بقلم: عبدالله فيصل باصريح في مثل هذا اليوم 8 يوليو من العام 1972م تم اغتيال الأديب الثائر الفلسطيني "غسان كنفاني" في بيروت، في إنفجار سيارة مفخخة على أيدي عملاء إسرائيليين، وفي ذلك اليوم وقفت "غولدا مائير" رئيسة وزراء إسرائيل لتُدلي بتصريح حول الحادثة، فقالت :( اليوم تخلصنا من لواء فكري مُسلح فغسان كان يشكل خطراً على إسرائيل أكثر مما يشكله ألف فدائي مسلح!) فقد اصدر غسان حتى تاريخ وفاته المبكر ثمانية عشر كتاباً، وكتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني. يا له من اعتراف ياغسان، ماذا فعل بهم قلمك؟! هل أنت متاكداً أنك تضع حبراً على ورق أو أنك تضع متفجرات على شكل كلمات، اعتراف أعدائك بخطورتك هذا وسام شرف لك ولكل ثائر يحمل قلماً، كلماتك التي على شكل مقال هي رصاص في وجة المحتل، قلمك هو مدفعية تضرب به عدوك، وإلا ما هو الخطر الذي يشكله كاتب صحفي لا يمتلك إلا قلم وورق، لكن يبدو أن القلم يصبح سواطاً يُجلد به الاعداء والمحتلين، هذا الدرس الذي قدمه لنا الأديب الثائر غسان، أن الحروب لا تُخاض بالمدفعية والبندقية فقط، وهذا ما تبين من تصريح رئيسة وزراء إسرائيل. إسرائيل تعرف أن المعركة ليست معركة بندقية فقط، وانما معركة فكر ووعي بالدرجة الأولى، لأن البندقية الجاهلة تقتل ولا تحرر، وقد كان غسان واعياً ويؤمن بقضيته إيماناً راسخاً، فالحروب لا تحتاج إلى بندقية وصاروخ فقط وأن كان هذا من أنبل صور الصراع ومن أهم عتاد الحروب، ولكن هناك صراع ثقافة ووعي، فالعدو الذي لا تستطيع أن تصوب عليه بالبندقية تستطيع أن تجلده بقلمك، وكما قيل الاعلام نصف الحرب، بل الحرب كلها، هناك بلدان تسقط بالاعلام دون إطلاق طلقة واحدة، فالحروب الآن حروب ثقافة ، فالوطن عبارة عن ثقافاتنا وفكرنا وعاداتنا وتقاليدنا ولغتنا. إسرائيل تريد أن تقابل ألف فدائي مسلح بالبندقية، ولكنها لا تريد أن تواجه شخص واحد مسلح فكرياً، فالعقول المنيرة، والأفكار الواسعة، هي التي تشكل خطراً على إسرائيل، لأن الهزيمة العسكرية هي خسارة معركة، بينما الهزيمة الثقافية هي خسارة الحرب كلها!