بعد أن عشعش اليأس في قلوب الناس ، و أصبح زادنا الأحباط وماؤنا الرضوخ ، وأذكار نومنا كلمات العجز و أذكار إستيقاظنا كلمات الخمول و الكسل . ولكن فجأتآ ، يأتي لنا زائرآ الذي يخمد نار هذه الكلمات اليأسة في قاموس قلوبنا ، و يشعل لهيب اليقظة والصحوة، ويفجر بركان الثورة الشريفة الحقيقية ، هذا الزائر الذي يلقب بالجوع الذي جعلنا ننتفض بطريقة غير إرادية ، حيث يشارك كل عضو بل كل خلية في أجسادنا في هذه الأنتفاضة ، فعلى سبيل المثال ، البطن و من شدة جوعها تعاني من الألأم التي تصبح حادة كالسكاكين تمزق جدارها و تجعلها ، و من شدة الجوع ، تصرخ كأصوات طبول المدافع ، علمآ بأنك ستصبر على طبول جوعك و لكن عندما تسمع هذة الأصوات تقرع من بطون أبناءك أو رعيتك ، إذا كنت مسؤول ، فهذا الأسواء و هذا ما تعجز عن أهماله و الصبر عليه .... فأكثر الثورات نجاحآ في العالم وعلى مدى العصور كلها ، هي ثورات الجياع ، التي يتفق فيها جميع الفصائل في جميع أنحاء الوطن الواحد ، بل توحدهم وتنسيهم الأمهم و معاناتهم و مشاكلهم فيما بينهم ، حتى و إن كانت هذه الفصائل متناحرة ، و نشبت بينها حروب ، و أنهمرت بينهم الدماء لعقود أو حتى لقرون ، علمآ إن هذه الثورة أكثر الثورات فتكآ و نجاحآ في تحقيق جميع أهدافها ، لأن هذه الثورة ليس في بنودها ومعطياتها أهداف سياسية أو شخصية أو خاصة و لا تخص جزء من المجتمع و الجزء الآخر لا تخصة ، بل أنها تخص جميع افراد المجتمع من مختلف الأعمار .. وما يثبت نجاح هذه الثورات ( الجياع) على مدى العصور ،هو ماحدث في فرنسا في مدينة باريس في عهد اللويس السادس عشر ملك فرنسا الذي سأل حاشيته ، ما الذي أخرج الشعب وماذا يريدون ؟ ، فترد عليه حاشيته ، بأن الشعب لا يجد ما يسد جوعه من الخبز ، وأن الجوع هو الذي أخرجهم، لتقول زوجت الملك ، ماري أنطوانيت ، عبارتها المشهورة ( فليأكلوا بسكويت ماداموا لا يجدون خبزآ ) ومن هنا بداءت الأنتفاضة الفرنسية التي قلبت فرنسا راسآ على عقب ، وتحققت اهدافها ، واصبحت هذة الانتفاضة الأكثر شهرة ، حيث تم تداولها إلى يومنا هذا عن طريق الكتب و الأفلام وايضآ حتى عبر أفلام الكرتون لما تحتويه من مبادئ سامية و نبيلة و إنسانية ... أنه الجوع ، إنها ثورة الجياع ، فلن يحطمنا سهام تجاهلكم ، و لن تحبطنا رماح تقاعسكم ، و لن يثنينا أو يغير طريقنا قراراتكم المحلية أو الأقليمية أو الدولية التي تنظر لنا بعين المصلحة ، و لا يهمها سوى أن تنجح سياستها حتى و إن كانت على حساب مجاعتنا أو جثثنا ... فاليوم شهدت عدن أول ثورة جياع سلمية ، في كل مراحلها العصرية ، هذه الأنتفاضة التي انطلقت من قبل ضباط و ضباط الصف وجنود من كلتا المؤسستان الداخلية و الدفاع في عدن وبمعية ( المنطقة العسكرية الرابعة ) و بقيادة اللواء الركن/ صالح علي زنقل/ رئيس الهيئة العسكرية ، و بدعم و تخطيط من شخصيتان ( المنظر و الداعم ) مرموقتان ومشهود لهم في مثل هذه المواقف الجبارة الوطنية بأمتياز ، و في مقدمتهم الفرقة الموسيقية للمنطقة العسكرية الرابعة التي ستنقل عبر سيمفونيتها أصوات جوع البطون إلى حكومتنا النائمة في الرياض ، و ايضآ إلى التحالف و المجتمع الدولي اللذان يصبان شلال أهتمامهم إلى أهدافهم السياسية المستقبلية المصلحية فقط ، هذه الأهداف التي خلقت في عيونهم مياة بيضاء إن لم تكن أعيونهم عمياء ، ليغضوا بصرهم بل يسلخوا من قلوبهم الرحمة و الأنسانية و يتقاعسوا و يتجاهلوا عن رواتب هذة الأمة و لمدة أربعة أشهر من سنة 2020 م ، وايضآ ستة أشهر ما بين 2017 م و 2018 م ، متناسين أن هذه الرواتب هي السبيل الوحيد للمنتفضين لأشباع بطون أسرهم لعلهم ينسوا معاناتهم من الحروب والأبئة .. فيا تحالف لا تبرر لنفسك بقول أن الرواتب ليست من شأنكم و أنها من شأن حكومتنا التي أسكنتها في أرقى الفنادق و أطعمتها أفضل الأطعمة، بل لم تبخل عليها بالصرفة وتوابعها التي جعلتهم يحلوا محل مغتربينا في السعودية و الأمارات ولا يريدوا العودة إلى اليمن ، فمثل ما تعاملوا مسؤولينا برفاهية و إهتمام ، يجب عليكم أن تعطوا الشعب اليمني واحد بالمائة من هذا الأهتمام ، أو ربما أنك ( التحالف ) متخصص فقط بالأهتمام بالمسؤولين و ليس بالمواطنين ، فعندما أعلنت عاصفة الحزم وفيت بوعدك ، ولكن عندما ابتكرت لنا عاصفة الأمل التي بها أنشدت لنا أجمل الألحان الموسيقية لإجمل البوم بعنون ( وعود وهمية زائفة ) ، حيث أننا لم نرى أمل ( الأعمار ) ولا حتى أبن أمل ( الراتب ) و الشي الوحيد الذي استفدنا من عاصفة الأمل أن الراتب لا يأتي شهريآ بل فصليآ أو سنويآ وراتب شهر واحد فقط لكل فصل أو لكل سنة ، فيا تحالف إجعل أولوياتك الامور المعيشية قبل الامور السياسية المستقبلية ، و مثل ما ضغطت على حكومتنا بوقف اطلاق النار و تنفيذ اتفاق الرياض ، أكمل جميلك ،و اضغط عليهم بتنفيذ أتفاقية الراتب قبل المجاعة. وأنت يا المجتمع الدولي ، يامن تنطق بنود مواثيقك عن الحرية و العدالة و الأنسانية، ولم نرى سوى البنود السياسية التي تسعى إلى تقسيم اليمن و التي طبقتها ونجحت على أرض الواقع ، و تناسيت ، وعن قصد ، معاناة هذا الشعب ، إذا يجب عليك أن تضغط على المعنيين وتصب جزء بسيط من إهتمامك للحوثي إلى إهتمامك برواتب المواطنين ، أو ربما يا المجتمع الدولي أنك متخصص فقط بالأمور السياسية حتى وإن كانت نتائجها المجاعة وعبر جسور أجسادنا الجائعة ، حالك كحال التحالف ....