندوقين في هذا المجال.
7– تطوير مصادر المياه وإدارة مياه الأمطار الموسمية:
تتطلب الحاجة القصوى اليوم، الى تأهيل السدود في مناطق اليمن الزراعية، وبناء الخزانات والحواجز. وإدارة مياه الأمطار الموسمية، والتركيز على الإدارة المائية بكفاءة ومسؤولية وطنية. إذ يعتبر اليمن من المناطق الجافة وشبه الجافة ذات الموارد الطبيعية المحدودة. ويعاني اليمن من جفاف مناخه وتضاريسه الجبلية والسهلية والصحراوية المتنوعة والوعرة والتي تعاني من محدودية المياه فيها وكل ذلك يؤدي إلى نشؤ بيئة قاسية ومتقلبة. في وقت يشكل القطاع الزراعي مورداً هاماً في بنية الاقتصاد الوطني. 8– زيادة مساحة المراعي، وتنظيمها في المناطق المستهدفة:
تبلغ مساحة زراعة الاعلاف في اليمن حوالي 12% حتى العام 2018. كانت مساحة المراعي الطبيعية في الجمهورية اليمنية تبلغ نحو 16 مليون هكتار موزعة على مناطق بيئية شديدة التباين. لكنها اليوم تقلصت لأقل من ذلك. وتمثل هذه المساحات المصدر الرئيسي لغذاء الثروة الحيوانية وتختلف طبيعة النباتات الرعوية المنتشرة وفقاً لطبيعة المناطق (منطقة تهامة – المرتفعات الوسطي مناطق السهول الوسطي والشرقية). حيث أن المناطق المشار إليها تتلقى معدلات مختلفة من الأمطار السنوية تتراوح بين 100-400 ملم لذلك فإن إنتاجية المراعي الطبيعية متباينة. ويتطلب الامر خطة عمل وطنية لدراسة توسيع مساحة المراعي. وزراعة الاعلاف.